خطر التصدر للمشيخة قبل التحقق

بقلم فضيلة الشيخ : مخلف العلي القادري الحذيفي
خادم الطريقة القادرية البريفكانية العلية

أيّها السالك…
إن التصوف طريقُ تحقيقٍ لا تزيُّف، وسلوك لا دعوى، وخفاء لا رياء. فإيّاك أن تظن أن المشيخة في هذا الطريق كالمشيخة في العلم أو الخطابة.
شتّان، شتّان!

مشيخةُ التصوف ليست عمامةً تُلفّ، ولا زاوية تُفتح، ولا أتباعًا يُجمعون…
بل هي وراثةُ سرّ، ونفَسُ نبيّ، ونورٌ إلهي يُؤتاه من تحقق، لا من تكلّف.

فكم من أدعياء اليوم “تزبزبوا قبل أن يتحصرموا”،
رفعوا راية “الشيخ” قبل أن تُرفع لهم في السماء شهادةُ التزكية، ونسُوا أن الشيخ يُربّى قبل أن يُربّي!

قال سيدي عبد القادر الجيلاني لأحد تلاميذه: “ما زلتَ فريخًا، لم تتريّش!”

والفرخ إن خرج من عشه قبل أن يقوى جناحه، صار طُعمًا للهوام…

 أخطر ما يفسد الطريق اليوم: أن يُنصّب المريد نفسه شيخًا قبل الأوان! يتزيّا بلباس أهل الله، ويزعم التربية وهو بعدُ لم يُهذّب نفسه…
كيف يداوي وهو عليل؟
كيف يُزكّي وهو لم يُصفَّ؟
كيف يقود وهو في حجاب؟

أهل الطريق الصادقون اختفوا حتى أظهرهم الله… وخدموا الطريق حتى رفعهم الحق… وهربوا من الأتباع حتى أحاطت بهم القلوب!

سُئل أحدهم: متى يُعرَف الشيخ؟
قال: إذا لم يدّعِ شيئًا، وجاءه كل شيء…

يا مريد الطريق : إياك والدعوى، إياك والتصدر، فالطريق طويل، والمشيخة أمانةٌ عظيمة، لا غنيمة.

وختامًا: إن أردت أن تُربّي، فتربَّ أولًا.
وإن رغبت أن تُشير، فامحُ نفسك حتى تُشار إليك.
وإن أردت المشيخة، فاكتمها حتى يشهد بها الحق لا الناس.

مشيخة التصوف ليست للطالب… بل للمطلوب.
وفي الختام نسأل الله أن يعيذ التصوف من مشيخة الصبيان الذين تمشيخوا قبل أن يبلغوا الفطام في الطريق

محبكم وأخوكم في الله
مخلف العلي القادري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *