من هو الله ومن نحن فلسفة التأمل
18 سبتمبر، 2024
بستان الصالحين
المفكر العربى : خالد ابو الروس
المسألة تحتاج لقدر كبير من الصفاء الروحى النسبي الذى لا نستطيع التحصل عليه إلا مع دوام التأمل كلما سنحت لنا الأوقات بذلك، وإنه والله لهو الرزق الحقيقى إذا ما رزقناها هذه الأوقات .
فعبر ما يثمره التأمل فى حقيقتك أيها الإنسان؛ يمكنك تدمير أي حزن، وعدم الاعتداد بأي فرح ، والاستطاعة على أي عذاب، والارتفاع على كل تعس أو ألم، أو هموم أو غموم فى هذه الدنيا مهما كانت سطوتهم ووطأتهم وكأنهم كعدمهم .
حين يكتنفك الشعور أيها الإنسان بأنك الوهم ذاته، والحقيقة هى ربك الله خالقك .
فلا معنى بعد ذلك لأي فرح ، ولا شأن إذن لأي نجاح أو انتصار غنمته ، ولا قيمة لأي مكانة أو مقام دنيوي وصلت إليه، وكذا لا معنى لأي حزن، ولا اعتبار لأي ألم ، ولا انتباه لأي ضعف، أو انشغال بأي ضياع أو قيمة فقدتها، أو مكانة لم تصل اليها ، فى ظل فناؤك فى شعور أنك لم تكن قبل، وكان الله ولا شيء سواه! .
ولا معنى .. لا معنى لأي اهتمام كبير بحكايات هذه الدنيا كلها، طالما ستتحول أنت والجميع فى النهاية القريبة إلى ذر متطاير أو مهمود فى التراب العتيق .
فما هو انتصارك وقتئذ ؟!
وما تكون مكانتك أو غنيمتك التى غنمت ؟! .
أو ما يكونون من كنت تصبو إلى مكانتهم ؟! .
من ساعتها يا ترى يكونون هؤلاء المحتلون لهذه الدنيا .. الساطعون دوما فيها .. المستحوذون ، الظالمون لك المبخسون ؟! .
وهل كان حقا فرحك أو نوالك ، أم حزنك على الفقد أو على ضياعك بينهم ؟!
أنظر الآن لو كان لديك نظر .. لقد تحولت أجسادكم أنت وهم، بعد أن طرحوكم القوم ونسوكم ؛ مجندلين فى تراب الحقيقة إلى أشباح بعيدة ؛ محذوفة منكم ملامحكم، ممحوة المعالم كلها، مأكولة أوصافكم ، هالكة عقولكم التى كنتم تختالون
أفلم أقل لك أنت الوهم ذاته ؟! .
لقد صرتم جميعا كالأشباح أو كالهواء الذى لا يرى ، أين أنتم ؟!هو الله يعلمكم .
أجل يا صاحبى إن إشراق حقيقة الله اليقينية هناهنا إنك تدرك الآن من هو الله، ومن هو الكبير، ومن هو الحق والصدق، ومن هو كل شيء، ونحن الاشيء نحن الفانون، نحن الغير حقيقيون .
هذه الكلمات يا صديقى لو تأملتها جيدا، رفعتك فوق آلام هذه الدنيا وطيباتها أيضا، وجعلتك فارغا إلا من حقيقة الحقائق وسعادة السعادات الله الواحد الأحد.
ثم سنبقى ونبقى مهما تحطمت أرواحناولو هاج علينا ألف بركان وباغتنا ألف ألف زلزال سنتذكر ونبقى ونسعدبمعرفتنا العظمى لأنفسنا كلما فتحت فى أرواحنا فتوحات الشعور والهبات
أن كنا حبات أو بلورات من هذا المني العجيب المنقول من عالم ألاإستطاعة على الفهم عالم الدهش وهل كنا شيء كى نستطيع فهم شيء
أن كنا فى سرمدية الأزل لم نكن ولا كانواولم يكن إلا هووسنكون فى الأبد ذر فى التراب لا يرى ينتظر مولاه
ونبقى وسنبقى بين أرجاء هذا الشعور الكاشف الجبارفى عالم لطيف من السعادة والراحة الكبرى
سنبقى نحن السعداء فى بوتقة الجمال والدهش العظيم أن كنا حبات أو بلورات
نثرنا فى هذا الوجودوكان هو الله العظيم .