وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى

بقلم الكاتب والداعية الإسلامى
الدكتور :  سيد مندور

يا تري ما هو تفسير هذه الآية..
تخيل اللي يطبق الآية دي صح يكون ثوابه الجنة؟

لكن في اختلاف في فهم الآية بين المفسرين. في اللي قال ان نهى النفس عن الهوى يعني منع عنها الشهوات، ورأي تاني بيقول لأ ده المقصود بيها هوى النفس اللي بيأثر على العدالة ويقود الشخص إلى ظلم الآخرين.

وده الرأي اللي باعتبر نفسي منحاز ليه؟
قل لي ليه؟

لأن الأسلام ما منعش عننا حب الشهوات بالعكس ده فتح لنا باب التمتع بالدنيا مع التوازن والاعتدال. يعني مثلا لو بنتكلم عن شهوة الطعام ربنا قال : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا.

ولو بتتكلم عن شهوة النساء، فقد أباح التعدد مع الضوابط الشرعية.

يعني اصلا الاسلام مش ضد التمتع بالشهوات اللي هي غرائز ربنا خلقنا بيها. لكن كل القصة انه حرم علينا الإسراف وشرع لينا الوسطية في كل الأمور.

طيب أمال إيه معنى ” وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى”؟
الهوى في اللغة معناه الميل إلى رغبة من رغباتك تبعدك عن الطريق الصحيح.
يعني تكون مدير في مكان وبتحب فلان فترقيه أو تديله مكافأة رغم إنه مش أحسن واحد وفي الأفضل منه. أو أنك تدير المؤسسة بمنهج أهل الثقة وليس أهل الكفاءة. أو إنك تنصر حد من ولادك على الآخرين في مشكلة حصلت رغم علمك إن ابنك غلطان. أو يكون في إيدك قرار فتحابي حد من أهلك ومعارفك وتتجاهل الأحق منهم.

كل ده وغيره كتير اسمه الهوى، يعني الميل إلى ما تهواه نفسك.
لو قرأت الآية كاملة هتلاقي ربنا بيقول: “وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى” (النازعات: 40-41).

وبالتالي المعنى الأوضح للآية هو مخالفة الهوى في الحكم بين الناس وليس حب الشهوات المادية .

الآية دي معناها أعظم وأعمق من موضوع حب الشهوات ، لأنها حث صريح انك تحكم بالعدل، وعدم اتباع ما يميل إليه القلب إذا كان مخالفًا للحق، واتباع الحق ولو كان على خلاف هوى النفس.

اقرأ الآية دي تاني وافتكر دايما معناها، وإياك والتحيز بهواك لمن تحب، واتبع الحق ولا تظلم.

آية من كتاب الله بتحمل في طياتها معاني عظيمة تتعلق بالعدل والإنصاف، وتنهى عن اتباع الهوى في الحكم بين الناس. فالمسلم الحق هو من يحكم بالعدل حتى لو كان فيه إنصاف لمن يكره، ولا يحابي من يحب، ولا يظلم أحدًا بسبب هواه أو رغبته.

وافتكر دايما ان مخالفة الهوى جهاد عظيم، ثمرة هذا الجهاد هي الفوز برضا الله تعالى، والفوز بالجنة.

فاللهم اجعلنا ممن يتبعون الحق، ولا يتبعون الهوى. اللهم آمين!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *