نعمة الأمن والأمان

الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد

فإن الأمن نعمة عظيمة يساعد فى نشر المحبة والألفة ويساعد على الإعمار والتقدم والرقى لذلك تأمل معى مكانة الأمن

أولا : قدم الله تعالى الأمن على الرزق وذلك في قوله تعالى (وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات من أمن منهم بالله واليوم الاخر )

وذلك لسببين :
الأول : أن الخائف لا يستطيع ان يعمل ولا يجتهد ولا يسعى في الأرض ويمشي في مناكبها ليأكل من رزق الله

الثانى : أن الخائف لا يستمتع بشراب ولا يستلذ بطعام فلا يشعر بأى شيئ

ثانيا : جعل الله البيت الحرام أمنا وامانا قال تعالى (واذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ) وقال تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما أمنا ويتخطف الناس من حولهم ) وقال تعالى (أولم نمكن لهم حرما أمنا يجبى اليه ثمرات كل شيء )

ثالثا : الأمن مطلب الانبياء والصالحين قال تعالى على لسان سيدنا ابراهيم عليه السلام (وإذ قال إبراهيم رب إجعل هذا البلد آمنا واجنبنى وبني أن نعبد الأصنام ) وعلى لسان سيدنا يوسف عليه السلام (فلما دخلوا على يوسف آوى اليه أبويه وقال ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين ) وعلى لسان سيدنا موسى عليه السلام (وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولا مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ) وهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والسلام ربي وربك الله ) رواه الترمذي وكانت أحوال النبي صلى الله عليه وسلم كلها تدعو الى الأمن والسلام فلما وصل الى المدينة مهاجرا آخى بين المهاجرين والأنصار وكتب صحيفة المدينة دستور المدينة بين المسلمين وغيرهم ليعيشوا في أمن وأمان وسلم وسلام وسخاء ورخاء ولما دخل مكة فاتحاً قال سيدنا سعد هذا يوم الملحمة فقال صلى الله عليه وسلم هذا يوم المرحمة ثم قال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل داره فهو آمن

بل تأمل معى في يوم وهم في المدينة سمعوا صوتا فأسرعوا فوجدوا النبي صلى ال

له عليه وسلم على فرس عرى وقال لهم لن تراعوا إنا وجدناه بحرا
رابعاً : ولمكانة الأمن قدمه النبي صلى الله عليه وسلم على الصحة والرزق فقال فيما روى احمد والترمذي ( من اصبح منكم أمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا )

خامساً : جعل الله الأمن مكافأة لأهل الجنة فقال تعالى (ادخلوها بسلام آمنين ) وقال تعالى (يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ) وقال تعالى ( وهم في الغرفات آمنون )

سادساً : المسلم الحقيقي والمؤمن الحقيقي لا يؤذى الناس عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأعراضهم )

سابعا : إمتن الله على قريش بنعمة الأمن فقال (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )

ثامنا : الأمن سبب في الرخاء والعمار ونشر الخير قال تعالي عن ثمود قوم سيدنا صالح. (وتنحتون من الجبال بيوتا امنين ).

وبعد هذا التوضيح نقول وبالله التوفيق
ما هى اقسام الأمن

الأول : الأمن العقدي المحافظة على العقيدة الخالصة التي لا لبس ولا شك ولا غموض فيها فالنفع والضر بيد الله تعالى ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك قال الله تعالى الذين (امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون )

الثانى : الأمن النفسي فرض الاسلام سياجا أمنيا حول النفس قال تعالى (وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس ) ( من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) وقال صلى الله عليه وسلم (أول ما يقضى بين العباد يوم القيامة في الدماء )

ثالثا : الأمن الفكري المحافظة على الهوية الإسلامية من التحريف والتشويه فمن يسمون انفسهم بالتنوريين يطعنون في علماء الدين وفي تعاليم الدين ويشوهون التاريخ الاسلامي

رابعاً : الأمن على الاعراض والأموال قال تعالى (يا ايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ) وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) وقال صلى الله عليه وسلم ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) وقال صلى الله عليه وسلم ( من قال في مسلم ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال )

وأخيرا كيف نحقق الأمن ؟

أولا : الإيمان المقرون بالعمل الصالح قال تعالى (فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) وقال تعالى ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا )

ثانيا : تقوى الله عز وجل قال تعالى ( فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

ثالثاً : شكر الله عز وجل قال تعالى (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ).

رابعاً : التقرب الى الله بالعبادات قال تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

خامساً : المحافظة على ذكر الله تعالى قال تعالى الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب )

سادسا  : اتباع منهج الله ورسوله قال تعالى ( فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

والله اعلى واعلم
اللهم اغفر ذنوبنا وإسرافنا في امرنا

اترك تعليقاً