وقفات إيمانية في الحج: رحلة العمر ومعاني تتجدد
30 مايو، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الشيخ : ايهاب توفيق عبد الفتاح
( امام وخطيب بالاسكندرية )
مقدمة:
الحج ليس مجرد شعيرة تؤدى، بل هو رحلة روحانية تتجدد فيها المعاني، وتُصفّى فيها القلوب، وتُغسل فيها الذنوب.
في كل نسك من مناسك الحج رسالة، وفي كل موقف وقفة، لو تأملناها بقلوب حية، لعدنا بعدها بغير القلوب التي ذهبنا بها.
في هذا المقال، نقف معك في وقفات إيمانية من الحج، ونكشف لك عن رسائل ربانية عظيمة، ومشكلة تحتاج إلى تصحيح.
1. التلبية: إعلان العبودية وتجديد العهد
من اللحظة الأولى التي يقول فيها الحاج: “لبيك اللهم لبيك”، يعلن استسلامه لله عز وجل، ويجدد عهده بالخضوع والطاعة.
إنها ليست مجرد كلمات، بل هي صيحة صدقٍ من قلبٍ اختار الله على الدنيا، ومن روحٍ تاقت للقرب من الحبيب الأعلى.
> الوقفة: هل ما زلنا نعيش هذا المعنى بعد التلبية؟ أم أنها مجرد ترديد بلا حضور قلب؟
2. الوقوف بعرفة: محطة المغفرة وفرصة العمر
عرفة هو اليوم الذي يباهي الله فيه بعباده، قال النبي ﷺ:
“ما من يوم أكثر من أن يُعتِق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة” [رواه مسلم].
> الوقفة: كيف نغتنم هذا اليوم؟ هل نحضّر له بالدعاء؟ أم نضيّعه في السهو والحديث والثرثرة؟
3. رمي الجمرات: رمز مقاومة الشيطان
الحاج حين يرمي الجمرات، فهو لا يرجم حجارة، بل يرجم الغرور، الكبر، المعصية، والهوى، يعلن رفضه لكل وساوس إبليس.
> الوقفة: هل نحن نرجم الشيطان فعلاً، أم نعود بعد الحج لنتّبعه كما كنا؟
4. الطواف والسعي: ارتباط بالبيت ومجاهدة النفس
الطواف حول الكعبة هو إعلان حب لله، وتعلّق ببيته، والسعي بين الصفا والمروة هو تذكير بجهاد هاجر وسعيها، وهو درس في التوكل.
> الوقفة: هل سَعْينا في حياتنا اليومية فيه نية خالصة لله كما سعت هاجر بحثًا عن ماء لابنها؟
5. المشكلة: الحج تحول عند البعض إلى سياحة!
للأسف، من الوقفات المحزنة في زماننا، أن بعض الحجاج صاروا يعتبرون الحج سفرًا سياحيًا، يحرصون على الصور أكثر من الخشوع، وعلى التصوير أكثر من التدبر، ويفوّتون المشاعر الإيمانية وهم مشغولون بالجوالات والسوشيال ميديا.
> الوقفة: هل نؤدي الحج لنُرضي الله أم لنُرضي المتابعين؟
خاتمة: اجعل حجك بداية لا نهاية
الحج الحقيقي ليس ما حدث في مكة فقط، بل ما تبقى بعده في قلبك وسلوكك.
اجعل من حجك نقطة تحوّل، وعاهِد ربك أن تعود جديدًا، طاهرًا، ثابتًا على الطريق.