من رسائل سيدي برهان الدين أبو الإخلاص رضي الله عنه وأرضاه في ديوان أهل الذكر

إعداد فضيلة الشيخ : السيد محمد السيد البلبوشى ( إمام وخطيب بوزارة غرب الإسكندرية )

إلي إخواننا فِي اللّٰهِ وأحبائِنا كَافَّةَ حفِظَكُمْ اللّٰهُ وَسَـــلامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَة اللّٰهِ تَعَالى ،
أَمَا بَعْدَ فَأُحِبُّكُمْ ــ أَحَبَّكُمْ اللّٰهُ وَرَسُــولُهُ ــ وَأَنْ تَقُومُوا بِالْوَظَائِفِ الدِّينِيَّةِ الْقلبِيَّةِ والقَالِبيَّةِ فَفِيهَا السّعّادةُ الأُخْرَويَّة وَالرَّاحَة الأبدية

فَمَن الْوَظَائِفِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ اعْتِقَادِ مَعْنَاهُمَا الَّذِي هُوَ ثُبُوتُ الْوَحْدَانِيَّةِ لِلّٰهِ ذَاتاً وَصِفَةً وَفِعْلَاً ، وَثُبُوتُ رِسَالَةِ مَولَانَا رَسُولِ اللّٰهِ ﷺ مَعَ تَصْدِيقِهِ فِيمَا جَاءَ بِهِ اللّٰهِ ،

وَاتِّبَاعِ أَوامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ ، فَمِنْهَا وَهُوَ أَهمُّها الشَّهَادَتَانِ وأَداءُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي أَوْقَاتِهَا الْمُعَيِّنَةِ لَهَا مَعَ إيقاعِها فِي الْجَمَاعَةِ ، والإِتيانُ بِجَمِيعِ شُرُوطِهَا مِنَ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى ، واستقبالُ الْقِبْلَةِ ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ ، وإتقانُ الْوُضُوءِ بإِتقانِ الاستبراءِ الَّذِي هُوَ اسْتِفْرَاغُ مَا فِي الْمَحَلَّينِ مِنْ الأذَي ، وَمَعَ الاســــتِجْمَارِ بالأحجارِ

إِن أَمْكَنَ ، وَالْغُسْـــلُ بِالْمَاءِ بَعْدَهُ وَالإتْيَانُ بِجَمِيعِ الْفَرَائِضِ وَالسُّـــنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ ،وَلَابُدَّ مَعَ هذا مِنَ المُحافظَةِ عَلَى النَّوَافِلِ كَالْوِتْرِ وَالرَّوَاتِبِ الْقَبْلِيةِ والبَعْدِيَّةِ وَمِنْهَا الزَّكاةُ فَأُدُّوهَا إنْ وَجَبَتْ عَلَيْكُمْ وَلَابُدَّ فَإِنَّهَا طَهَارَةٌ وَبَرَكَةٌ وَسَبَبٌ لِلْغِنى ، واحفظو مَعَ هَذَا جوارِحَكُمْ التى هى الأُذُنُ

وَالْعَيْنُ وَاللِّسَانُ وَالْبَطْنُ وَالْيَدُ وَالْفَرْجُ وَالرِّجْلُ مِنَ الْمَنْهِيَّاتِ ، فَلَا تَسْـــمَعُوا إلا الْوَعْظَ وَالذِّكْرَ والأمرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهىَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَلَا تَنَظُرُوا إلى مالا يَحِلُ لَكُمْ مِنْ النِّســاءِ والأمتعةِ ،

واحْفَظُوا ألسِـــنَتَكُم مِن الْكَذِبِ والغِيبةِ والنميمةِ وَالزُّورِ وَالبُهتَانِ ، وَ أيدِيَكُمْ مِنْ إذايةِ النَّاسِ فى أبدانِهمِ وأمَوالهم وَبُطونَكُم مِنَ الْحَرَامِ ، وَفَرُوجَكم مِنْ مُمَاسَّةِ مَا لَا يَحِلُ لَكُمْ ، وَأَرْجُلَكُمْ مِنَ المَــشْــى فى غَيْرِ طاعةِ اللّٰهِ وَقَلُوبَكُمْ مِنْ الْعُجْبِ وَالْكِبْرِ والرياءِ وَالْحَسَدِ ، وَالْبُغْضِ وَالْغِلِّ وَالْحِقدِ وَالْغِشِّ و الخَدِيعَةِ وَالمُدَاهَنَةِ ، وَحُبِّ الريَاسَةِ وَالتَّقَدُّمّ وَحُبِّ الْمَدْحِ وَخَوْفِ الذَّمِّ وَالْاهْتِمَامِ بِالرِّزْقِ وَالْخَوْفِ مِنَ الْخَلْقِ ،

وَتَفَكَّرُوا فى مَصْنُوعَاتِ اللّٰهِ ، واستحضِــــروا اطِّلَاعَهُ عَلَيْكُمْ فى جَمِيعِ الْحَالَاتِ , ولاتستعظِموا هَذَا فَإِنَّهُ سَهْلٌ أَنْ اســـتَعَنْتُمُ عَلَيهِ بِاَللّٰهِ ، ثُمَّ الْمُؤَكَّدُ بِهِ عَلَيْكُمْ الْاجْتِمَاعُ لِذِكْرِ اللّٰهِ فى وَقَتَ فَرَاغِكُمْ مِنَ الْأَشْغَالِ ، وَخُصُوصَـاً . . . فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، وَفِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ ففى ذِكْرِ اللّٰهِ فِى هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ مِنَ الْفَضْلِ وَالثَّوَابِ شَئٌ عَظِيمٌ ، وَتَزَاوَرُوا فى اللّٰهِ ، وَتَحَابوُّا فِيه , وَوَاسُوْا مُحْتَاجَكُمْ ،

وَصِـلُوا أرحَامَكُم ، وَعَودُوا مَرَضَاكُمْ ، وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ، وَاحْتَمَلُوا أَذى مِنْ آذَاكم ، وَلَا تُجَالِسُوا مِنْ يَقْطَعُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَلَا تُخَالِطُوهُ ، فَإِنَّه يُمِيتُ قُلُوبَكُمْ وَفى مَوْتِهَا فَسَادُ الدِّينِ ، وَضَعْفُ الْيَقِينِ ، وَفى ذِكْرِ اللّٰهِ ذِكْرُهُ وَرِضَــاهُ وَمُجَالَسَــتُهُ وَطُمَأْنِينَةُ الْقَلبِ ، وَفى الْاجْتِمَاعِ عَلَيْه رِياضُ الْجَنَّةِ وَغِشْـيَانُ الرَّحْمَةِ وَنُزُولُ السَّكِينَةِ وَحُفُوفُ الْمَلَائكةِ حَسْبَمَا وَرَدَتْ بِهِ الأخْبارُ وَصَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللّٰهِ ﷺ الْآثَارُ ،

وإيّاكم وَالْإِنْصَاتَ لَمِنْ يَصُـدُّكُمْ أَو يَلُومُكُمْ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ مَارِدٌ ، وَمَطْرُودٌ شَارِدٌ ، وَلَا تُسـيئوا لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِ اللّٰهِ , وَلَا تَخَافُوهُ وَلَا تَرْجُوهُ ، فَإِنَّ الأمورَ كُلِّهَا بِيَدِ اللّٰهِ لا يملِكُ أَحَدٌ لأَحَدٍ مِنْهَا ضَرَّاً وَلا نَفْعَاً وَلَا خَفْضَاً وَلَا رَفْعَاً ،

وَصُـونُوا قُلُوبُكُمْ مِنَ الطَّمَعِ فى الْخَلْقِ , فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ وَالذُّلُّ الظَّاهِرُ واعلمو أَنّكُم إنْ فَعَلْتُمْ هَذَا ثَبَتَتْ خُصُــوصِــيَّتُكُمْ وَنِلْتُم مَطْلُوبِكُمْ مِن رَبِّكُمْ أعانَكُمُ اللّٰهُ وَقَوَّاكُمْ
وَمِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ حَفِظَكُمْ ووقَاكُم وَالسَّلَامُ .

اترك تعليقاً