ترحال اسرة سيدى احمد البدوى رضي الله عنه

بقلم الاستاذ : عمر عبد العاطى السلامونى.

نستكمل فى هذا المقال السيرة الخاصة بمولانا السيد أحمد البدوى ونتحدث عن ترحال أسرته :

هجـرة أسرة البـدوى الى بلاد المغرب وعودتها مرة اخرى الى الحجاز

ذكر ابن ازبك الصـوفي في نسبته  الشهيرة : ” أن هجرة اجداد سيدى احمد البدوى الى بلاد المغرب كانت سنة 73 هـ » فراراً من ظلم الحجاج الثقفى وتعقبه للعلويين بعد استشهاد عبد الله بن الزبير.

وذكر الشعراني هذه القصة فى طبقاته فيقول : كان مولد أحمـد بزقاق الحجـر ببلدة فاس بالمغرب الأقصى ، لأن اجـداده انتقلوا أيام الحجاج اليها حيث أكثر القتل في الشرفاء .

ويذكر على مبارك في الخطط التوفيقية ان : « أول من نزل من أجداده ببلاد المغرب هو محمد الجـواد من نسل علی بن ابی طالب» .

 وتقرر ذلك دائرة المعارف الاسلامية فتقول : انتقل أجداده الى مدينة فاس حوالى سنة 73 هـ (٦٩٢م) عندما اضطربت أحوال الجزيرة العربية.

العودة الى الحجاز واسبابها :

اضطربت الأحوال في بلاد المغرب منذ ظهور دعوة محمد ابن تومرت الذي أنشـا دولة الموحدين ، وادعى انه المهدى المنتظر في فاتحة القرن السادس الهجرى، وقد عمل خلفاؤه من بعده على نشر مذهبـه ، وحاربوا المرابطين وهزموهم ، وطاردوا اتبـاعهم ، وأخرجوهم من ديارهم ، وورثوا مُلكَهم وسُلطانهم في افريقية والاندلس.

 لهذا اضطرت أسرة البدوى الى أن ترحل الى بلاد أكثر أمناً وارغد عيشاً من بلاد المغرب ، وبخاصة بعد أن زاد اضطهاد الموحدين لبقايا المرابطين الذين ظلوا على مبادئهم ، ورفضوا الخضوع للحكام الجدد طيلة النصف الأخير من القرن السادس الهجري ، وما ان بدأ القرن السابع الهجري حتى أعلن على بن ابراهيم والد السيد احمد البدوى انه رأى كمـا يرى النائم من يأمره بالرحيل الى الحجاز ويقول له : “ارتحل من هذا المكان الى مكة ، فان لنا في ذلك شأناً “.

ويتفق الرواة كالمقـريزي والشعراني ومؤلفي دائرة المعارف الاسلامية على أن خروج الأسرة من بلاد المغرب كان سنة 603 هـ ، وكان وصولها الى مكة سنة 607 هـ ، وبذلك تكون الرحلة قد استغرقت أربع سنوات.

 ويروى الشعراني عن السيد حسن شقيق السيد أحمد البدوى فيقول :  فما زلنـا ننزل على عرب ، ونرحـل عن عرب ، فيتلقوننا بالترحيب والاكرام حتى وصلنا مكة المشرفة في أربع سنين ، فتلقانا شرفاء مكة ، كلهم وأكرمونا ، ومكثنـا عنـدهم في أرغد عيش»

ويذكر الامام الاكبر عبد الحليم محمود فى كتابه ( إنه لما أُذِنَ للشريف على بن إبراهيم أن يسير إلى مكة بأهله وأولاده ويُخلى دوره وأملاكه بمدينة فاس بزقاق الحجر البلاط رأى هاتفاً يقول له في منامه : يا على ، استيقظ من نومك يا غافل ، وكن بأولادك إلى مكة راحلاً ، فإن لنا في ذلك سراً ونبأ ، لترى من آياتنا عجباً . قال الشريف على : فاستيقظت من منامي وأنا في هيامي، وأخبرت أهلى وأصحابى ، وذلك في ليلة الاثنين سنة ثلاث وستمائة قال : وأصبحنا في ذلك اليوم مسافرين . فبكت علينا العباد والزهاد قال : وقالوا لنا قد أظلمت علينا بعدكم البلاد ، ولما خرجنا من مدينة فاس حزن علينا أهلها حزناً شديداً وخرجنا بالرغم من أهلها وحكامها وسمع برحيلنا سكان الأندلس وكذلك سلطان تونس الخضراء ، فخرجوا لتوديعنا وتشييعنا وأمرناهم بالرجوع ، فرجعوا وهم يبكون لفراقنا.

قال : وسرنا إلى مكة المشرفة شرفها الله، قال الشريف على : فأَمَّرتُ على أهلى وعيالى ولدى حسن وأوصيته عليهم ، وركبت هجيني وسرت أمام الركب . قال فبقينا ننزل على عرب  ونرحل عن عرب حتى وصلنا مكة المشرفة سنة تسع وستمائة فلما وصلناها هرعت إلينا الناس وسلموا علينا واعتقدوا فينا الخير ، وسلطان مكة وأشرافها قال : وسمع لقدومنا أهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وأشرافها فجاءوا إلينا وتعارفوا بنا » ا هـ

تفكك الأسرة :

كان مرور أسرة البدوى بمصر في عهد الملك العادل سيف الدين أخو صلاح الدين الأيوبي، وبعد ان اقامت الأسرة سنتين بمصر ، واصلت سيرها الى الحجاز ثم استقرت بمكة ، وبها تزوج أخيه السيد حسن سنة 617 هـ ، ثم تزوج أخيه السيد محمد سنة ٦٢٦ هـ وفي سنة ٦٢٧ هـ مات رب الأسرة السيد على بن ابراهيم ودفن بالمعلاة بمكة ، ثم مات محمد سنة 631 هـ ، ودفن بجانب والده.

 

 

اترك تعليقاً