بقلم فضيلة الشيخ : أحمد عزت حسن الباحث فى الشريعة الإسلامية
دليل الصائم الذكي لطاعة الله وعمله في يومه وليله وحصد أعلى الأجور
هل تعلم أخي المسلم الحبيب أنك قد تحصل على القناطير المقنطرة من الحسنات في اليوم الواحد، بل وقد تتحول جميع العادات التي تقوم من أكل وشرب وفسحة وضحك ولعب مع الأولاد وممازحة الزوجة و… كل هذا يتحول إلى عبادة وقربة إلى الله تعالى، وكل هذا بدون بذل أي مجهود أو عمل إضافي أو زيادة أعمال فقط بالروتين اليومي الذي تقوم به.
فتعالوا أيها الأحبة نعيش مع المسلم الصائم فى يومه ونهاره وليله لنرى ماذا يفعل وماذا يغنم من أجرٍ؛ باتباع هدي النبي -ﷺ- فكل يومٍ يمر علينا يقربنا من النهاية الموعودة، وهو إما شاهد لك أو عليك، وتذكر الفرص الثلاث لمغفرة الذنوب: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه” أخرجه البخاري (٣٨) واللفظ له، ومسلم (٧٦٠)
“من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه” أخرجه البخاري (٣٧)، ومسلم (٧٥٩)
“من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه” أخرجه البخاري (١٩٠١)، ومسلم (٧٦٠)
وهناك ستون فرصة للعتق من النار في كل يوم فرصة، وفي كل ليلة فرصة يعني تحديد وانقاذ مصير من النار إذا صحت فرصة واحدة.
ففي الحديث الشريف عن رَسُولِ اللهِ -ﷺ-: “إِنَّ لله عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ” [مسند أحمد ١٣/١٨٨ إسناده صحيح، وأخرجه الترمذي (٦٨٢)، وابن ماجه (١٦٤٢) من حديث أبي هريرة، وأحمد (٧٤٥٠) واللفظ له]
تعالوا لنتعرف على هذا الفضل العظيم ونتأسى بالنبى -ﷺ- فى صومه وفطره ونرى كيف نقضى يومنا
فقط اعقد النية واشحذ العزم على أن تكون من الفائزين.
▪︎ اعقد النية على أن تكون كل أعمالك ابتغاء وجه الله، وأنك تريد القربى من الله، وتتقوى على طاعته، وتبتعد عن معصيته، وأنك تريد اغتنام هذا الشهر الفضيل ولنبدأ يومنا بإذن الله فنقول وبالله التوفيق:
أولًا: إن يوم المسلم يبدأ من الفجر وصلاته فى جماعة
فبعد أن نام المسلم على طاعة الله عزوجل وقد صلّى العشاء فى جماعة فكُتبت له قيام نصف ليلة.
– ثم نام على وضوءٍ أي بات طاهرًا بات معه ملك يستغفر له، بدليل الحديث الذي رواه ابن حبان وغيره:
“من بات طاهرًا بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان، فإنه بات طاهرًا”.
▪︎ يستيقظ المسلم ويبدأ يومه بذكر الله
تقوم من نومك أخي فتحمد الله على أن ردّ عليك روحك فتكون من الذاكرين؛ فأنت حينما تنام فإن هذه الروح تصعد إلى خالقها وتظل عنده، فإذا جاء وقت استيقاظك أو من ينبهك للاستيقاظ فإن الروح تستأذن ربها أتعود إليك أم لا؟ فإن أذِن لها عادت وتستيقظ وإلا أمسكها الله عنده فلا تقوم من نومك! أليس استيقاظك نعمة من الله تستحق الشكر؟؛
لذلك كان من هدي النبي -ﷺ- أن يقول بعد الاستيقاظ من النوم: “الحمدُ للهِ الذي عافانِى في جَسَدِي، ورَدَّ عَلَيَّ
رُوحِي ، وأَذِنَ لي بذِكْرِه” [أخرجه الترمذي (٣٤٠١) واللفظ له، والنسائي في (السنن الكبرى) (١٠٧٠٢) إسناده جيد.]
▪︎ تفرك النوم من عينيك ثم تقوم فتدخل الحمام بالرجل اليسرى وتقول: “اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث
قَالَ رَسُولُ الله -ﷺ-: “سَترُ ما بين أعينِ الجنِّ، وعوْراتِ بني آدمَ إذا دخل أحدُهم الخلاءَ أن يقولَ: بسمِ اللهِ”
وتخرج باليمنى وتقول: “غفرانك غفرانك غفرانك”، “الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني” ضعيف ابن ماجة
ولكن في رمضان سيبدأ الاستيقاظ قبل ذلك بوقتٍ كافٍ تستيقظ أخي وتبدأ يومه بذكر الله وتتناول وجبة السحور
والسحور يكون ما بين بعد منتصف الليل وقُبيل الفجر
* وقد أوصانا به النبى -ﷺ- حتى ولو يجد الإنسان شهية للطعام ولو على جرعة ماء فإنه بركة
* والله وملائكته يصلون على المتسحرين، فأى تكريم وتشريف وتعظيم وتبحيل لهؤلاء المتسحرين الذين تستغفر لهم الملائكة. فانظر معى أخى المسلم يرحمنى ويرحمك الله لفوائد السحور فتكون: منفذًا لسنة النبى -ﷺِ-
* تقوم من نومك فتحمد الله على أن ردّ عليك روحك فتكون من الذاكرين، وهذا الوقت وقت السحر -أنفس الساعات وأحراها باﻹغتنام- فبعد سحورك اغتنمه بالدعاء والاعتزال فهذا وقت العزلة الشرعية.
* تقوم وتتوضأ وتصلى لله تعالى ركعتين وتستغفر الله فتكون من المستغفربن بالأسحار، وتكون من الذين “تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا”
فادع ربك واستغفره وسله من خيري الدنيا واﻵخرة وأنت موقن باﻹجابة. فوالله إن أمنيات كثيرة قد تحققت مع هذه الدعوات ومطالب نالها من سأل ربه فاجعل هذا الوقت لله ولمطالبك النفيسة.
صدقني أخي الحبيب كل شيء ستعوضه، ولكن ساعة السحر إن مضت لن تعود.
** وأقرب ما يكون العبد من ربه الذى ينادى عليه ويقول: “ألا من مستغفرٍ فأغفر له، ألا من مسترزقٍ فأرزقه، ألا من تائبٍ فأتوب عليه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر” [أخرجه البخاري (٨٨٧)، ومسلم (٢٥٢)]
أين أنت فى هذا الوقت أين طلباتك التى ستعرضها على الله أين ذنوبك التى تطلب من الله أن يغفرها
– والله تعالى يتنزل في الأيام العادية في الثلث الأخير من الليل أما فى رمضان فيتنزل في الثلث الأول، فالليل كله فرصة للمناجاة وعرض الطلبات، فأين الطلبات التي ستطلبها من الله، وأين الذنوب التي ستطلب مغفرتها، وأين وأين
– فإذا كان معك متسع من الوقت تقرأ ما تيسر من القرآن
– وحينما تؤخر السحور إلى ما قبل الفجر فأنت تستعد لصلاة الفجر فى جماعة فتكون كمن صلّى الليل كله – ويُكتب لك قيام ليلة كاملة.
– أيضًا تمد -وجبة السحور- الجسم بالغذاء والطاقة الحرارية اللازمة له.
– وأيضًا فرصة لزيادة كفاءة الجهاز الهضمي فى أداء عمله.
– وتجنب مضاعفات تناول الطعام في أوقاتٍ متقاربة
– وبذلك يتحنب المرء الاضطرابات الهضمية والتخمة وتبلد الذهن والكسل، ويستطيع أن يؤدى عمله فى راحة ويسرٍ وسهولةٍ ويقلل من الإحساس بالجوع والعطش ، وهكذا نجد الخير كل الخير فى تنفيذ السنة. ثم
ثانيًا: تذهب لصلاة الفجر فى جماعة وتصلى ركعتي السنة التى هى خيرٌ من الدنيا وما فيها فما بالك بركعتى الفريضة؟!!، فأدِّها بخشوعٍ وحضور قلب “فليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها”
وحينما تصلي الفجر فى جماعةٍ فتكون كمن صلّى الليل كله ويُكتب لك قيام ليلة كاملة.
ثالثًا: ثم -بعد الصلاة- تجلس فى مُصَلّاك بعد الصلاة ولو في بيتك ولا حرج عليك ولا يوجد من يتعجلك في الخروج
– أغلق جميع أجهزة التواصل من فيس وواتس آب؛ حتى تقطع جميع الشواغل عن ذكر الله فتتفرغ لذكره ومناجاته.
– وبجلستك هذه تكون ذاكرًا ربك تاليًا لكتابه بما تيسر من القرآن بعد صلاة الفجر وبأذكار الصباح حتى بعد الشروق بحوالى ربع أو ثلث الساعة، فلتكن حريصًا على جلسة اﻹشراق. فقد حث -ﷺ- على الإتيان بهذه السنة العظيمة وذكر بما فيها من الأجر والمثوبة. فماذا يكون لك من أجرٍ؟ اسمع لهذا الحديث الشريف عن جابر بن سمرة رضي الله عنه: «أن النبي -ﷺ- كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنًا» (رواه مسلم، ومعنى حسنًا مرتفعة).
وانظر إلى الحبيب -ﷺ- وهو يخبرك بالأجر الجزيل والثواب “من صلّى الغداة -الفجر- ثم جلس فى مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلّى ركعتين إلا كُتب له حجة وعمرة تامة تامة تامة” رواه الترمذي وحسّنه
▪︎ والآن وقد قرأت القرآن فكان لك بكل حرف عشر حسنات، لا بل سبعين ألم يقل النبى -ﷺ- من تقرّب فيه إلى الله بخصلةٍ من الخير كان كمن أدّى فريضه ومن أدّى فيه فريضه كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، مع ملاحظة أن ختمة كاملة للقرآن الكريم في الأيام تعادل ٣،٣ مليون حسنة. فما بالك في رمضان حيث مضاعفة الحسنات؛ حيث النافلة بفريضة والفريضة بسبعين فريضة، مليارات الحسنات معك في هذا الشهر الفضيل فهل ستضيّعها؟
▪︎ تذكر الله بأذكار الصباح تقول: “اللهم إنى أصبحتُ أُشهدك وأُشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدًا عبدك ورسولك” فمن قالها أربع مرات أعتقه الله من النار
– أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”،
– “بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شئ فى الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم” ثلاثًا إلا وحفظك الله من كل سوء
– “سبحان الله وبحمده” مائة مرة فمن قالها غُفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ولم يأت أحدٌ بأفضل مما قال إلا رجلٌ قال مثل ما قال أو زاد.
– “لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئٍ قدير” مائة مرة
كان له مائة حسنة ومُحيت عنة مائة سيئة وكان له عِدل له عتق عشر رقاب من ولد إسماعيل ولم يأت أحدٌ بأفضل مما قال إلا رجلٌ قال مثل ما قال أو زاد
— ثم تتوّج كل هذا الأجر بحجة وعمره، ثلاثون حجة وعمرة تامة طوال الشهر.
كل هذه الأجور فى ما لا يزيد على الساعة ونصف الساعة فلا تقل: هذا صعبٌ وفيه مشقة شديدة علىّ
وأي عمل ليس فيه مشقة، فالأجر يكون على قدر المشقة وإلا فأين مجاهدة النفس.
أتريدنى أخي أن أسرد لك كل أجرٍ تحصل عليه من كل ذكر تقوله؟
لك أن تراجع هذه الأجور والتى حصلت عليها من قبل أن تخرج من بيتك.
▪︎ ما بين اﻹشراق وصلاة الظهر اجعله وقتًا للراحة أو وقتا للعمل ثم صلي الظهر واحرص على صلاة أربع قبلها وأربع بعدها “فمن حافظ عليها حرم الله عليه النار” حديث حسن.
رابعًا:- والآن نفّذت السنة وأديت الفريضة وتستعد للخروج لعملك
▪︎ والآن ترتدي ملابسك، تقول: بسم الله وتبدأ باليمين، وأيضًا حينما تخلع ملابسك؛ لأنك تستر نفسك عمن يراك ولا تراه -الجن- قَالَ رَسُولُ الله -ﷺ-: “سَتْرُ ما بينَ أَعْيُنِ الجِنِّ و عَوْرَاتِ بَنِي آدمَ إذا وضعَ أحدُهُمْ ثَوْبَهُ أنْ يقولَ: بسمِ اللهِ”
▪︎ فإذا ما خرجت من البيت فلا تنس دعاء الخروج من المنزل ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي -ﷺ-قال: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ الله تَوَكَّلْتُ عَلَى الله، ولاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله”
– وعليك أن تراجع هذه الأجور والتي حصلت عليها من قبل أن -تخرج من البيت- فلا تفرّط فيها، وتسأل نفسك: هل من العقل أن تُفرّط في هذه الأجور أو تضيع ثوابها
▪︎ فأمسك عليك لسانك فلا تطلقه أو ترسله يتكلم فى كل شئ، وعينك غضّها عن كل ما يغضب الله، فالله عزوجل يقول: “من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها” ولم يقل من عمل لماذا؟
لأن العمل سهلٌ جدًا أما المحافظة على هذا العمل وثوابه حتى تصل به إلى الله فهذا هو الجهاد الحقيقى وهو الصعب، واقرأ إن شئت حديث المفلس الذى شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيؤخذ لهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته طُرح عليه من سيئاتهم ثم طُرِحت عليه من خطاياهم ثم طُرِحَ فى نار جهنم والعياذ بالله.
▪︎ حاول أن تستغل المسافات البينية وأوقات الانتظار ووقت المواصلات فى الأذكار وقراءة ما تيسر من القرآن والتى نستطيع تسميتها ب”ختمة الموصلات”
▪︎ وتذكر أن: “تبسمك في وجه أخيك صدقة” فعن أَبي ذرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله ﷺ: لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ” رواه مسلم.
▪︎ وتسلم على كل من تلقاه -من تعرف ومن لا تعرف- فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ -ﷺ-: أَيُّ الإِسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: “تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ” رواه البخاري
فلا تؤخر أو تعطل مصالح الناس بحجة الصيام وتتعلل بأنك صائم، ولا يسوء خلقك أو يحتد طبعك فالصوم ليس عبادة الكسالى وسيّئ الخلق، وليس هو الشماعة التى تعلق عليها تكاسلك، فالصوم يعلمنا الانضباط والصبر على ما نكره ويعودنا الأخلاق الفاضلة التى هى الهدف الأسمى والمقصود الأعظم من إرسال الرسل “وإن سابه أحدٌ أو قاتله فليقل إنى صائم” [البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١)]
يقولوها بقلبه وبلسانه يُسمع بها خصمه حتى يعلم الجميع أن الصائم لا يبادل الشتم أو السفه سفهًا مثله
▪︎ بل الصوم عبادة وسلوك ربانى ورياضة روحية تنعكس على سلوك الصائم، يُثمر عفوًا وصفحًا.
▪︎ الانتصارات الكبرى كانت فى رمضان؛ فإذا كان النصر الحربى فى المعارك حليف الصائمين أفلا نستطيع أن ننتصر على أنفسنا و شهواتنا؟ فأنت صائمٌ بكل جوارحك
▪︎ عليك أن تؤدى كل عملك بجدٍ واجتهاد، فأنت فى عبادة لا تقل عن ما تقوم به، وأنت لا زلت تُعايش كل هذه المعانى الجميلة فأنت نشيطٌ ومُراقِبٌ لله عزوجل، واطّلاع الله عليك يجعلك تخلص فى عملك وتحسن فى إنتاجك وتؤدى واجبك على أكمل وجه. فإن “الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” فلا يتهاون ولا يرتشى ولا يغش، إنما يعصمه من ذلك كله مقام الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وإلا فإنه يراك.
▪︎ ولا يزال الصوم يقوّى فيك هذه المراقبة حتى تصير قوى الإرادة -المراقبة- الصبر فهل تتصور أن تكون عاجزًا عن العمل أثناء الصوم الذى يعودك النظام وترتيب أمورك على مواعيد محددة فلا وقتٌ ضائع عندك لأنك مسؤل عنه. لا تهاون ولا رشوة ولا غش، إنما يعصمك من ذلك كله مقام الإحسان الذي هو “أن تعبد الله كأنك تراه وإلا فإنه يراك” ولا تنس صلاة الضحى فقد كان -ﷺ- يصلّي الضحى أربع ركعات، ويزيد عليها في بعض الأحيان، كما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ -ﷺ- يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ الله). [أخرجه البخاري (١٧٧٥)، ومسلم (١٢٥٥)]
ولقد كان النبي -ﷺ- حريصًا على كثرة ذكر الله تعالى فهو لا يدع وقتًا يمر دون ذكر لله عز وجل ويحرص أن يكون يومه عامرًا بالطاعة والعبادة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله -ﷺ- يذكر الله تعالى على كل أحيانه» رواه مسلم.
سادسًا: ما بين الظهر والعصر إن كنتَ في عملك فأده كما ينبغي محتسبًا اﻷجر العظيم فيه، وإن لم تكن في عمل فاغتنمه بالتلاوة وصلاة النافلة.
▪︎ وتذكر أن صلاة النافلة ما بين الظهر والعصر وقت غفلة الناس والعبادة وقت الغفلة لها شأن عند الله تعالى.
▪︎ والمرأة في عمل بيتها في عبادة والموفقة من أشغلت لسانها بالذكر والتسبيح وتلاوة اﻵيات غيبًا.
▪︎ تقدم لصلاة العصر وصلّ قبلها أربعًا فقد جاء في الحديث “رحم الله امرئ صلى قبل العصر أربعًا” [حسنه الترمذي، وصححه ابن حبان وابن خزيمة، روى أبو داود في سننه (١٢٧١)]
▪︎ وبعد العصر وقت طويل جدًا هذه اﻷيام فإذا ما استيقظت، فحاول أن تقرأ ما تيسر من القرآن بعد صلاة العصر وابدأ بختمة جديدة اسمها ب “ختمة العصر”، وعصر رمضان هذا العام قرابة الثلاث ساعات فانظر كم جزء ستختم فيه أيها المتاجر مع مولاك.
سابعًا: ثم إذا عدت إلى المنزل
كان من هدي النبي -ﷺ- تقديم القدم اليمنى عند دخول البيت أو المسجد والخروج باليسرى.
▪︎ تسلم على أهل البيت “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته” حتى ولو لم يكن بالبيت أحد تقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وتقول: “وقل رب أدخلي مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانًا ونصيرًا”
▪︎ ولك أن تنام وتُقيل لا هربًا من الصوم بل لتستطيع القيام بنشاط، فالنوم قد يساعد على تجديد النشاط والحيوية وهو معين لك على الطاعة. فقد كان النبي -ﷺ- يقيل أى ينام وقت القيلولة أى الظهيرة نصف النهار؛ ليستعين بها على قيام الليل، ويقول: “قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ” رواه الطبراني في “الأوسط”، وحسنه الألباني في الصحيحة فعلينا أن نقتدي به -ﷺ- في ذلك.
▪︎ ولك أن تقضي يومك في مطالعة كتاب مفيد، أو مطالعة أخبار، أو ما شابه ولا تنس أذكار المساء أو مساعدة الأهل،
ففي دوحة الأسرة لا تنس ما كان عليه النبى -ﷺ- فعند أحمد والترمذي لما سُئلت عائشة رضي الله عنها: ماذا كان يعمل رسول الله -ﷺ- في بيته؟ قالت: “كان بشرًا من البشر ، يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه” الصحيحة (٦٧١) انظر لحاجيات أهلك فانجزها ولك الأجر عند الله. ولا مانع من أن تساعد أهلك فى إعداد الإفطار فقد كان النبى -ﷺ- فى مهنة أهله ويساعدهم فى أعمال المنزل
ثامنًا: فإذا حانت ساعة الغروب فكن شحيحًا بها ولا تفرط منها بلحظة، ▪︎ تفرغ فيها للدعاء فهي من أرجى ساعات اﻹجابة للصائم. فاستقبل القبلة وادع بجوامع الدعاء من الكتاب والسنة، وأنزل حوائجك في جناب مولاك مستيقنا باﻹجابة بقلب حاضر مؤمن بعظمة الدعاء وكرم الرب سبحانه وتعالى .
▪︎ ولقد كان من هدى النبى -ﷺ- تعجيل الفطر بمعنى أن تفطر على تمرٍ أو ماء ثم تذهب لصلاة المغرب فى جماعة ثم تعود وتكمل طعامك ولهذا فائدة عظيمة فأنت تعوّض الجسم ما فقده من طاقة فى وقت صيامه وأسرع المواد الغذائية التى يمكن امتصاصها وصولًا للدم هى المواد الغذائية السكرية التى يمكن للجسم أن يمتصها بسهولة فى خلال دقائق معدودة سيما إذا كانت المعدة والأمعاء خالية والتمر والرطب يحقق هذه الفوائد
▪︎ وتذكر أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد، ففي الحديث الذي صححه الألباني “ولكل مسلم في كل يومٍ وليلة دعوة مستجابة” فهل تعلم أن لك فى رمضان (٦٠) دعوة مستجابه يعنى (٦٠) مشكله من مشاكلك محلوله (٦٠) حلم هيتحقق … ماذا لو أن أحد أغنياء العالم أعطاك (٦٠) شيك على بياض كيف ستكون فرحتك؟ ولله المثل الاعلى. الله أعطاك ٦٠ دعوة مستجابه لكل يومٍ وليلهٍ.
تاسعًا: الآن تستعد لتناول طعام الإفطار
فلا تنس هدي النبي -ﷺ- في الطعام فقد كان لا يرد موجودًا ولا يتكلف مفقودًا، فما قرب إليه -ﷺ- شيء من الطيبات إلا أكله إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم، وما عاب طعامًا قط، وكان معظم مطعمه يوضع على الأرض. وكان يأكل بيده اليمنى وبأصابعه الثلاث ويلعقها إذا فرغ ▪︎ وكان -ﷺ- يسمي الله تعالى على أول طعامه … يقول عليه الصلاة السلام: (إَذَا أَكَلَ أَحَدِكُمُ طَعَاماً فَليَقُلْ بِسم الله فَإِنْ نَسِي في أَولِه فَليَقُلْ بِسم الله في أَولِه وَآخِرِه) أبو داود والترمذي عن عائشة
▪︎ وكانَ رسولُ الله -ﷺ- إذا أفطرَ قالَ: “ذَهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثبَتَ الأجرُ إن شاءَ الله”. صحيح أبي داود والحديث صحيح. ويقول: «ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله» حديث صحيح
ورُوي أيضًا: «اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت» والحديث ضعيف.
▪︎ وكان ينهي عن النفخ في الطعام، وإذا سقط منه شيء من الطعام على الأرض أزال عنه الأذى وأكله،
▪︎ وكان لا يأكل من أعلى الطبق فقد نهي -ﷺ- عن ذلك وقال: “إِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ في وَسَطِ الطَّعَامِ فَكُلُوا مِنْ حَافَاتِه، وَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ” وكان يحمد الله في آخر طعامه -ﷺ – وكان يشرب على ثلاث مرات يعني يقول: بسم الله ثم يشرب، ثم يقول: بسم الله ثم يشرب، ثم يقول: بسم الله ثم يشرب.
عاشرًا: ما بين المغرب والعشاء اجعله لملاطفة أهلك وأولادك متحببًا لهم بجميل العبارات وحسن العشرة .
▪︎ ثم تستعد لصلاتى العشاء والقيام متخيرًا من تأثر فيك تلاوته. سئل اﻹمام أحمد عن الرجل يترك مسجد حيه ويذهب إلى إمام آخر؟ فأجابه: انظر ماهو أنفع لقلبك.
قال الكاساني -رحمه الله-: “أما في زماننا فالأفضل أن يقرأ الإمام على حسب حال القوم من الرغبة والكسل، فيقرأ قدر ما لا يوجب تنفير القوم عن الجماعة، لأن تكثير الجماعة أفضل من تطويل القراءة” بدائع الصنائع: ١ /٢٨٩ فاحرص على صلاة التراويح كلها كل ليلة حتى نهاية رمضان لتفوز بفضل ما بشر به -ﷺِ- بقوله: “من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” فهذا يعني قيام الشهر كله وما بشر به من قوله: “من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة كاملة” [أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد]
حادي عشر: وما بين التراويح إلى السحر وقت يستطيع أن يمليه الموفق بطاعات متنوعة من صلة وبر وإحسان وعمل خير ودعوة.
▪︎ وعند حلول الليل كان -ﷺ- يسمر مع أهله -يتحدثان ليلًا- بعض الوقت. وأنت تستعد للنوم بعد عناء وتعب اليوم تذكر توجيهه -ﷺ- لكل مسلم ومسلمة فقد كان النبي -ﷺ- يوتر قبل أن ينام. أي يصلي ثلاث ركعات بتشهد واحد وتر قيام الليل.، وأنت قد صليت الوتر مع الإمام فلا تعده مرةً أخرى حيث لا وتران في ليلة.
▪︎ وحينما تذهب إلى السرير تقوم بنفضه بطرف ثوبك؛ قال -ﷺ-: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخذ داخلة إزاره -أي طرفه- فلينفض بها فراشه وليسم الله، فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه،
▪︎ فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن، وليقل: «سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفس فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» رواه مسلم عن أبيّ رضي الله عنه
ويقول أيضًا: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن» متفق عليه
وتقرأ الفاتحة وآية الكرسي والإخلاص “قل هو الله أحد”، والمعوذتين “قل أعوذبرب الفلق، قل أعوذب ربالناس” ثلاث مرات. وبعد فيا أخي المسلم الحبيب هذا بعض ما يجب أن نتعرف عليه من هدي النبي -ﷺ- الذي ينبغي علينا الاقتداء به في يومنا، ولا أريدك أن تقول: هذا صعبٌ وفيه مشقة شديدة علىّ! وأي عمل ليس فيه مشقة، فالأجر يكون على قدر المشقة وإلا فأين مجاهدة النفس.
وما أروع أن نختم الحديث بهذا الحديث الذي رواه لنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -ﷺ-: “تَحتَرِقون تَحتَرِقون (أي تقعون في الهلاك بسبب الذنوب الكثيرة).
فإذا صلَّيتم الصُّبحَ غَسَلَتْها، ثم تَحترِقون تحترقون، فإذا صلَّيتم الظهْرَ غَسَلَتْها، ثم تَحترقون تَحترقون، فإذا صلّيتم العصرَ غَسَلتْها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صلَيتم المغربَ غسلتْها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صلّيتم العشاءَ غَسَلَتْها، ثم تَنامون فلا يُكتَب عليكم حتى تستَيْقظوا”. [رواه الطبراني في “الصغير” و”الأوسط”، وإسناده حسن، ورواته محتجّ بهم في الصحيح. صحيح الترغيب والترهيب للألباني. حديث رقم (٣٥٧)].
وأخيرًا تذكر أيها المؤمن وتذكري أيتها المؤمنة أن رمضان زمان نفيس قصير فمن الحرمان إضاعة شيئا منه في غير طاعة أو قربة. لنتذكر أن كل ساعة تمضي منه خسارة فكيف بساعات. كن عظيم الصلة بالله شديد اﻹفتقار إليه بأن يوفقك ويعينك فيه على طاعته. اﻹخلاص اﻹخلاص في كل طاعة فهذا هو سبيل النجاة.