مشروع سبع حجات يوميًا فى رمضان

بقلم فضيلة الشيخ : أحمد عزت حسن
الباحث فى الشريعة الإسلامية

 

إن الحج ولادة جديدة، وبداية جديدة، وعهد جديد في حياة الحاج؛ قال ﷺ: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) [رواه البخاري (١٥٢١)، ومسلم (١٣٥٠).

يرجع الحاج وكأنه وُلِد لتوِّه، طاهرًا نقيًّا من الذنوب والمعاصي، يرجع وقد وُعِد بالجنة، تخيَّلوا حاجًّا يرجع بهذه النفسية، وبهذا الشعور، يمشي على الأرض وكأنه من أهل الجنة، وهو طاهر كملَكٍ من الملائكة، ما عليه خطيئة، ألا يستحق هذا شكرًا لله تعالى ومزيدَ طاعة، وتَكرارًا لهذا الركن العظيم كلَّ عام؟! بلى!

ولكن المسلم لا يُمكن أن يحجَّ إلا مرة واحدة كلَّ عام، ويتمنى أن يحج كل سنة لو تيسَّر له ذلك لعِظَم ثواب الحج، ولكن مهما حرَص المرء أن يحجَّ كلَّ عام، فلن يبلغ عدد حجاته أكثر من عدد سنوات عُمره. -على افتراض أنه حج كلَّ عام منذ ولادته-، ولكن كيف يستطيع المسلم أن ينال عددًا من الحجات تفوق عددَ سنوات عمره؟! بمعنًى آخر: كيف يكسب العبد ثواب ألف حجةٍ أو خمسة آلاف حجة وأكثر من ذلك؟! أتريد معرفة ذلك؟ صل على الحبيب ﷺ

إن ذلك ليس بالمستحيل، وإنما سهل على من وفقه الله؛ “وإن كانت لكبيرةً إلا على الخاشعين”

يأتي ذلك بالحرص على الأعمال الصالحة التي أخبر النبي ﷺ بأن ثوابها يعدل ثواب الحج.

وهل هناك أعمال صالحة يَعدِل ثوابُها ثوابَ الحج؟ نعم، تعالوا معي نستعرض أربعة أعمال صالحة ثوابها يعدل ثواب الحج؛ أهداها لنا نبيُّنا ﷺ لتكثير حسناتنا وتثقيل ميزاننا، -سيما في هذه الأيام المباركة المُضاعة الأجر والثواب-

خمس حجات:

■ هل تعلم أنك إذا سمعت الأذان وقمت تتوضأ وتنطلق فورًا الى المسجد وصليت لك ثواب حجه. لا تعجب أخي فقد روى أبو أمامة أن رسول الله ﷺ قال: (مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ) [رواه أبو داود (٥٥٨)،

فهذا الحديث يرشد إلى ثواب آخر لصلاة الجماعة في المسجد، فإننا نعلم جميعًا أن من صلى الفريضة جماعة في أي مكان -ولو في بيته مع أولاده، أو ضيفه- نال ثواب سبع وعشرين درجة، ولكن الذي سيحرص على أداء هذه الصلاة في المسجد سيزيد ثوابه إلى ثواب حجة كاملة.

وهذا أمرٌ قد غاب عن كثير من المسلمين المتقاعسين عن أداء الفريضة في المسجد، وتراهم إذا اجتمعوا في بيت أو مجلسٍ، وأذَّن المؤذن، تقاعسوا عن الذهاب إلى المسجد، وصلَّوْا في مكانهم، متعلِّلين بأنهم جماعة، وسينالون ثواب سبع وعشرين درجة، وما علِموا ما خسروه من ثواب عظيم، إضافةً إلى الوعيد لمن ترك الصلاة في المسجد دون عذرٍ باحتمال عدم قبولها أو عدم كمالها؛ حيث روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ) [رواه ابن ماجه (٧٩٣)،

إن الذي سيحرص على أداء الفريضة في المسجد كلَّ يوم، سينال ثواب خمس حجات يوميًّا، وفي العام الواحد سينال حوالي (١٨٠٠) حجة، وفي عشر سنوات ثماني عشرة ألف حجة، وهكذا.

وهؤلاء الذين يجلسون أمام الشاشات وأمام الإنترنت وقت الصلاة، لو يعلمون مثل هذا الثواب الجزيل، هل تظنون أنهم سيُفرطون في صلاة الجماعة في المسجد بعد اليوم؟!

إن المسلم منذ أن يَخرج من بيته إلى الصلاة والحسنات تُصَبُّ عليه صبًّا، فكل خُطوة يَمشيها بحسنة، والملائكة تظَل تستغفر له حتى يرجع إلى بيته، ويُكتَب له ثوابُ الصلاة منذ خروجه من بيته، ويُضاعف له ثوابُ صلاته إلى سبع وعشرين ضِعفًا، وينال فوق ذلك أيضًا ثواب حج كامل، أرأيتُم فضلَ الله تعالى وتقاعسنا عن هذا الفضل؟! والمرأة فى بيتها لها نفس الثواب إذا صحت نيتها بطاعة الله.

■ وحجة سادسة: جلسة الضحى وحدها تفوز بسببها بأجر ثلاثون حجة وعمرة طوال شهر رمضان. قال رسول الله ﷺ: (من صلى صلاة الغداة “أى الفجر” فى جماعه ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم قام فصلى ركعتين انقلب بأجر حجة وعمرة) رواه الطبراني

ونحوه عند الترمذي (٥٨٦)، من حديث أنس بلفظ: “من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، قال رسول الله ﷺ: تامة تامة تامة”

وفي رواية عن عتبة بن عبد أن النبي ﷺ قال: (من صلَّى صلاةَ الصبح في جماعةٍ، ثم ثبتَ حتى يسبِّحَ لله سبحةَ الضحى، كان له كأجرِ حاجًّ ومعتمرٍ تامًّا له حجه وعمرته) [صحيح الترغيب والترهيب (٤٦٩)].

■ وحجة سابعة: فقد صح عن رسول الله ﷺ أن حضور درس له أجر حجة؛ فقد روى أبو أمامة أن رسول الله ﷺ قال: (من غَدا إِلَى الْمَسْجِد لَا يُرِيد إِلَّا أَن يتَعَلَّم خيرًا أَو يُعلمهُ، كَانَ لَهُ كَأَجر حَاج تَامًّا حجَّتة) [أخرجه الطبرانى (٨ /٩٤، رقم ٧٤٧٣) قال الهيثمي (١ /١٢٣): رجاله موثقون كلهم، والحاكم (١ /١٦٩، رقم ٣١١)، وأبو نعيم في الحلية ( ٦ /٩٧ )، وابن عساكر (١٦ /٤٥٦)،

إن حضورك لكل درسٍ أو محاضرة تُقام في المسجد، تنال به ثواب حجة كاملة، ولكن للأسف الشديد فإننا نرى بعض الناس يتقاعسون عن حضور مثل هذه الدروس،

لقد كان سلفنا الصالح -رحمهم الله تعالى- يسافرون في طلب العلم، ألا تعلمون أن من خرج في طلب العلم، فهو في سبيل الله حتى يرجع؟! ألا تعلمون أنه ما اجتمع قوم على ذكر، فتفرقوا عنه، إلا قيل لهم: قوموا مغفورًا لكم -قد بُدّلت سيئاتكم حسنات-؟!

ألم تسمعوا قول النبي ﷺ: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة) وفوق ذلك كله تنال ثواب حجة كاملة لحضورك درسًا أُقيم في المسجد، هكذا بشَّر النبي ﷺ حين قال: (من غَدا إِلَى الْمَسْجِد لَا يُرِيد إِلَّا أَن يتَعَلَّم خيرا أَو يُعلمهُ، كَانَ لَهُ كَأَجر حَاج تَامًّا حجَّته).

فحري بنا حضور مجالس العلم وتعلُّم أمر ديننا، وحري بنا الحرص على الأعمال التي يعدِل ثوابُها ثواب الحج، والإكثار منها، وهذه الأعمال لا تُسقط عنَّا حجَّ الفريضة، وإنما تزيد ثوابنا.

يعنى من صلى التراويح فى مسجد فيه كلمة بين الركعات فهى تقوم مقام درس العلم بإذن الله، هل هناك عاقل يضيع أجر سبع حجات يوميًا؟

■ ولا تنس أخي الحبيب أن العمرة في رمضان تعدل حج مع الرسول ﷺ -وهذه حجة ثامنة لمن وفقه الله-؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (عمره فى رمضان كحجة معى). رواه البخاري (١٧٨٢)، ومسلم (١٢٥٦). فلا يوجد عمل يجعلك مع الرسول ﷺ كالصحابة مثل عمره فى رمضان -كما قلنا قبل-

– وجلسة الضحى وحدها تفوز بسببها بأجر ٣٠ حجة وعمره فى رمضان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *