إذا أردت السلامة من الناس… فابدأ بسلامتهم منك

بقلم فضيلة الشيخ : إبراهيم رضوان
مسؤل المركز الإعلامي باوقاف القاهرة

في عالمٍ تزداد فيه الشكوى من أذى الناس، وتكثر فيه الخلافات والقلوب المثقلة…

ينسى كثيرٌ منا قاعدة ذهبية تختصر كل طريق للراحة والطمأنينة:

“إذا أردت السلامة من غيرك، فاطلبها في سلامة غيرك منك.”

نعم… قبل أن تشتكي من أذى الآخرين، قف مع نفسك واسأل:

 هل أنت مصدر أمان… أم مصدر أذى؟

 أولًا: أذى اللسان… القاتل الصامت

قال النبي ﷺ: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.”
(متفق عليه)

اللسان لا يُكسِر العظام…
لكنه يكسر القلوب، ويمزق العلاقات، ويطفئ المحبة.

 

 الغيبة:
تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.

 النميمة:
تنشر الفتن وتزرع العداوة بين القلوب.

 السخرية والهمز واللمز:
قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم…” (الحجرات: 11)

ولسانك على وسائل التواصل يُكتب عليك كما يُكتب كلامك في المجالس.

 ثانيًا: تتبع العورات والتجسس

كثيرون يفتحون جوالات غيرهم، أو يراقبون الحسابات، أو يدخلون بحساب وهمي ليراقبوا حياة الناس…
يسمونها “فضول” أو “حب معرفة”…
لكنها عند الله: حرام، تجسس، خيانة.

قال رسول الله ﷺ: “من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته.” (رواه الترمذي)

وتأمل هذا الأدب الرباني:
“ولا تجسسوا…” (الحجرات: 12)

 ثالثًا: مشاركة الإشاعات عبر مواقع التواصل

كلنا رأينا منشورات تنشر فضائح، أو مقاطع تسيء لأشخاص، أو أخبار لا أصل لها…

قال الله تعالى: “إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم…” (النور: 19)

ليس شرطًا أن تكون أنت من كتبها…
مجرد مشاركتها، نشرها، أو حتى التفاعل معها…
يجعلك شريكًا في الإثم.

قال ﷺ: “كفى بالمرء كذبًا أن يُحدّث بكل ما سمع.” (رواه مسلم)

 رابعًا: الفضول في أحوال الناس

الفضول مرض، يلبس ثوب “الاهتمام”، لكنه يهدم العلاقات ويجرح النفوس.

كم من القلوب كُسرت بأسئلة:

• ليه ما تزوجت؟
• ليه ما أنجبت؟
• كم راتبك؟
• ليه انفصلت عن زوجتك؟

سؤال في غير موضعه قد يُشعل نارًا في قلب غيرك…
وقد يُعيده إلى حزنٍ ظن أنه تجاوزه.

قال النبي ﷺ: “من حسن إسلام المرء، تركُه ما لا يعنيه.”
(رواه الترمذي)

⚠️ نتائج خطيرة… يدفع ثمنها الإنسان بنفسه

من يؤذي الناس بلسانه أو فضوله أو كلماته:

• يفقد بركة عمره.
• يعيش في قلق داخلي دائم.
• يصبح منبوذًا اجتماعيًا ولو ظن نفسه محبوبًا.
• وربما يكون سببًا في تدمير حياة إنسان بلا أن يشعر.
• ويُخشى أن يُعامله الله بنفس ما فعل:
“كما تدين تدان.”

 كيف نبدأ التغيير؟

1 – أمسك لسانك: لا تتكلم إلا بخير.
2 – لا تتبع العورات: دع الناس وشأنهم.
3 – توقّف عن نشر كل شيء: ليس كل ما يُقال يُعاد نشره.
4 – املأ قلبك بالرحمة: فالناس ليسوا جدرانًا بل بشر لهم مشاعر وخصوصيات.

 خاتمة: هل الناس آمنون من لسانك وقلبك؟

يا من تريد الراحة والهدوء…
ابدأ أنت بصنعه في حياة الناس.
لا تطلب السلامة… وأنت تُؤذي.
لا تطلب الاحترام… وأنت تُفضح.
لا تطلب الطمأنينة… وأنت تُنشر القلق.

قال الله تعالى:

“هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” (الرحمن: 60)

 شارك هذه التذكرة… فلعلها تكون سببًا في إيقاف كلمة، أو ردع أذى، أو فتح باب خير لك في الدنيا والآخرة.