خطبة بعنوان (خطر المخدرات وأضرارها المتعدية) للشيخ يسري بن عبد الرحمن
25 ديسمبر، 2024
خطب منبرية

خطبة الجمعة القادمة بإذن الله: (خطر المخدرات وأضرارها المتعدية)
إعداد الشيخ / يسري بن عبد الرحمن – أوقاف أسيوط
المقدمة:
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ أَعدَاءَ الدِّينِ وَشَانِئِـي الفَضِيلَةِ؛ مِن دُعَاةِ الشُّرورِ، وَمُرَوِّجِي الرّذِيلَةِ، يَسْلُكُوَنَ كُلَّ الطُّرُقِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى اِفسَادِ الآمة، هَمُّهُم تَجرِيدُها مِن دِينِهَا، وَإِضعَافُ العَقِيدَةِ في قُلُوبِ أَبْنَائِهَا، وَتَغيِيرُ مَبَادِئِهَا، وَنَسفُ ثَوَابِتِهَا.
– وَيَسعَونَ لإِفسَادِ سُلُوكِ أَبنَائِهَا، وَتَحطِيمِ أَخلاقِهِم، وَتَخرِيبِ طِبَاعِهِم، وَجَعلِ المُجتَمَعِ الإِسلامِيِّ مِسْخًا مُشَوَّهًا لِمُجتَمَعَاتٍ لا تَمُتُّ لِدِينِنَا الحَنِيفِ بِصِلَةٍ، وَلا يَربِطُهَا بِقِيَمِهِ وَمُثُلِهِ أَيُّ رَابِطٍ.
فهم يتسببون في آفَةٍ هُتِكَتْ بِسَبَبِهَا أَعْرَاضٌ! وَقَتَلَ بِسَبَبِهَا الْأَخُ أَخَاهُ، وربما وَالِدَيْهِ، وَرَفَعَ السِّلَاحَ عَلَى زَوْجَتَهُ، وَرَوَّعَ أَوْلَادَهُ، وَأَشْعَلَ النَّارَ فِي جَسَدِهِ. مَشَاهِدٌ مُرَوِّعَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، لَا تَنْقَطِعُ أَخْبَارُهَا، فِي غَالِبِ دُوُلِ الْمَعْمُورَةِ، وَلَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
– أما بلغكم خبر الرجل الذي قتل ثلاثة من أطفاله في العام الماضي
– أوما قرأتم في الصحف خبرشاب قام برمي أمه من الدور الثاني
– وآخر يقتل والده ذا التسعين من عمره وهو قائم يصلي ..
– وآخر يحرق زوجته واثنين من أطفاله وهو ينظر إليهم وهم يضطربون ويستمع إليهم وهم يصطرخون، وينتهي به المطاف إلى مستشفى الأمراض النفسية ،
حوادث السيارات الرهيبة التي يروح ضحيتها عشرات الالاف سنويا
والله إن هذه الحوادث المفجعة ليست من نسج الخيال لترهيبكم من خطورة هذا الداء العضال.بل قد حدثت بالفعل
– حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ آفَةِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَجَرِيمَةِ الْمُسْكِرَاتِ؛ وَقَانَا الله وَإِيَّاكُمْ وَذُرِّيَّاتِنَا شَرَّهَا؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( 90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)
– وَعن بن عباس قَالَ ﷺ: «أتاني جبريلُ فقال: يا محمَّدُ! إنَّ اللهَ لعَن الخمرَ، وعاصِرَها، ومعتصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليهِ، وبائِعَها، ومُبتاعَها، وساقِيها، ومُسقاها »، فِيْ رِوَايَةٍ: « وآكل ثمنها ».اخرجه أحمد في المسند
حجم الخطر يزيد
إِنَّ هَذَا الطُّوفَانَ المُدَمِّرَ لَيُسرِعُ في زَحفِهِ إِلى البُيُوتِ، وَيَقتَحِمُ المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ، الذُّكُورَ وَالإِنَاثَ، وَتَشكُو آثَارَهُ عَامَّةُ الْقِطَاعَاتِ، ممَّا يَستَدعِي مِنَّا أَن نَكُونَ عَلَى وَعيٍ وَإِدرَاكٍ لِحَجمِ الخَطرِ، وَأَن نَتَعَاوَنَ للْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ المُهلِكِ، وَمُنَابَذَةٌ لِلمُرَوِّجِينَ وَالمَجرِمِينَ، وَهِمَّةٌ في التَّبلِيغِ عَنهُم، وَحَذَرٌ مِنَ التَّسَتُّرِ عَلَيهِم أَوِ التَّهَاوُنِ مَعَهُم، وَإِحيَاءٌ لِوَاجِبِ الحِسبَةِ، وَبَذلٌ لِحَقِّ النَّصِيحَةِ.
فَاللَّهُمَّ إنا نّـجْعَلُكَ فِي نُـحُورِ هَؤُلَاءِ الْمُرَوِّجَيـنَ وَالْمُهَرِّبِيـنَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ!
أضرار المخدرات؟
عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ خَسَارَتَهُ بِتَعَاطِيهَا، أُخْرَوِيَّةٌ أَكْثَرَ مِنْهَا دنيويةٌ، وَآثَارَهَا عَلَى دِينِهِ أَشَدُّ مِنْ آثَارِهَا عَلَى دُنْيَاهُ، وَلِمَ لَا، وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ مَنْ تَعَاطَي مُسْكِرًا بِأَنْ يَسِقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ؟ عن جابر بن عبدالله: قَالَ ﷺ: « إنَّ علَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَن يَشْرَبُ المُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبَالِ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَما طِينَةُ الخَبَالِ؟ قالَ: عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ. » رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَيْ: قَيْحُ وَصَدِيدُ وَدِمَاءُ أَجْسَادِ أَهْلِ النَّارِ.
آثار ومضاعفات إدمان المخدرات:
1- مشاكل صحية: يؤدي إدمان المخدرات إلى حدوث مشاكل صحية بدنية وعقلية ويعتمد ذلك على نوع المخدرات المستخدمة.
2- فقدان الوعي والغيبوبة والموت المفاجئ وخاصة عند أخذ جرعات عالية أو إذا تم الجمع بين أنواع المخدرات أو الكحول.
3- الإصابة بالأمراض المعدية مثل الإيدز سواء من خلال العلاقات الجنسية المحرمة أو عن طريق مشاركة الإبر.
4-التعرض لحوادث السير في حالة السكر..تُزهق حوادث المرور أرواح نحو 1.3 مليون شخص سنوياً، ويتعرض بين 20 و50 مليون شخص آخر لإصابات غير مميتة،. تقع نسبة تزيد على 90٪ من حوادث المرور في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في أفريقيا.
5- الانتحار. مع مرور الوقت، قد يحتاج الشخص المدمن إلى جرعات أكبر من العقار ليصل إلى الشعور بالنشوة. مع زيادة استخدام العقار، قد تزداد لديه صعوبة مواصلة الحياة بدون العقار فإن لم يجده ..فينتحر
6- المشاكل الأسرية والخلافات الزوجية بسبب التغيرات السلوكية التي تطرأ على مدمن المخدرات. مختص نفسي: على “زوجة المدمن” الخروج من المنزل فورًا في هذه الحالة..
7- مسائل قانونية حيث أن إدمان المخدرات يؤدي إلى السرقة وقيادة السيارة تحت تأثير المخدرات وغيرها.
8- مشاكل مالية: إدمان المخدرات يؤدي إلى إنفاق المال بلا حساب وذلك لشراءها فيضع المدمن تحت وطئة الدَّيْنِ وتقوده الي الفقر.
أَسْبَاب تعاطي المخدرات كَثِيَرةً، مِنْهَا:
1- أصدقاء السوء:
السؤال: لماذا يتعرف الشباب على أصدقاء السوء؟
الجواب :إنَّ الشباب يلجأ دائمًا إلى الحماية، ويبحث عن الصدر الحنون الذي يتلقَّاه، ويعيش آلامه وأحزانه ومَشاكله، وإلى من يستمع إليه، ويُشاركه في الهروب من واقعه، إذا كان بالفعل يعيش بعضَ المشاكل في محيط أسرته، أو مدرسته، أو في الجامعة، أو في العمل.
وقد يكون الصدر الحنون هو صدرًا زائفًا مُخادعًا، يدفع على الفساد، وهذا الصَّدر الحنون هم رفاق السوء، وأفراد الشرِّ والضَّلال من التائهين والضَّائعين، أو من اللصوص المتاجرين بالسموم؛ كي يُحققوا الثَّراء على حساب جثث ضحاياهم من الشباب.
2- التقليد الأعمى:
والسؤال: هل من الممكن أنْ يقلد الشباب غَيْرَهم في تعاطي المخدِّرات؟
الجواب : نعم، خصوصًا إذا ما كان المتعاطي ذا جاه، أو مركز، أو شهرة يصادقه، ويتشبه به دون وعي أو تمييز، ودون معرفة لحقيقة الفسق والضلال.كتقليد الفنانين ولاعبي الكرة والإعلاميين..الفاسدين
3- انشغال الوالدين:
أو أحدهما عن الأبناء؛ لظروف العمل المستمر، أو السفر، أو مرض مزمن، فلا رقابة هناك، ومن ثم يفعل الأبناء كلَّ ما هو متوقع، وما ليس متوقع.
4- الشدة في تربية الأبناء:
– الحرمان من الود والحب يدفع الشباب إلي البحث عنه، خارج البيت..ومن ثم لا بد من المشاركة المعنوية، والاهتمام بالأبناء، وعدم اللجوء إلى العنف؛ حتَّى لا ينزلق الشباب في دائرة الانحراف.
5- الْبَحْثُ عَنْ السَّعَادَةِ:
فَالْمُتَعَاطِي يَبْحَثُ عَنِ السَّعَادَةِ الْوَهِمِيَّةِ عَنْ طَرِيقِ المُخدِّراتِ الَّتي تَغَيِّبُهُ عَنْ وَاقِعِهِ، وَتَجْعَلُهُ يُحَلِّقُ فِي عَالَمِ الْخَيَالِ، وَيَشْعُرُ بِسَعَادَةٍ كَاذِبَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لِأَنَّهُ اِبْتَعَدَ عَنْ مَشَاكِلِهِ الَّتِي عَجَزَ عَنْ مُوَاجَهَتِهَا، وَهَذَا حَلٌّ مُؤَقَّتٌ، وَسَعَادَةٌ زَائِفَةٌ؛ ثُمَّ يَعْقُبُهَا الْعَذَابُ؛ فَمَا جَعَلَ اللهُ شِفَاءَ الْأُمَّةَ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا. لِذَلِكَ حَذَّرَتِ الأَجْهِزَةُ الأَمْنِيَّةُ وَالمُتَخَصِّصُونَ فِي المُخَدِّرَاتِ وَعَالَمِ الجَرِيمَةِ مِنْ نَشْرِ الطُّرَفِ المُخْتَلَقَةِ عَلَى ألْسِنَةِ الْمُحَشِّشِينَ وَمُتَعَاطِي المُخَدِّرَاتِ، وَالَّتِي تُظْهِرُ أَنَّ مُتَعَاطِي المُخَدِّرَاتِ أَذْكِيَاءُ أَوْ ظُرَفَاءُ أَوْ سَرِيعُو البَدِيهَةِ،. وَقَدْ أَثْبَتَتْ دِرَاسَاتٌ عِلْمِيَّةٌ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الشَّبَابِ وَقْعٌ فِي تَعَاطِي المُخَدِّرَاتِ بِسَبَبِ النُّكَتِ الَّتِي تَصِلُ إِلَيْهِ:﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15]
6- التَّدْخِينُ:
حَيْثُ يُعْتَبَرُ بَوَّابَةَ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَثَبَتَ مِنْ خِلَالِ الدِّرَاسَاتِ الْعِلْمِيَّةِ أَنَّ %25 مِنَ الْمُدَخِنِينَ يَتَعَاطُونَ الْمُخَدِّرَاتِ. فَهُوَ الْبَوَّابَةَ لِهَذَا الشَّرِّ الْمُسْتَطِيرِ.
8- الامتحانات:
التَّغْرِيرُ بِالطُّلاَّبِ حَوْلَ دَوْرِ المُخَدِّرَاتِ فِي النَّجَاحِ وَالتَّفَوُّقِ، فَالطَّالِبُ يَشْعُرُ أَيَّامَ الاِمْتِحَانَاتِ بِالْخَوْفِ وَبِالتَّوَتُّرِ، وَتَتَزَايَدُ عَلَيْهِ الضُّغُوطُ، فيَلِجَأُ بَعْضُهُمْ إِلَى الْحُبُوبِ المُخدِّرَةِ ظنًا مِنْهُ أَنَّهَا عِلَاجٌ لِهَذَا التّوَتُّرِ، وَأَنَّهَا تُسَاعِدُهُ عَلَى التَّركِيزِ، وَمِنْ هُنَا تَبْدَأُ رِحْلَتُهُ مَعَ الْإِدمَانِ، وَيَقَعُ فِي شِبَاكِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَيَقَعُ ضَحِيَّةً لَهَا وَلِمُرَوِّجِيهَا.
9- الْمُهَدِّئَاتُ وَالمُنوِّمَاتُ:
فَبَعْضُ الشَّبَابِ إِذَا تَأَخَّرَ فِي النَّوْمِ، أَوْ أَصَابَهُ قَلَقٌ، أَوْ تَوَتُّرٌ فَبَدَلًا مِنْ الْتَحَصُّن بالأْدْعِيَةِ وَالْأَذْكَارِ، يَلْجَأُ لِهَذِهِ الْمُهَدِّئَاتِ بِنُصْحِ أَصْدِقَاءِ السُّوءِ، وَبَعْضِ الصَّيَادِلَةِ مِمَّنْ خَانُوا الْأَمَانَةَ؛ فَيَنْتَقِلُ بَعْدَهَا إِلَى الْمُخَدِّرَاتِ، وَلَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ!
هل المخدرات حرام؟:
قال تعالى: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]
عن أُمَّ سَلَمَةَ قَالَت “نَهَى ﷺ عن كلِّ مُسْكِرٍ ، ومُفَتِّرٍ “؛ أحمد وصححه ابن حبان.
ويدخل في الخمر كلُّ مُسكر، سواء كان مائعًا أم جامدًا أم سائلاً أم مطبوخًا، وفي ذلك
– عن النُّعمان بن بشير قال: قَالَ ﷺ: “إنَّ منَ الحِنطةِ خمرًا ، ومنَ الشَّعيرِ خمرًا ، ومنَ الزَّبيبِ خمرًا ، ومنَ التَّمرِ خَمرًا ، ومنَ العسَلِ خمرًا “صحيح ابن ماجه
والدليل على حرمتها ما يأتي :
أ – أنها داخلة في مسمَّى “الخمر” قال عمر: “الخمر ما خامر العقل” أي ما لابسه وغطاه وأخرجه عن طبيعته المميزة الحاكمة.
والمخدرات تؤثر في حكم العقل على الأشياء، فيخلط ويخبط ويتصور البعيد قريبًا، والقريب بعيدًا،
جـ – أنها من جنس “الخبائث” والمضار قال تعالي:{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف:157)،عن أبي سعيد الخدري قال ﷺ “لا ضَررَ وَلا ضِرِارَ” أحمد ولقوله سبحانه: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195].
فالله حرم علينا ما يضرنا ويضر عقولنا وأبداننا، وحرم علينا كل شيء يسكر؛ لأنه يغطي العقول ويضرها ويفضي بها إلى أنواع الفساد،
– فَكُلُّ مَا اسْتُجِدَّ مِمَّا يَخْمُرُ الْعَقْلَ -أَيْ يُغَيِّبُهُ وَيَسْتُرُهُ يَعْنِي مِمَّا يُسْكِرُ- فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ إِذَا كَانَ كَثِيرُهُ مُسْكِرًا كَمَا قَالَ الرَّسُولُ ﷺ فَحَرَامٌ قَلِيلُ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ.
قالت عائشة رضي الله عنها: “إن الله لا يحرم الخمر لاسمها، وإنما حرمها لعاقبتها؛ فكل شراب تكون عاقبته كعاقبة الخمر فهو حرام كتحريم الخمر” أخرجه الدارقطني.
وأما ما جاء من أقوال العلماء في تحريم المخدرات فمنه:
أولاً:جاء في “حاشية ابن عابدين” قوله: “اتفق مشايخ المذهبين الشافعية والحنفية بوقوع طلاق من غاب عقله بأكل الحشيش؛ لفتواهم بحرمته”.
قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ:”وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمُسْكِرُ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَطْعُومًا أَوْ مَشْرُوبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَدْخَلُوا فِي ذَلِكَ الْحَشِيشَةَ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ وَرَقِ الْقِنَّبِ أو الْقُنَّبِ، وَالْقُنَّبُ: نَبَاتٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْمُخَدِّرُ الضَّارُّ الْمَعْرُوفُ بِالْحَشِيشِ.” أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
سُبُلُ مُوَاجَهَةِ الإِدْمَانِ
1- مُحَارَبَةُ الْإِدْمَانِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:
فِي دِينِنَا؛ اللهُ َتَعَالَى حَرَّمَ فِيهِ الْخَمْرَ بِكَلِمَةٍ: {فَاجْتَنِبُوهُ}، فَاجْتَنَبُوهُ وَلَمْ يُقْبِلُوا عَلَيْهِ
فَصَارُوا أَبْعَدَ النَّاسِ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، وَقَامُوا لِتَوِّهِمْ، لِسَاعَتِهِمْ، لِفَوْرِهِمْ، فَأَرَاقُوهَا وَأَمَرُوا بِإِرَاقَتِهَا فِي الشَّوَارِعِ -شَوَارِعِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ فَكَأنَها قَدْ أَصَابَهَا مَطَرٌ بِلَيْلٍ؛ لِكَثْرَةِ مَا أُرِيقَ مِنَ الْخَمْرِ فِي شَوَارِعِهَا، بِكَلِمَةٍ!
إِنَّهُ الْإِيمَانُ…وَيْحَ النَّاسِ مَاذَا دَهَاهُمْ؟!!إِنَّهُ دِينُ اللهِ، يُعِيدُ صِيَاغَةَ الْحَيَاةِ عَلَى: قَالَ اللهُ، قَالَ رَسُولُهُ، عَلَى الْوَحْيِ الْمَعْصُومِ، لَا عَلَى الْفِكْرِ الْمَوْهُومِ.
2- تَعْلِيمُ الشَّبَابِ التَّوْحِيدَ وَالسُّنَّةَ، وَتَوْجِيهُهُم إِلَى القُرْآنِ:
اتَّقُوا اللهَ… {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}، تَعَلَّمُوا وَعَلِّمُوا عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فَهِيَ طَوْقُ النَّجَاةِ، وَهِيَ سَفِينَةُ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ.
فَلْنُوجِّهْ أَهْلِينَا، وَلْنُوَجِّهْ أَنْفُسَنَا إِلَى كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فَمَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ إِلَّا بِتَرْكِ كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ لِلنَّفْسِ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ ﷺ.
3- تَطْبِيقُ وَلِيِّ الأَمْرِ لِحَدِّ الحِرَابَةِ عَلَى مُرَوِّجِي المُخَدِّرَاتِ:
مِنَ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَمِنَ تَضْيِيعُ شَبَابِ الأُمَّةِ وَشِيبِهَا، وَإِهْدَارُ ثَرْوَاتِهَا وَمُقَدَّرَاتِهَا، وَتَضْيِيعُ الذُرِّيَّةِ وَالأَهْلِ، وَالتَّفْرِيطُ في حَقِّ الدِّينِ، وَحَقِّ الوَطَنِ.
كُلُّ هَذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَ حَدُّ الْحِرَابَةِ وَالْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، كَمَا بَيَّنَهُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَكَمَا طَبَّقَهُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى مَنِ اسْتَحَقَّهُ. قال تعالي:إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم [المائدة:33، 34].
4- رِعَايَةُ الشَّبَابِ، وَتَحْذِيرُهُمْ مِنْ خَطَرِ الْمُخَدِّرَاتِ:
اتَّقُوا اللهَ، وَالْتَفِتُوا إِلَى الشَّبَابِ، حَذِّرُوهُمْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ.
5-عِلَاجُ مَنْ تَوَرَّطَ فِي الْإِدْمَانِ بِالْوَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالطِّبِّيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ:
مَنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ تَوَرَّطَ فِي هَذَا؛ فَلَا يُعَامَلُ مِثْلُ هَذَا بِالتَّعْنِيفِ، وَإِنَّمَا يُعَامَلُ بِوَسَائِلِهِ، قَدْ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْلِيلِ النِّسْبَةِ الدَّائِرَةِ في الدِّمَاءِ، هَذَا أَمْرٌ آخَرُ؛ فَلْتُسْلَكْ لَهُ مَسَالِكُهُ، مَعَ تَخْوِيفِه، وَإِنْذَارِهِ، وَتَرْهِيبِهِ وَتَرْغِيبِهِ، وَالدُّعَاءِ لَهُ، وَحِيَاطَتِهِ، وَإِبْعَادِهِ عَنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ
6- التوعية بأضرار المخدرات:
يجب أن تصنع حاجز نفسي بينك وبين المخدر من خلال معرفة أضرار المخدرات الجانبية التي يسببها المخدر وتأثيرها على المخ وما يمكن أن تسببه من تدمير تام في الصحة العامة والحياة الاجتماعية والعملية لدرجة قد تصل بك للسجن أوالوفاة، بعدها يرفض عقلك تلقائيا الاقتراب من التعاطي والرفض بسهولة.
7- تجنب الأماكن والأشخاص التي تشجع على التعاطي:
تجنب الاختلاط بأي دوائر اجتماعية أو أماكن يتم فيها تعاطي المخدرات حتى لا تكون عامل محفز يدفعك للتعاطي، ولا تنصاع للضغوط التي تمارس عليك سوا من الأصدقاء أو أفراد العائلة، وارفض بقوة تعاطي أي مادة مخدرة مهما بلغت المحفزات وتذكر أن التجربة الأولى قد تكون بداية الطريق لرحلة طويلة من الإدمان.
8- تجنب تعاطى الأدوية بدون رقابة طبية:
إذا نصحك أحد الأصدقاء بتجربة دواء معين لتسكين الألم أو مساعدتك علي تقوية الحياة الجنسية أو زيادة نشاطك البدني فارفض علي الفور وتجنب تناول أي أدوية بدون إشراف طبيب، وفي حالة كنت تتعاطى مسكنات بهدف طبي التزم بالجرعات المقررة ولا تقيم بزيادة الجرعة وفترة الدواء أو التوقف عنه دو الرجوع إليه.
4- اشغل وقت فراغك:
تبدأ حلول المخدرات بعدم السماح لعقلك بالتفكير بها، لذا اشغل وقت فراغ دائما إما بالرياضة أو ممارسة الهوايات والأنشطة التي تثير بداخلك الشغف والسعادة.
5-احط نفسك بأصدقاء يشبهونك:
كلما أحطت نفسك بدوائر اجتماعية تشبهك في العادات والتفكير والمباديء كلما شكل لك هذا حائط سد منيع ضد التعاطي لكونك تحمي نفسك من أي عوامل قد تشجعك على المخدرات وتعتبر تعاطيها أمر طبيعي ومستساغ.
6-علاج الأمراض النفسية:
إذا كنت تعاني من أي اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، التوتر، اضطراب ثنائي القطب، الفصام، أو مررت بصدمات في الماضي أو الحاضر يتوجب عليك طلب المساعدة الطبية بشكل فوري لعلاجها حتى لا تكون سبب يدفعك للتعاطي للهروب منها.
حكم بيع الدخان
– ما استقرت عليه الفتوى من أهل العلم أن الدخان حرام، وأنه يدخل في الخبائث، ويدخل في عموم قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] ولمضرته وما أنتج عنه من دمار في الصحة وضياع للأموال والأوقات وسوء رائحة، وما ينتجه من أمراض تناسلية وعضوية، تؤثر على النتاج وعلى غير ذلك حَرُم هذا الأمر،
حكم الجلوس مع المدخن
من هدي أهل السنة هجر أهل المعاصي، وقد دلت عليها نصوص كثيرة في السنة عنه صلى الله عليه وسلم وعن الأئمة من بعده، يهجرون، ولا يجلس معهم إلا بقصد أن تبلغهم الدعوة وتنكر عليهم، ثم تذهب
حكم الجلوس في المقاهي
– المقاهي هذه تعود بين الناس أنهم يجلسونها، أقصد المقاهي التي فيها شيشة ودخان وأمثالها للسفلة من الناس، فهؤلاء الجلوس معهم لا يجوز إلا بقصد الدعوة، أن تدعوهم وتوجههم فلا بأس، أما أن تجلس معهم فإنك إذاً مثلهم، قال تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72] وقال بعض أهل العلم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان:72] قالوا: هي مجالس الباطل، ومن مجالس الباطل: المقاهي.
فسخ الزواج من الذي يشرب الخمر أو المخدرات
الزوج الذي يشرب الخمر قد ارتكب كبيرة من الكبائر وأمراً محرماً، ولكن لا يوجب هذا فسخ العقد بينه وبين زوجته , ولا إنهاء الزوجية، وإنما أوجب أهل العلم إنهاء الزوجية وحرموا استمرار الزواج بترك الصلاة؛ لأنه كفر عن جابر بن عبدالله قال ﷺ: { بينَ الرجلِ وبينَ الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ } أخرجه مسلم
– أضرار الشيشة الإلكترونية
إذا كنت قد لجأت للشيشة الإلكترونية للإقلاع عن الشيشة التقليدية فهذا قد لا يكون الحل الأمثل بل قد يكون خيارًا أسوأ.
– الإصابة بالسرطان وخاصة سرطان الفم وسرطان المعدة وسرطان الرئتين وسرطان المريء لدى مدخني الشيشة عمومًا مقارنة بغيرهم.
إدمان النيكوتين
الإضرار بالجهاز التنفسي، مثل: قصور وظائف الرئة، والسل وغيرها.
حساسية الجهاز التنفسي، وذلك بسبب احتواء الشيشة الإلكترونية على عنصري البروبيلين غليكول (Propylene glycol) والغليسرول (Glycerol) بنسب عالية.
جذب الأطفال والمراهقين لعادة التدخين، بسبب شكل الشيشة الإلكترونية الجذاب ونكهاتها المتعددة، ما قد يجعلهم مرشحين ليصبحوا مدخنين منتظمين.
الإغراء بمواصلة عادة التدخين،
يشكل ارتفاع تكلفة الشيشة الإلكترونية عمومًا عبئًا ماديًا مرهقًا، فضلًا عن أضرار الشيشة الإلكترونية الأخرى