خطبة بعنوان «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ برِفْقٍ» لفضيلة الدكتور أيمن حمدى الحداد
19 فبراير، 2025
خطب منبرية

خطبة بعنوان «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ برِفْقٍ»
لفضيلة الدكتور أيمن حمدى الحداد
نص الخطبة:
الحمد لله رب العالمين جعل محمداً صلى الله عليه وسلّم رحمة للعالمين وإماماً للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن سيدنا محمداً عبدالله ورسوله اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن أتبع هداهم إلى يوم الدين أما بعد؛ فيا أيها المسلمون: إن من أجل خصائص الشريعة الإسلامية أنها بينت على التيسير والسماحة؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾(البقرة: ١٨٥)، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾(الحج: ٧٨)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ قال: «إن الدِّين يُسْر، ولن يشادَّ أحدٌ الدِّينَ إلا غلَبه؛ فسدِّدوا وقاربوا وأبشِروا، واستعينوا بالغَدْوة والرَّوْحة، وشيءٍ مِن الدُّلجة» رواه البخارى.
ولقد نهى ديننا الحنيف عَنِ الغُلُوِّ بل وحذَّرنا مِن ذلك أشد التحذير؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» رواه ابن ماجه.
قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَ الْحَقِّ﴾ (النساء: ١٧١).
ولقد بنيت الأحكام الشرعية كلها على التيسير من أمثلة ذلك؛
♦ أولاً: التيسير فى أداء الصلاة؛ لقد كان سيدنا رسول الله ﷺ يحب أن يطيل فى الصلاة لكنه كان
يخففها رحمة بالأم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبى فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه ببكائه» متفق عليه.
– انقطاع سيدنا رسول الله ﷺ عن صلاة القيام في المسجد خوفاً أن تفرض علي الناس فقال لهم: «فإنه لم يخف على شأنكم ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها» رواه مسلم.
– ولما دخل سيدنا رسول الله ﷺ على عائشة رضى الله عنها وعندها امرأة تقوم الليل ولا تنام قال: «مه خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وأحب العمل إلى الله ما دوام عليه صاحبه وإن قل» متفق عليه.
– وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: دخل النبي ﷺ المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: «ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به فقال: «لا حلوه ليُصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد» رواه البخاري.
– ولقد جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ ﷺ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ ﷺ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها، فقالوا: أين نحن منَ النبيِّ ﷺ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر، قال أحدُهم: أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا، وقال آخَرُ: أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ، وقال آخَرُ: أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا، فجاء رسولُ اللهِ ﷺ فقال: «أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له، لكني أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النساءَ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني» رواه البخارى.
♦ ثانياً: التيسير في الصيام؛
– لقد نهي سيدنا رسول الله ﷺ عن الصيام في السفر؛ فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه: كان النبي ﷺ في سفر فرأى رجلاً قد اجتمع الناس عليه فقال: «ما له؟ قالوا: رجل صائم فقال النبي ﷺ: «ليس البر أن تصوموا في السفر» رواه البخارى.
– إباحة الفطر للمريض والمسافر والحامل والمرضع؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾(البقرة: ١٨٤)، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «إنَّ اللهَ وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم، ورخص للحبلى والمرضع» رواه النسائي.
– من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «من أكل ناسيًا وهو صائمٌ، فليتمَّ صومَه؛ فإنما أطعمه اللهُ وسقاه» رواه النسائي.
– قال ابن عمر، أنه قال: أنزلت: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾(البقرة: ١٨٣)، كتب عليهم أن أحدهم إذا صلَّى على العتمة ونام، حُرِمَ عليه الطعام والشراب والنساء إلى مثلها.
واستمر الأمر على هذا عند المسلمين الأوائل؛ فقد كان في أول فرض الصيام، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجِماع، فحصلت المشقَّة لبعضهم، فخفَّف الله تعالى عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجِماع، سواء نام أو لم يَنَمْ؛ لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به؛ فعَنِ الْبَرَاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الْإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ، قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾(البقرة: ١٨٧)، فَفَرِحُوا بِهَا فرحاً شديداً.
♦ ثالثاً: تيسير التوبة؛ إن المتأمل فى شرع مَن قبلنا يجد أن التوبة في شريعتهم كانت توجب على المذنب قتلَ نفسِه حتى يبرأ ويتطهر من ذنبه؛ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾(البقرة: ٥٤)،
– إلا أن دِيننا الحنيف شرعَ التوبة والاستغفار من الذنب دونما حاجةٍ لقتل النفس؛ قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾(نوح: ١٠-١٢)، وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَن قال حين يأوي إلى فراشه: أستغفر اللهَ الذي لا إله إلا هو، الحيَّ القيومَ، وأتوب إليه، ثلاث مرات غفَر الله له ذنوبه، وان كانت مِثل زَبَدِ البحر» رواه أحمد.
فاتقوا الله عباد الله: ويسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا لا سيما وأنتم تعيشون فى رحاب هذه الأيام المباركات وتستعدون لاستقبال رمضان.. أقول قولي هذا واستغفر الله لى ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد؛ فيا أيها المسلمون: لقد ظن فريق من الناس أن العبادة فى الإسلام تقتصر على أداء الشعائر التعبدية فأهلموا السعى على حوائج الناس فضيعوا على أنفسهم الأجور العظيمة، ولقد شارك رسولنا الكريم ﷺ فى حلف الفضول قبل الإسلام وهو مؤسسة إجتماعية خيرية تقوم على العمل التطوعى، وكان من أهم أهدافها إغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم فقال ﷺ مبيناً فضل العمل الإجتماعي النافع: «لو دعيت إلى مثله فى الإسلام لأجبت»، لذلك كان لزاماً علينا أن نذكر ببعض ثمار العمل الإجتماعي النافع، وقضاء حوائج الناس.
♦رابعاً: من ثمار الأعمال الإجتماعية؛
– قضاء حوائج الناس أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ قال النَّبِيِّ ﷺ: «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، أَوْ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً» رواه البيهقى.
– قَضَاءُ حَوَائِجِ الْناس سبب لدوام النِّعَمِ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ للهِ عِنْدَ أَقْوَامٍ نِعَمًا أَقَرَّهَا عِنْدَهُم -يَعْنِي: جَعَلَهَا ثَابِتَةً عِنْدَهُمْ-؛ مَا كَانُوا فِي حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَمَلُّوهُمْ، فَإِذَا مَلُّوهُمْ نَقَلَهَا اللهُ إِلَى غَيْرِهِمْ». وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فى الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ.
– قضاء حوائج الناس نجاة من كربات القيامة فعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:
«وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً؛ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم.
وَشَتَّان مَا بَيْنَ كُرْبَةِ الدُّنْيَا وَكُرْبَةِ الْآخِرَةِ، فَهَذَا عَطَاءٌ مِنْ صَاحِبِ الْعَطَاءِ وَالْفَضْلِ،
– قضاء حوائج الناس من صِفَاتِ الْأَبْرَارِ مِنْ عِبَادِ اللهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيماً أسيراً﴾(الإنسان: ٩) وَهُمْ فِي حَالٍ يُحِبُّونَ فِيهَا الْمَالَ وَالطَّعَامَ، لَكِنَّهُمْ قَدَّمُوا مَحَبَّةَ اللَّهِ عَلَى مَحَبَّةِ نُفُوسِهِمْ، وَيَتَحَرَّوْنَ فِي إِطْعَامِهِمْ أَوْلَى النَّاسِ وَأَحْوَجَهَمْ
وَيَقْصِدُونَ بِإِنْفَاقِهِمْ وَإِطْعَامِهِمْ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَقُولُونَ بِلِسَانِ الْحَالِ: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا﴾، فيكون لهم العون من ربهم جل وعلا ففى الحديث «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» رواه مسلم..
– قضاء حوائج الناس دليل على اتباع سنة النبي ﷺ فقد كان سباقًا لإغاثة الملهوف والسير في قضاء حاجات الناس،فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ إذا جاءه السائل أو طُلبت إليه حاجة، قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ﷺ ما شاء».
– قضاء حوائج الناس سبب النجاة من حر القيامة فعن أَبِي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ -ذَكَرَ مِنْهُمْ-: وَرَجَلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ» متفق عليه.
– قضاء حوائج الناس يجعل صاحبه من أهل المعروف قال سلمانُ رضي اللهُ عنه: إنَّ أهلَ المعروفِ في الدنيا هم أهلُ المعروفِ في الآخرةِ، وإنَّ أوَّلَ أهلِ الجنةِ دخولاً أهلُ المعروفِ..
– قضاء حوائج الناس يقى المهالك قال ﷺ:«صَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ..» رواه الطبراني.
– قضاء الحوائج يكون صاحيه من مفاتيح الخير فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطُوبَى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه» رواه بن ماجه.
قوله: إن من الناس مفاتيح للخير؛ أي: إن الله تعالى أجرى على أيديهم فتح أبواب الخير؛ كالعلم والصلاح على الناس، حتى كأنه ملَّكهم مفاتيح الخير ووضعها في أيديهم؛ حاشية السندي على سنن ابن ماجه.
– قضاء حوائج الناس من ثماره معية الله رب العالمين فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرِضتُ فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرِض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك، فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي» رواه مسلم..
– قضاء حوائج الناس من وسائل وَحدة المجتمع فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه» متفق عليه..
واعلموا عباد الله: إن أولى الناس بقضاء حوائجهم هم الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ ثم الْأَبْعَدِينَ، فَقَدْ أَوْصَى اللهُ بِالْأَقَارِبِ، وَجَعَلَ لَهُمْ حَقًّا عَلَى قَرِيبهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ قال تَعَالَى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ﴾(الإسراء: ٢٦)، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:«الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ؛ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.
قاتقوا الله عباد الله واحسنوا إلى إخوانكم بقضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم لا سيما وأنتم تستعدون لاستقبال رمضان.
اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر واجعلنا ممن تقضّى على أيديهم حوائج الناس وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وأقم الصلاة.