رسالة إلى (الشباب المسلم)
13 يناير، 2025
الوهابية ومنهجهم الهدام

بقلم الدكتور : مصطفى حسن الأقفهصى ( أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية )
أحب أن أتوجه برسالة إلى الشباب المسلم ، وخاصة (الشباب المصري) صاحب الشخصية الحضارية العريقة، والمبدأ الديني الأصيل ، ونخص منهم مَن خدعته الظروف ، وسرقته الأحداث، وسيَّرته العواقب، حتى وجد نفسه تابعًا لجماعة من الجماعات الإسلامية المتطرفة؛ كالوهابية أو الإخوان المسلمين أو ما انبثق عنها من جماعات وأحزاب، وكذلك مَن مال فكره إلى إحداها ، وأخذته الشفقة عليها ، متأثِّرًا ببعض الكلمات والخطابات الرنانة من بعض قاداتها ومُنتحِلها، فالتبست عليه الأفكار، وتزاحمت عنده القضايا، واختلطت عليه الاتجاهات؛ فمرةً ينساق خلفها، ومرةً يقف حائرًا مضطربًا عندها، لا يهتدي لطريقٍ يسلكه، أو منهجًا يتبناه ويعتقده.
فأقول لهم كما قال الأستاذ المفكر خالد محمد خالد:
إن الإسلام اليوم في مفترق الطرق، وإن المتربصين به اليوم أكثر عددًا ومكرًا ومزاحمة من الذين تربصوا به في غابر الأيام.
وهذا يفرض على كل مسلم (تابعًا كان أو متبوعًا) ألا يكون الثغرة التي يدخل منها مكر الماكرين، وكيد الكائدين، من أعداء ديننا وخصومه.
ولن يتأتَّى ذلك لأي مسلم تجرفه العجلة، ويعتوره سوء الفهم، وينتابه الرغبة في العدوان.
ماذا أفاد الإسلام من الذين اختطفوا الشيخ الذهبي رحمه الله ورضي عنه وقتلوه؟!
بل ماذا كسبوا هم من هذه الجريمة البالغة المدى في النذالة والإجرام؟!
وماذا أفاد الإسلام من الجرائم التي ارتكبت ضد المسلمين؟!
إذا كان هؤلاء يؤمنون حقًّا بالله ورسوله، فهذا هو الله تعالى يقول لهم: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء 93]
وهذا رسوله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام يقول: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ تعالى مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ».
سيقول بعض دعاتهم: هؤلاء الذين نهدر دمائهم ليسوا بمؤمنين، ولا مسلمين.
والجهل حظك إن أخذت العلم من غير العلم.
نسأل كما سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل مَنْ هو أفضل منهم وأزكى: هلَّا شققت عن قلبه؟
إنَّ الإنسان لَيَقِفُ أمامَ بعض تصرفاتهم ذاهلًا حائرًا!!
أيُّ تقوى، وأيُّ تديُّنٍ سليمٍ هذا الذي يدفع إلى ذلك العدوان والتصادم مع رجال الجيش والشرطة، وكأنهم أعداء؟!!
فعلى فصائل العنف في التيار الإسلامي وعلى دعاتها ومحرضيها، إدراك أن خطرهم على الإسلام وعلى الوطن، لا يقل عن الأخطار التي تزحف من أعدائه في الخارج.
وعليهم إدراك أنهم لو قتلوا مائة، أو مائتين، أو ألفًا من معارضيهم وشاجبي عنفهم، فلن يصلوا إلى شيء أبدا إلَّا إلى أبواب جهنم المفتوحة على مصاريعها لاستقبال القتلة والمفسدين.
لن يسقطوا بعنفهم وبقتلهم نظامًا، ولن يغيروا مجتمعًا، وسيدخلون من السرور على أعداء الإسلام نفس القدر الذي سيدخلونه على دينهم ووطنهم ومواطنيهم من الهم والكرب والفجيعة!!
ليس هناك لخدمة الإسلام اليوم، صحوته المباركة، سوى سبيل واحدة؛ هي: البلاغ والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
وفي ذلك يقول الإمام محمد عبده: من المقرر أنه ليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والتنفير من الشر.
وكل من دعاكم (أيها الشباب المسلم) لغير هذا فاعلموا أنه مريب!!.
وفي ختام الأمر: نسأل الله تعالى أن يهدينا إلى طريق الحق والصواب، وأن يلهمنا الهدى والرشاد، وأن يريح الأمة من هذا الفكر الأبتر والمنهج الأعمى لهؤلاء المتطرفين، وأن يقينا أحقادهم وشرورهم، وأن يبطل كيدهم ويقمع باطلهم، ونسأله سبحانه أن يُعَجِّل بالنصر على أصولهم وفروعهم.. إنه سميع قريب مجيب الدعاء.