القوي

 بقلم الدكتور : محمد محمد هيكل

إستشاري تطوير الذات والعلاقات الإنسانية والتخطيط الإستراتيجي للموارد البشرية..

ليس من طباعنا مسلمون وعرب الشماتة بأحد ، بل أن من شيمنا المساعدة في رفع الضر عن أي إنسان أو كائن يعاني من ويلات الحياة، نتعاطف وتنفطر قلوبنا حين نشعر بصرخات غيرنا وأوجاعهم.

ولكن ما حدث بولاية كاليفورنيا بأمريكا منذ أيام جعلني وغيري الكثيرون نفكر ونربط الأحداث بعضها ببعض، ولأن لدي يقين قاطع بأن لا شئ يحدث صدفة في هذه الحياة، قررت أن أطلق العنان لعقلي وأعطيه كافة الصلاحيات حتى يعطيني في نهاية المطاف رأي وتقرير مفصل حول ما يحدث.

وبالفعل وخلال وقت وجيز توصل عقلي لتفسير لهذا الإعصار الذي شبهه البعض بأنه نهاية الكون وكأنه يوم القيامة.

هناك أمور خفية بين طيات ما يحدث لا يعلمها إلا الله عز وجل وليس علينا القيام بمزيد من البحث والتدقيق لأننا لن نصل لأعماقها.

ولكن ما يتضح جليًا أمامي أن الله عز وجل أراد أن يقول لمن تكبر وتجبر في الأرض دون أن يجد من يوقفه، لمن قتل الأبرياء وأشعل الحروب في كل مكان وحارب دين الله وظلم عباده، لمن هدد بحرق بلاد الإسلام والمسلمين، أراد الله أن يقول لهم أنه هو القوي ولا قوي غيره ولا يمتلك مقاليد الأمور وأدوات القوة غيره وأنه لا يرضى بالظلم ولا يترك الظالم أبدًا.

وهنا أقول مجددًا أن القرآن الكريم به كل شئ وتفسيره لمن أراد أن يعي ويفهم ما يحدث حوله من أمور وأحداث، وأن لله تسع وتسعون إسمًا علينا أن نتدبرهم جيدًا، الله هو القوي نعم هو وحده القوي ولا يعلم جنده إلا هو ولا يحيط بقدرته وقوته إلا هو وحده.

هل تعلم أن دول العالم تنفق تريليونات الدولارات سنويًا على التسليح ومليارات الدولارات على الأبحاث العلمية، هل تعلم أن أمريكا تنفق المليارات لمواجهة الكوارث الطبيعية والتأمين ضدها.

ولكن يبدو أن أمر التأمين لا يحتاج للإنفاق المادي بقدر ما يحتاج لأن يتفهم الجميع بأن الله هو من سيؤمنك حين تؤمن بأن هذا الكون ملكه وأن الخلق خلقه وعليك أن تأتمر بأوامره وتنتهي بنواهيه مهما بلغت قوتك لأنك ضعيف أمامه وهو من منحك القوة وهو من يملك القدرة على نزعها منك.

لو أن أمريكا وهي أقوى دولة بالعالم جمعت ترساناتها العسكرية وأساطيلها البحرية وأسرابها الجوية وقنابلها النووية والذرية، لو أنهم جمعوا كل علمائهم ومفكريهم ومستشاريهم ومخططيهم للتصدي لهذا الجندي الذي أرسله الله لهم ما استطاعوا أن يوقفوه وهو جندي واحد.

ولنعلم جميعًا أن هذه رسالة لنا جميعًا من إله قوي لا يقبل الظلم، رسالة لكل ظالم ظلم نفسه أو استضعف غيره، حتى وإن كان رب أسرة أستضعف من يعولهم، وإن كان صاحب عمل أكل حقوق عماله وإن كان مسئول تجبر على من تحت يده.

ليراجع الجميع نفسه وليبدأ من جديد بداية بيضاء.

هي رسالة طمأنة لنا كعرب ومسلمين في الوقت الذي نسينا فيه بأن الله هو القوي وملأ الخوف قلوبنا من عدونا وأنكسرنا أمامه ذلاً و خوفًا، بأن نعود إلى الله وأن نتقيه في أنفسنا وديننا وأوطاننا وأن نعمل ليل نهار لننهض من جديد وننتظر النصر والرفعة من الإله الواحد الذي لا يقهره أحد وهو القاهر فوق عباده.

أدعو نفسي وأدعوكم بالتفكر واليقين والإيمان بأن لنا إله قوي هو سندنا وقوتنا وما علينا إلا العمل بما أمرنا به ليمدنا بقوته وجنده لننتصر على عدونا مهما بلغت قوته وجبروته.

لتطمئن قلوبكم وتملؤها السكينة من جديد ولتثمر أوطانكم بالحب والخير

يا من ظننتم أنكم ضعفاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *