من أبواب الوصول إلى الله باب الشكر
9 مارس، 2025
منبر الدعاة

بقلم الأستاذ : حامد عمر
وَلَا يَخْفَى أَنَّ نِعَمَ اللهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُعَدَّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾[إبراهيم:34].
وَيُمْكِنُ تَقْسِيمُ النِّعَمِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ رَئِيسِيَّةٍ:
1- دُنْيَوِيَّةٌ: كَالصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ وَالْمُالِ الحَلَالِ..
2- وَدِينِيَّةٌ: كَالعَمَلِ وَالعِلْمِ وَالتَّقْوَى وَالْمُعْرِفَةِ بِاللهِ تَعَالَى.
3- وَأُخْرَوِيَّةٌ: كَالثَّوَابِ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ القَلِيلِ بِالعَطَاءِ الجَزِيلِ.
وَأَجَلُّ النِّعَمِ الدِّينِيَّةِ التي يَتَأَكَّدُ الشُّكْرُ عَلَيْهَا نِعَمُ الإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاللهِ تَعَالَى، وَمِنْ شُكْرِهَا اعْتِقَادُ أَنَّهَا مِنَّةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى بِلَا وَاسِطَةٍ وَلَا حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾[الحجرات:7]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾[النور:21].
وَإِنَّ العَبْدَ الْمُؤْمِنَ الذي يُفَكِّرُ في هَذَا الكَوْنِ العَظِيمِ وَمَا فِيهِ مِنْ آيَاتِ اللهِ الكُبْرَى يَزْدَادُ اطِّلَاعُهُ عَلَى نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، مِمَّا يَجْعَلُهُ أَكْثَرَ شُكْراً للهِ وَأَعْظَمَ لَهُ حُبّاً.
وَمِنْ نِعَمْ اللهِ تَعَالَى عَلَى العَبْدِ نِعَمٌ يَسُوقُهَا لَهُ بِوَاسِطَةِ عِبَادِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا أَجْرَى إِحْسَانُ اللهِ إِلَيْنَا عَلَى يَدِ رَسُولِهِ ﷺ، وَكَمَا سَاقَ خَيْرَهُ لَنَا بِوَاسِطَةِ وَالِدَيْنَا وَمُرَبِّينَا مِنَ الْمُرْشِدِينَ العَارِفِينَ بِاللهِ تَعَالَى. فَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ تَعَالَى لِأَنَّهُ الْمُنْعِمُ الحَقِيقِيُّ الذي سَخَّرَ النَّاسَ لِجَلْبِ الخَيْرِ إِلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِِ﴾[النحل:53]، وَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَشْكُرَ أَيْضاً مَنْ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى سَبَباً لِنِعَمِهِ، لِذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ»
وَلَقَدْ دَعَانَا اللهُ تَعَالَى إِلَى شُكْرِهِ وَشُكْرِ وَالِدَيْنَا اللَّذَيْنِ جَعَلَهُمَا سَبَباً في إِيجَادِنَا وَسَوْقِ كَثِيرٍ مِنَ النِّعَمِ إِلَيْنَا بِوَاسِطَتِهِمَا فَقَالَ:﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾[لقمان:14].
وَأَيْسَرُ الشُّكْرَيْنِ شُكْرُ العِبَادِ، فَمَنْ ضَيَّعَ شُكْرَ العِبَادِ كَانَ لِشُكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَضْيَعَ.
أَقْسَامُهُ:
مِنْ تَعَارِيفِ الشُّكْرِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا يُمْكِنُ القَوْلُ بِأَنَّ للشُّكْرِ أَقْسَاماً ثَلَاثَةً: شُكْرُ اللِّسَانِ، وَشُكْرُ الأَرْكَانِ، وَشُكْرُ الجَنَانِ.
1- أَمَّا شُكْرُ اللِّسَانِ: فَهُوَ التَّحَدُّثُ بِنِعَمِ اللهِ تَعَالَى، امْتِثَالاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾[الضحى:11].
اللهم اجعلنا من الشاكرين أمين
وللحديث بقية