خطبة بعنوان ( إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا ) لفضيلة الشيخ ياسر عبدالبديع

خطبة بعنوان ( إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا )
لفضيلة الشيخ : ياسر عبدالبديع

لتحميل الخطبة pdf اضغط على الرابط  أدناه

magales alelm yaseer

بتاريخ 18 أبريل 2025 م 19 شوال 1446 هجرية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمَلْءَ مَابَيْنَهُمَا وَمُلْءَ مَاشِئْتَ يَارِبُ مِنْ شَئٍّ بَعْدَ أَهْلِ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَاقَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ اللَّهُمَّ لَامُعْطَى لِمَا مَنَعْتَ وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
سَبْحَانُكَ اللَّهُمَّ خَيْرَ مُعَلِّمٍ عَلَّمْتَ بِالْقَلَمِ الْقُرُونَ الْأُولَى أَخْرَجْتَ هَذَا الْعَقْلَ مِنْ ظُلُمَاتِهِ وَهَدَيَتَهُ النُّورَ الْمُبِينَ سَبِيلًا وَأَرْسَلْتَ بِالتَّوْرَاةِ مُوسَى مُرْشِدًا وَابْنَ الْبَتُولِ فَعَلَّمَ الْإِنْجِيلَا وَفَجَرَتْ يَنْبُوعَ الْبَيَانِ مُحَمَّدًا فَسَقَى الْحَدِيثَ وَنَاوَلَ التَّنْزِيلَا
وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا وَحَبِيبَنَا وَمُصْطَفَانَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا وَرَسُولًا أُوصِيكُمْ وَنَفْسَى بِتَقْوَى اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحُ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرُ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا أُحَدِّثُكُمْ الْيَوْمَ عَنْ مَوْضُوعٍ تَحْتَ عُنْوَانِ

إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا

العنصر الأول : فضل العلم ومنزلة العلماء

لا يوجد دين رفع من قيمة العلم، وأعلى من شأن العلماء كالإسلام، في نصوص تتلى في كل آن وحين، فسورة القلم بدأها الله تعالى بقوله: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} (القلم:1)، كما أن أول آية نزلت من القرآن الكريم لم تأمر بالصلاة، ولا بالزكاة، ولا حتى بالجهاد، وإنما بالقراءة، يقول الله عزوجل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} (العلق:1-3).

وورثنا عن المصطفى عليه الصلاة والسلام، آثارا وسيرا متواترة في تقديم الفقهاء والعلماء والقراء من الصحابة على غيرهم في أهم الأعمال الخاصة بشئون البلاد وتحصيل الأموال وتوزيعها، وفي الحكم والقضاء.
وفي هذا المضمار فإننا نرفع آيات المعروف والتقدير لآبائنا وأجدادنا، الذين أورثونا قيما وحكما نبيلة، وأمثالا ممجدة للعلم والعلماء، فقد عرفوا حق العلم، وقدرته على تطويع الحياة،، وتذليل الصعاب.

نعم، ربما كان بعض أجدادنا أميين، لكنهم لم يكونوا جهالا؛ لأن الجاهل من جهل حق الله وحق الناس، وكم من متعلمي اليوم، وحملة الشهادات يجحدون نعمة الله، وينكرون حق الأمة في رد الدين المناط بأعناقهم.

لقد ورثنا عن أجدادنا قيما ناظمة للحياة ممجدة للعلم، وكانوا يقدسون المسجد والكتاب، ويعتبرونهما من رياض الجنة. لكننا أهملنا هذه القيم، ما جعل أعداءنا ينتجون من العلوم والمعرفة أضعاف ما ينتجه العرب، رغم ماضينا المشرق في مجال العلم والعلوم.. فلماذا تراجعنا إلى هذا الحال؟

إن الواجب علينا دوما التذكير بالأولويات في ديننا الذي رفع العلماء إلى القمة إذ هم ورثة الأنبياء، ولا أشرف من النبوة، ولا أعظم من الرسالة المصطفاة.

الإسلام والعلم.

وفي ديننا: تعطى الزكاة لطالب العلم، ولا تعطى لمن يريد الانقطاع للعبادة؛ إذ لا رهبانية في الإسلام..

في ديننا يقدم الأحفظ لكتاب الله، والأفقه لإمامة الناس في الصلاة، كما جاء في الحديث (يؤم القوم أقرؤهم لِكِتَابِ اللَّهِ …)؛ لأنه أعلم بتدبير أمر الصلاة.

في ديننا: العلم خير من نفل العبادة، وقد جاء أن ابن وهب أراد أن يقوم من مجلس الإمام مالك من أجل الصلاة، فقال له الإمام مرشدا: “ليس هذا الذي أنت فيه دون ما تذهب إليه إذا صح فيه النية”.

في ديننا أيضا، العلم قبل الجهاد، ومداد العلماء يوزن بدماء الشهداء. وبالعلم يعرف فضل الجهاد، وبالعلماء يحشد الناس للقتال، ولولا العلم الرشيد لكان القتال خروجا مذموما أو انتحارا في سبيل الأهواء المضلة، كما فعل الخوارج قديما، وكما تفعل الحركات المتطرفة حاليا.

في ديننا: العلم طريق الجنة، وسبيل معرفة الله، ويدل على هذين النصين القاطعين من القرآن قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (آل عمران:190-191).
ومن السنة: أخرج الترمذي وأبو داود عن أبي الدرداء مرفوعا، قوله عليه الصلاة والسلام: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارا، ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر).

ولقد رفع الإسلام والقرآن قدر العلماء، وأثنى ربُّنا عليهم في كتابه فقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة:11]. واستشهد بهم على أعظم مشهود عليه وهو توحيده وإخلاص الدين له: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُواْ الْعِلْمِ قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}[آل عمران:18]. قال الإمام القرطبي رحمه الله: “في هذه الآية دليلٌ على فضل العلم، وشرف العلماء وفضلهم؛ فإنه لو كان أحدٌ أشرفَ من العلماء، لقَرَنَهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء”.

وميزهم الله ورفعهم على غيرهم فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9]. بالطبع لا، فهم أهل الخشية لله: و{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر:28].

وكما امتدحهم القرآن، كذلك أثنى عليهم النبي العدنان صلى الله عليه وسلم أعظم ثناء في سنته كما في حديث معاوية رضي الله عنه: (مَنْ يُرِدِ اللّهِ بِهِ خَيْراً يُفَقّهْهُ فِي الدّينِ)، ومن حديث أبي هريرة: (وَمَنْ سَلَكَ طَريقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهّلَ الله لَهُ طَرِيقاً إِلَى الْجَنّةِ).[رواه أبو داود والترمذي]. ومن حديث أبي أمامة رضي الله عنه: (فَضْلُ الْعَالِمَ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ)، و قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِنّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتّى النّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتّى الْحُوتَ لَيُصَلّونَ عَلَى مُعَلّمِ النّاسِ الْخَيْرَ)[رواه الترمذي، وصححه الألباني]. وفي سنن أبي داود والترمذي عن سيدنا النبي قال: (العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به، فقد أخذ بحظ وافر).

ما الفضل إلا لأهل العلم إنهمُ …. .. على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه .. .. .. والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعـش حيــا بــه أبدا .. .. .. الناس موتى وأهل العلم أحياء

وقال العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه “إعلام الموقعين عن رب العالمين”: “العلماء هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء؛ بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجةُ الناس إليهم أعظمُ من حاجتهم إلى الطعام والشراب”.

ولكل هذا الفضل وتلك المكانة كان العلماء أحق الناس بأن يكونوا أولياء الله .

قال الإمام أبو حنيفة: إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله وليّ.
وقال الشافعي: إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله وليّ.
وقال عكرمة رضي الله عنه: “إياكم أن تؤذوا أحداً من العلماء؛ فإن من آذى عالماً فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
وقال عبيدالله بن جعفر: “العلماء منار البلاد منهم يقتبس النور الذي يهتدى به”.

توقير العلماء ومعرفة حقهم
لذلك كان من الواجب على جميع المسلمين توقير العلماء، واحترامهم، وإكرامهم، ومعرفة قدرهم وحقوقهم، وإنزالهم منازلهم، والتأدب معهم في جميع شؤونهم، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ)(رواه أحمد ).

إن توقير العلماء من إجلال الله تعالى وتعظيمِ شريعته، وامتثالِ أمره، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ، وَلَا الْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ)(رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم)(رواه أبو داود والبزار).

ولهذا كان من أصول أهل السنة ومنهج السلف احترام العلماء وتوقير الفقهاء، والتأدب معهم غاية الأدب، فإن الجناية عليهم خرق في الدين، قال الإمام الطحاوي: “وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يُذكَرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل”.

ولا يزال أهل العلم – قديماً وحديثاً – يؤكدون على التأدب مع العلماء والسمع لهم؛ أخرج عبدالرزاق في مصنفه عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه طاووس، قال: “من السنة أن يوقر أربعة: العالم، وذو الشيبة، والسلطان، والوالد”.

وعن الشعبي قال: صلّى زيد بن ثابت على جنازة، ثم قربت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال له زيد: خل عنك يا ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم. فقال ابن عباس: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء.
وفي رواية عنه قال: أمسك ابن عباس بركاب زيد بن ثابت فقال: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله – صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنا هكذا نصنع بالعلماء.
فقبل زيد رضى الله عنه رأس ابن عباس وقال هكذا أمرنا أن نفعل مع آل بيت نبينا

وقال خلف: جاءني أحمد بن حنبل يسمع حديث أبي عوانة؛ فاجتهدت أن أرفعه فأبى، وقال: لا أجلس إلا بين يديك، أُمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه.

العنصر الثانى : العلم ينير الحق لصاحبه

روى الإمام مسلم فى صحيحه من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: لاَ أَقُولُ لَكُمْ إِلاَّ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا)، وروى الإمام الترمذي في جامعه من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أربع، وكان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من قلبٍ لا يخشع، ونداء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع).

لا شك أن العلم النافع هو العلم الذي ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة، ومن علامات ذلك: أن يزهّده في التعلق بأحبال الدنيا، ويرغَّبه في الآخرة، ويحثه على طاعة الله تعالى وتقواه، ويبعد عنه أنواع الهموم والكَدَرِ، ولهذا ينبغي على المسلم أن يقصد من تعلّم العلم الأجر والثواب من الله تعالى، الأجر المترتب على تعلّم العلم وتعليمه، فمن تعلّم علماً من علوم الشرع فينبغي أن يعمل به، لأن الثمرة الحقيقية من العلم هي العمل، فالعالم الذي لا يعمل بما عنده من علمٍ، ولا يأتمر بأوامر الله تعالى، ولا ينتهي عن نواهيه ليس بعالم، وما يحمله من علم إنما هي مجرد معلومات، مثالها كمثال الشجرة التي لا تثمر، ذلك أن تحصيلَ العلوم إنما هو للانتفاع بها، فإذا لم يُنتفع به يكون وبالاً، ولذلك استعاذ منه صلى الله عليه وسلم

ومن أجمل ماجاء فى ذلك علم سيدنا على رضى الله عنه حينمارفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر، فأراد عمر أن يرجمها، فجاءت أختها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت: إن عمر يرجم أختي فأنشدك الله إن كنت تعلم أن لها عذراً لما أخبرتني به، فقال علي: إن لها عذراً، فكبرت تكبيرة سمعها عمر ومن عنده. فانطلقت إلى عمر فقالت: إن علياً زعم أن لأختي عذراً، فأرسل عمر إلى علي ما عذرها؟ قال: إن الله عز وجل يقول: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين، وقال: وحمله وفصاله ثلاثون شهراً، فالحمل ستة أشهر، والفصل أربعة وعشرون شهراً، قال: فخلى عمر سبيلها، قال: ثم إنها ولدت بعد ذلك لستة أشهر.
والعلم أشرف من المال كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد: “يا كميل.. العلم أشرف من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، المال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق، العلم حاكم والمال محكوم عليه”.

والعلم زينة، ولولا العلم ما كان للعقل قيمة، ولصار الإنسان كالبهيمة:
علم العليم وعقل العاقل اختلفا .. .. من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فالعلم قال أنا أحرزت غايتـــه .. .. والعــقل قال أنا الرحمن بي عرفا
فأومــأ العلــم إيمــاءً وقال لـه .. .. بأيـنا الرحمن في القرآن قد وصفا
فأدرك العقل أن العــلم ســيده .. .. فقبل العقـل رأس الــعـلم وانصرفا

فالعلم دليل الإيمان؛ ولولا العلم ما عرف الناس ربهم ولا أسماءه ولا صفاته، ولا عرفوا كيف يعبدونه.. فبالعلم يعرف الله وبه يطاع الله، وبه يعبد، وبه يوحد، وبه يمجد، وبه يتورع، وبه توصل الأرحام، و به يعرف الحلال من الحرام، وهو إمام والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء.
قال معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه: “تعلموا العلم، فإن تعلُّمَه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارستَه تسبيح، والبحثَ عنه جهاده، وتعليمَه لمن لا يعلمه صدقةٌ، وبذلَه لأهله قُربة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الخلوة”.

وأهل العلم هم أشرف الناس في هذا الوجود، وهم أرفعهم قدرا في الآخرة إذا صدقت نواياهم.

رفعهم الله بالعلم في الدنيا وفي الآخرة كما قال سبحانه: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [ المجادلة : 11 ].
وفرق بينهم وبين أهل الجهل فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9]. وقال جل في علاه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28].

معاشر المؤمنين .. لا شك أن العلم أهم سبل تقدم الأمم، فبالعلم تبني الأمم، وتستصلح الأراضي، وتعظم السلالات، وتدار التجارات، وتطور الصناعات، وتعالج الآفات، وتستخرج المعادن، والأمة العظيمة هي التي تبهر العالم بما تنتجه من علم ومعرفة، وما تتقنه من زراعة، وصناعة، وتجارة، وثقافة، وما تخرجه من الأطباء البارعين والمهندسين المتقنين، والصناع الحرفيين الماهرين. فما أحوجنا إلي أن نأخذ بأسباب التفوق العلمي في مختلف المجالات؛ فإننا إذا تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا، وعلي كل منا أن يسعي لأعلي درجات التفوق في مجاله عالمـًا، أو باحثـًا، أو صانعـًا، أو حرفيـًا، حتي يسهم في تقدم وطنه ورقيه، حيث يقول الحق سبحانه وتعالي ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾، فإذا كان المطلوب هو أن تنفر طائفة من كل فرقة ليتفقهوا في علوم الدين، فإن علي الباقين أن ينفروا فيما ينفع البلاد والعباد، فتنفر فرقة لطلب الطب، وأخري لطلب الهندسة، وثالثة للعمل بالزراعة، ورابعة للعمل في الصناعة، وخامسة للاشتغال بالتجارة، وهكذا في سائر الفنون والحرف والصناعات. ولقد سرَّنا ما علمنا به وشاهدناه من أبناء وبنات الوطن في حصولهم على المراكز الأولى والمتقدمة على مستوى العالم في مجال البحوث العلمية، وكان المتقدمون من مراحل قبل المرحلة الجامعية، فهؤلاء أصحاب العلو والارتقاء والتميز، هؤلاء الصفوة، هؤلاء الذين انتقوا.

والتاريخ الإسلامى حافل بالعلماء الذين قدموا الكثير والكثير ومن هؤلاء
الخوارزمى محمد بن موسى الخوارزميّ عالم رياضيّات وفلك مسلم،

ابن سينا

أبو علي الحسين بن عبدالله بن سينا، والمعروف في الغرب باسم ابن سينا، الطبيب المسلم الذى يدرس علمه فى أكبر الجامعات العالمية

ابن الهيثم
الحسن بن الهيثم،
الذى برع فى علم الرياضيات والفيزياء والفلك

أبو بكر الرازي فى الطب والبيرونى فى الفيزياء وعلم النفس وغيرهم لا يسع المقام لذكرهم

العنصر الثالث: خطورة الجهل

أخرج الإمام أبو داود في سننه بإسناده من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه وعن أبيه- يخبر جابر أنه خرج مع جماعة من أصحابه في سفر، فأصاب واحد منهم حجرا فشج رأسه، ثم هذا الرجل سأل أصحابه عن الغسل ورأسه مشجوج يسيل دما، فقال أصحابه: إنا لا نجد لك رخصة وأنت قادر على الماء، فاغتسل الرجل فمات.

فلما رجع الصحابة إلى المدينة أخبروا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك وكأني بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قد غضب غضبا شديدا حتى أنه قال: “قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال” (والعي هو الجهل)، ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فتواه في هذا الصحابي، وهو أن يعصب على رأسه وأن يتيمم، أو أن يغتسل، وأن لا يصيب الماء موطن الجرح والشج.

الشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: “إنما شفاء العي السؤال” جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الجهل داءً، وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- دواء هذا الداء، ألا وهو: سماع العلماء وسؤالهم، ولا يلزم أن يكون السؤال على سبيل المباشرة، فالرجوع إلى العلماء وأصولهم وفتاويهم، فذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: “إنما شفاء العي السؤال”.

وهو الداء الذي نفكر بجد بعلاجه ألا وهو: الجهل بأحكام الله، ولا أتكلم عن الجهل بعلوم الدنيا، ولا بالعلوم التجريبية ولا بالطب، ولا بقضايا الحقوق، ولا بقضايا العلوم، ولا بالهندسة والكيمياء، فمن الأمة من بلغ بذلك شأن والأمة ها هي -والحمد لله- تتفاخر بلاد دون بلاد بقضايا العلوم والطب والهندسة.

إنما داء الأمة الأعظم ومرضها الفحال وهو الداء العضال ألا وهو: الجهل بالله، والجهل بأحكام الله؛ ولذا انظر إلى حالنا اليوم كما أخبر النبي -صلوات ربي وسلامه عليه- أخبر النبي في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وأخبرنا في غيره، وجاء في حديث عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري وغيرهم من الصحابة: “إن من أشراط الساعة وأماراتها أن يرفع العلم، وأن يثبت الجهل”، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- مع رفع العلم، وثبوت الجهل، شرب الخمر، وظهور الزنا، وانتشار الهرج، أي القتل، أي أن يقتل المسلمون بعضهم بعضا.

تأمل معي -أيها الحبيب- وأسألك بالله أن تتأمل جيدا؛ لما تجاوز موسى بقومه البحر، ورأى قومه جماعة، قيل: من الكنعانيين، وقيل: من غيرهم يعبدون أصناما، ويعكفون عليها، قال قوم موسى: (يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) فماذا وصفهم عليه السلام: (قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [الأعراف: 138].

فالجهل داء خطير وشر مستطير بل هو والظلم أساس الشر كله.. قال شيخ الإسلام: “وجماع الشر الجهل والظلم، قال تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}(الأحزاب).

وليست صفة تزري بصاحبها كالجهل، فهو أعدى الأعداء، كما أنه ليس صفة يتمدح بها صاحبها كالعلم، فهو أفضل الرفقاء وأعظم الأصدقاء، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يقدر على فعله فيه ألد الأعداء
ما يبلغ الناس من جاهل .. ما يبلغ الجاهل من نفسه

فالجهل يدخل صاحبه النار:
كما قال تعالى عن أهلها: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب الجحيم.. فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير)(الملك) .. وقال تعالى عنهم أيضا: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف)

الجهل يقتل صاحبه:
ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: [إنَّ رجلًا قتلَ تِسعةً وتِسعينَ نفسًا، ثمَّ عرضَتْ لهُ التَّوبةُ، فسألَ عن أعلَمِ أهلِ الأرضِ؟ فَدُلَّ علَى راهِبٍ، فأتاهُ، فقالَ: إنَّه قتلَ تِسعةً وتِسعينَ نفسًا، فهلْ لهُ مِن توبةٍ؟ فقال: لا، فَقَتلَه، فكَمَّلَ بهِ مائة، ثمَّ سألَ عن أعلَمِ أهلِ الأرضِ؟ فَدُلَّ على رجلٍ عالمٍ، فقال: إنَّه قتلَ مِائةَ نفسٍ، فهلْ لهُ من توبةٍ؟ قال: نعَمْ، ومَن يحولُ بينَه وبينَ التَّوبةِ؟ انطلقْ إلى أرضِ كَذا وكَذا، فإنَّ بِها أُناسًا يعبُدونَ اللهَ، فاعبُدِ اللهَ معهُمْ، ولا ترجعْ إلى أرضِكَ، فإنَّها أرضُ سَوءٍ، فانطلقَ حتَّى إذا نصف الطَّريق أتاه الموتُ، فاختصَمَتْ فيهِ ملائكةُ الرَّحمةِ، وملائكةُ العَذابِ، فقالتْ ملائكةُ الرَّحمةِ: جاء تائبًا مُقبلًا بقلبِه إلى اللهِ تعالى، وقالتْ ملائكةُ العذابِ: إنَّه لَم يعمَلْ خيرًا قطُّ، فأتاهُم ملَكٌ في صورةِ آدَميٍّ، فجعَلوه بينَهم، فقالَ: قيسوا بينَ الأرضَيْنِ، فإلى أيَّتِهِما كان أدنى فهوَ لها، فقاسوا فوجَدوه أدنى إلى الأرضِ الَّتي أرادَ، فَقَبضَتُهُ ملائكةُ الرَّحمَةِ].

ومن عبر هذا الحديث ودروسه:
أنه ليس كل عابد عالما، بل كثير من العباد جهال، وإن ظن الناس فيهم العلم، فكثير منهم ليسوا كذلك.

. وفيه أن كثيرا من الناس ينخدع بكثرة العبادة عند إنسان، فيظن صاحبها عالما، فيقصده في المسائل ويدل السائلين عليه، والحق أنه ليس بهذا المكان ولا هو أهل لذاك المقام.

. وفيه أيضا بيان فضل العالم على العابد الجاهل: فبين العالم والجاهل كما بين السماء والأرض، وفضل العالم على الجاهل كفضل القمر على سائر النجوم؛ فالعالم يحيي الناس بعلمه، والجاهل يقتلهم بجهله، والعالم يدلهم على طريق الهدى والجاهل يهوي بهم في مهاوي الردى، وهذا يبني وذاك يهدم، وهذا يهدي وذاك يضل.. وشتان ما بين الرجلين:
النـاس من جـهـة التمـثال أكفـاء .. أبــوهـــم آدم والأم حـــواء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه .. والجاهلون لأهل العلم أعداء
فـفـز بعــلم تعــش حـيا به أبدا .. الناس موتى وأهل العلم أحياء

أيها المسلمون: إذا ظهر الشرك فدل ذلك على ظهور الجهل وانتشاره، ولما رأى لوط -عليه السلام- قومه يأتون الرجال شهوة من دون النساء، قال لهم عليه السلام: (بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ) [الأعراف: 81].
ويوسف -عليه السلام- قال: (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) أصب أي أصيب الذنب والفاحشة: (وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) [يوسف: 33]، فكان الجهل سببا في انتشار الشرك وألون الذنوب والمعاصي.

أحبتي في الله: داء الأمة العضال هو الجهل بالله، والجهل بأحكام الله؛ لو أننا اليوم انظر إلى حالنا وحال مجتمعاتنا كم تحفظ من المسلمين اسم عالم؟ وكم في جوالك رقم لعالم؟ وكم تحضر من المجالس في الأسبوع لعالم؟
ولو أننا سمعنا عن مباراة لكرة القدم أو سمعنا عن لقاء مع ماجن من الماجنين، أو هابط من الهابطين، أو سفيه من السفهاء، ممثلا كان أو مطربا أو مغنيا أو لاعب كرة قدم كافرا أو فاجرا ترى الناس يجتمعون له بعشرات الآلاف، بل بالملايين؛ تعظيما وتبجيلا وتقديرا.

انظر إلى حال الأمة اليوم ألم يخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر الزمان: “سيكذب الصادق، ويصدق الكاذب، ويأمن الخائن، ويخون الأمين، ويتكلم الرويبضة” قيل: من الرويبضة يا رسول الله؟ قال: “التافه الذي يتكلم في شأن العامة”.

الجهل هو داء الأمة، انظر اليوم كل الناس تتكلم بالدين تتكلم بالشرع، ما في أحد يقول: احترم نفسي فليس هذا مكاني ولا مقامي، ما دام معه مال يستطيع أن يتكلم فيما يشاء، وفي شرع الله يتكلم بما يشاء، يحل ويحرم، ويقدم ويؤخر، صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي يرويه البخاري ومسلم قال: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الناس إنما يقبض العلم بقبض العلماء؛ حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا”.

رضي الله عن علي بن أبي طالب إذ قال: “كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه، ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل خزيا أن يفر منه حتى أهله”.

الدُّعَاءِ

اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَحَبِّبْنَا فَى بَعْضِنَا وَانْزِعْ الشَّحْنَاءَ وَالْبَغْضَاءَ مِنْ قُلُوبِنَا وَانْشُرْ الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ فَى بِلَادِنَا وَسَائِرِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَارْفَعْ الْبَلَاءَ وَالْغَلَاءَ عَنَّا اللَّهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَالِدَيْنَا كَمَا رَبَّيَانَا صِغَارًا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمَا وَارْحَمْهُمَا يَارِبَ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ مَشَايِخَنَا وَعُلَمَائِنَا وَإِلَى كُلِّ مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَيْنَا يَارِبَ الْعَالَمِينَ

وَأَقُمْ الصَّلَاةُ

 

لتحميل الخطبة pdf اضغط على الرابط  أدناه

magales alelm yaseer

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *