في رحاب الشاذلي
28 أبريل، 2025
أولياء أمة محمد

بقلم الكاتب والداعية الإسلامى
الدكتور : سيد مندور
كان سيدي أبو الحسن الشاذلي قد نشأ وسكن في طنجة بالمغرب ، وتلقى علوم الشرع والدين فيها حتى فتح الله عليه في باب المعارف والأذواق الربانية ، فترك المغرب كي يبحث عن شيخٍ يتلقّى منه الفتوحات والإرشادات ، فارتحل إلى العراق حتى وصل هناك وسأل عن قطب الزمان فأخبروه أهلها أن قطب الزمان يسكن في المغرب في خلوة بجبل يسمي جبل ( عَلَمْ ) ، فعاد مرةً أخرى لبلاده والتقي بقطب الزمان سيدي عبد الله بن بشيش ( مشيش ) وجالسه وأخذ منه وعنه حتى توفّي ، فانتقل بعدها سيدي ابو الحسن الشاذلي إلى تونس وأخذ خلوة في مغارة فيها وكان يتردد عليه ٤٠ طالباً فتلقّوا عنه علوم الشريعة والحقيقة وجالسوه حتى أجازهم فيما أخذوا عنه واشتهروا بإسم ( أهل المغارة )
ثم ذهب بعدها إلي مصر وسكن الأسكندرية واستقر بها وقد كان له مجلس علمٍ فيها وتردد عليه الكثير من الطلاب والفقهاء والصالحين ليتلقوا منه وعنه ، وكان من أبرز طلاّبه ومجالسيه سيدي أبو العباس المرسي ( المرسي أبو العباس ) ، والذي قد أتى من مرسيه ( أسبانيا ) بسبب رؤيا رآها لسيدي أبي الحسن الشاذلي من قبل أن يلتقي به
وقد أتخذه سيدي أبو الحسن الشاذلي تلميذا مجالسا له حتى كان يقول له ( يا أبي العباس إنك أنت أنا وأنا أنت ) ، وكان مصاحبا له في الحج كل عامٍ ، حتى عام ٦٥٦هجريا حين استعدا الاثنان لرحلة الحج المعتادة لكن هذه المرة قال سيدي أبو الحسن الشاذلي لسيدي المرسي أبو العباس أن يأخذ معه مجرفة وكفنا ، فلمّا سأله عن السبب قال له : في حميثرة سوف ترى
وكانت حميثرة طريقا للحجاج في ذلك الوقت وكان سيدي أبو الحسن الشاذلي معتادا أن يستريح فيها أثناء ذهابه وإيابه من الحج ، فلمّا وصلا إلي هناك توفي سيدي أبو الحسن الشاذلي ، فحفر له قبره سيدي المرسي أبو العباس وكفّنه ودفنه في الغرفة التي كان قد بناها سيدي أبو الحسن الشاذلي لتكون استراحة له في طريقه إلى الحج
ثم ترك علامة على قبره وعاد مرة أخرى إليه مع جماعة من طلابه وتلاميذه فشيّدوا على قبره شاهدا ومقاما ثم أحاطوه ببناء صغير
وظل هذا المقام والبناء على حاله يعرفه الحاجّون ويقصدونه في طريقهم إلي الحج لمدة زادت عن ٧٠٠ عام ، حتى تحوّلت طرق الحج وتغيرت مع تقدم وسائل التنقل والسفر وقلَّ مرتادون هذا الطريق ، ومع نهاية الربع الأول من القرن العشرين ما بين عام ١٩١٥-١٩٢٥ميلاديا عاد الإهتمام إلي بناء مسجد كبير لسيدي ابو الحسن الشاذلي عند مقامه حتى لا يندثر مع مرور الزمان ، حتى بدأ التطوير والإنشاء الحقيقي في وادي حميثرة لإحياء هذا المكان فبني المسجد وبنيت حوله الساحات وتحوّل وادي حميثرة إلى قرية صغيرة ،