الخلافة والفتنة الكبرى

بقلم : الأستاذ الدكتور الشيخ محمد عبدالله الأسوانى

سلسلة علوم أخر الزمان :

عندما نتكلم عن الفتنة الكبرى ، فلابد ان نتكلم بشئ من التفصيل عن الخلافة لأن لهما ارتباط بهذا الخليفة الذى سوف يكون فى آخر الزمان.
والخلافة فى تعريفها الاشمل هى خلافة الانسان فى الارض قال الله تبارك وتعالى “إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ” سورة البقرة : 30، والخلافة فى الاسلام هى من يخلف النبى صلى الله عليه وسلم فى امته والمقصود بها مراعاة امور الناس الدينية والدنيوية، فالصحابة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم اجتمعوا فى سقيفة بنى ساعدة ، وجميعنا يعلم ما اراده الانصار حيث انهم ارادوا ان يجعلوا الخليفة منهم ولكن فى النهاية اجتمع الجميع على خلافة سيدنا ابو بكر الصديق الصحابى الجليل الذى كان مُعيناً للنبى صلى الله عليه وسلم فى دعوته وفى رسالته من مبدأها الى نهايتها ، فاجمعوا على اختياره الخليفة الاول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونعلم ان اخر من بايع الصديق هم بنو هاشم.

فبنو هاشم كانوا يرون انهم هم الاحق بالخلافة لمكانتهم من النبى صلى الله عليه وسلم ، وفى الصبابة من بنى هاشم هو الامام على بن ابى طالب ولكن تم الاختيار على الصديق وبايع بنو هاشم سيدنا ابو بكر على الخلافة ووقفوا معه فى حروب الردة.

ثم لما توفى سيدنا ابو بكر استخلف سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق، وسار بسيرة حسنة احيا فيها سنة النبى صلى الله عليه وسلم واقام العدل فى امته ، ثم تولى سيدنا عثمان الخلافة بعد الفاروق.

الفتنة الكبرى:

بدأت الفتنة الكبرى فى اواخر خلافة سيدنا “عثمان بن عفان” وما حدث فى عهده من الفتن والحروب وخروج الخوارج وفى النهاية قتل الخوارج سيدنا “عثمان” فى داره.

ثم اجتمع الناس على خلافة سيدنا على بن ابى طالب كرم الله وجهه ، كل هذه الاحداث كانت تدور والخلاف والتشتت يظهر اكثر بين المسلمين فى عهد سيدنا عثمان او بالاحرى فى اواخر خلافة سيدنا عثمان.
ولما تولى امر الخلافة سيدنا “على بن ابى طالب” وهو اول رجل من بنى هاشم ورابع الخلفاء الراشدين كانت الفتنة على اشدها، ثم تطلع “معاوية بن ابى سفيان” الى الخلافة فاتخذ من قميص عثمان ذريعة لاستيلائه على الخلافة وبعد ان استولى عليها لم يثأر لدم سيدنا “عثمان” رضى الله عنه وهو وما قامت عليه فتنة اهل الشام ظاهرياَ وكانت طمعاً فى الخلافة لا غير .

ولم تصفو الخلافة يوماً للإمام على رضى الله عنه، على الرغم من انه سار فيها بسيرة النبى صلى الله عليه وسلم وبعدله ، حتى روى فى هذا ان احد اخوة الامام “على” وهو “عقال” كان عليه دين نحو اربعين الف دينار او ما شابه، وذهب للامام “على” ليقضى عنه دينه من بيت المال فقال له الامام على “عطائى فى السنة اربعة الاف فخذ عطائى كله لك” ، فرد عليه عقال وما ينفعنى عطائك ـ يعنى انه لن يسد شئ من دينه ـ ولكننى سوف اذهب الى معاوية ، وبالفعل ذهب الى معاوية فاخبره بدينه فسأله هل ذهبت لاخيك؟ فذكر له ما حدث ، ففتح معاوية له الخزائن وقال له “خذ منها ما شئت” فقال له معاوية : هل انا خير ام على؟ ، فقال عقال  “اردت على على دينه فلم يجبنى واردتك على دينك فبعته” ـ او ما شابه هذا القول ـ.

فالامام على كان حازماً وصارماً وزاهداً وورعاً وتقياً رضى الله عنه فى فترة خلافته وعندما يتكلم الناس عن الخلافة الراشدة ففى مجملها يقصدون خلافة هؤلاء الخلفاء الراشدين الاربعة ، لانها كانت تقوم على اتباع سنة النبى صلى الله عليه وسلم وعلى اقامة العدل فى الامة الا فترة القلاقل فى اواخر عهد سيدنا عثمان والتى قيل فيها اقوال كثيرة.

وبعد ذلك اخذ الخلافة معاوية بن ابى سفيان ، وكلنا يعلم قصة ام معاوية هند بنت عتبه قبل الاسلام وهى كانت زوجة الفاكه بن المغيرة ، وهذا الرجل اتهم زوجته هند بنت عتبة بالزنا وفى هذا قصة معروفة وهى انهم ذهبوا لى رجل عراف فى اليمن ذهب بها ابيها “عتبة” ومعها زوجها الفاكه ـ فقالت هند لابيها “يا ابتى اننى ذاهبة الى رجل فان رمانى بهذا الامر اصابتنى معرته الى اخر الدهر وهو رجل يصيب ويخطأ” فقال له ابوها “عتبة” اننى ساختبره ، ففعل “عتبة” شئ من الاختبار لهذا الرجل فوجده انه قد نجح فيه ، فنظر العراف اليها وتكلم ان هذه المرأة بريئة وانها سيخرج منها رجل يملك العرب ملك العرب فاراد زوجها ان يراجعها فقالت “انى سأحرص على ان لا يكون هذا الملك من نسلك” ، ثم آلت الخلافة والملك الى معاوية بعد تنازل سيدنا الحسن بن على عن الخلافة لمعاوية ابن ابى سفيان على ان تكون الخلافة لسيدنا الحسن بعد وفاة معاوية، ثم انتهى الامر باستشهاد سيدنا الحسن بن على بالسم الذى دسه له الامويون.

ثم بعد مقتل الامام الحسين وخروجه على يزيد بن معاوية وما حدث من قلاقل وفتن فى هذه الفترة ولم يلبس يزيد الا فترة وجيزة فى الحكم ثم توفى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *