ادركوا من هلك رأسماله
26 أبريل، 2025
منبر الدعاة

بقلم الدكتورة : حنان محمد ( واعظة بوزارة الأوقاف المصرية )
الحمد لله الذي خلق الإنسان، ونعمه نعمة الزمان، وبارك له في الوقت، ودعا إلى الاستفادة منه قبل الفوت…
والصّلاة والسَّلام على سيدنا محمد، خير من دعا إلى الخير والصّلاح، والإحسان والفَلاح، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الكرام الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين… و بعد:
الزمن نعمة جلّى ومنحة كبرى لا يدريها ويستفيد منها كل الفائدة إلا الموفقون الأفذاذ كما أشار إلى ذلك لفظ الحديث الشريف فقال: (مغبونٌ فيهما كثير من الناس)؛ فأفاد أنا المستفيدين من ذلك قلة، وأنَّ الكثير مفرِّط مغبون.. وتمام هذا المعنى: أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملها في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها الشغل، والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم لكفى؛ وقد أخرج الترمذي عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟).
فهكذا يُسأل الإنسان عن عمره، وكيف صرف الأعوام التي عاشها في الدنيا، لأن الجزاء من جنس العمل: وطالما أمهل الله تعالى الناس من قبل، حتى ظنَّ كثير منهم أنه لا جزاء ولا حساب، وعندما يواجهون بالسؤال يوم القيامة سيدركون قيمة الأوقات التي ملؤوها بالأعمال الفارغة، والأشياء التافهة التي تعتبر قتلاً للوقت، وإضاعةً لهذه النعمة العظمى…
وقد قال عليه الصّلاة والسلام: (بادروا بالأعمال سبعاً: فهل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفندا أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمرّ) [رواه الترمذي].
وكل يوم من الأيام يعجبنا
فإنما هو نقصان من العمر
ورحم الله ابن الجوزي إذ قال:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع!
واخيراً اجعلوا انفسكم ممن قال فيهم رسول الله (خيركم من طال عمره وحسن عمله)..