الإخلاص عند الأولياء
16 مايو، 2025
منهج الصوفية

بقلم الشيخ : السيد امام الدمرداش
يرى الأولياء والصالحون أن الإخلاص هو جوهر العبادة وأساس كل عمل، بل إن الأعمال بدون إخلاص كالأجساد بلا أرواح.
لذلك أدرك الصالحون والأولياء عظمة هذا المعنى، وجعلوا الإخلاص محورًا تدور حوله العبادة، فبه تُقبل الأعمال ويُجازى العبد بالحسنات، وبدونه تُرد الأعمال ولا تُقبل.
تعريف الإخلاص:
عرفه الإمام الجنيد بقوله: “الإخلاص سرّ بين الله والعبد، لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطانٌ فيفسده، ولا هوى فيميله.”
كما عرّفه الإمام أبو حامد الغزالي بقوله: “الإخلاص تصفية العمل من كل شَوب، وهو أن لا يكون فيه باعث سوى التقرب إلى الله تعالى.”
ومن أوجز وأبلغ ما قيل في تعريف الإخلاص ما ذكره فضيلة الشيخ الدكتور هشام الكامل الشافعي الأزهري، حين قال في أحد مجالس العلم:
“الإخلاص هو أن ترى الله في العمل، والرياء هو أن ترى الناس في العمل.”
ويكفي في فضل الإخلاص أنه سرّ قبول الأعمال عند الله عز وجل.
وإذا أردت أن تعرف جزاء هذا العمل القلبي العظيم، فهيا بنا نستعرض بعضًا من آثار الإخلاص:
قبول الأعمال: قال تعالى:﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [غافر: 14]
النجاة من الفتن: كما في حال يوسف عليه السلام، قال تعالى:
﴿كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلْفَحْشَآءَ ۚ إِنَّهُۥ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: 24]
النجاة من العذاب يوم القيامة: وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه: رجل استُشهد، فأُتي به، فعرّفه نعمه، فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استُشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليُقال: جريء، فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
ورجل تعلم العلم وعلّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به، فعرّفه نعمه، فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلمت ليُقال: عالم، وقرأت ليُقال: قارئ، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأُتي به، فعرّفه نعمه، فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن يُنفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليُقال: جواد، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار.” رواه مسلم.
نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.