لماذا غابت عنا كرامات الأولياء في هذا العصر؟
13 نوفمبر، 2024
التصوف الإسلامى
بقلم الشيخ مصطفى زايد
الباحث فى الشأن الصوفى
في الأزمنة الماضية، كانت القصص عن كرامات الأولياء منتشرة وتُروى بكثرة. ومع ذلك، يبدو أن هذه الظاهرة قد تضاءلت في عصرنا الحالي، مما يطرح العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التغير. فلنستعرض معاً أبرز الأسباب التي قد تكون وراء غياب كرامات الأولياء في هذا العصر بالتفصيل.
١ _ التغيرات الاجتماعية والثقافية
مع تطور المجتمعات وانتقالها من البساطة إلى التعقيد، تراجعت القيم والمفاهيم الروحية بشكل كبير. المجتمعات القديمة كانت تعتمد بشكل كبير على القصص والتجارب الروحية كمصدر للإيمان والتوجيه. أما في العصر الحديث، فقد أصبحت المجتمعات أكثر تركيزاً على العلم والتكنولوجيا والمنطق، مما أدى إلى تقليل الاهتمام بالمظاهر الروحية.
٢ _ ضعف الإيمان والتدين
واحدة من الأسباب الرئيسية التي تُفسر غياب كرامات الأولياء هي ضعف الإيمان والتدين بين الناس. في العصور الماضية، كان الناس أكثر ارتباطاً بالدين والروحانيات، وكان لديهم إيمان قوي يجعلهم يشهدون الكرامات ويصدقون بها. أما اليوم، فقد أصبح الإيمان لدى العديد من الناس ضعيفاً، وأصبحوا أكثر تشكيكاً في الأمور التي لا يمكن تفسيرها علمياً.
٣ _ التركيز على المادية
العصر الحديث شهد تركيزاً كبيراً على المادية والرفاهية، حيث أصبحت الحياة تدور حول المال والممتلكات والنجاح المادي. هذا التركيز أدى إلى تراجع الاهتمام بالقيم الروحية والتواصل مع الله، مما جعل الكرامات أقل بروزاً في حياة الناس.
٤ _ النقد العقلاني والعلمي
الناس اليوم يميلون إلى تحليل كل شيء بعقلانية ويبحثون عن التفسيرات العلمية لكل ظاهرة. هذا النقد العقلاني يجعلهم يتجاهلون أو يستبعدون القصص الروحية التي لا يمكن تفسيرها بالأدوات العلمية المعروفة. لذلك، أصبحت الكرامات تُعتبر لدى الكثيرين مجرد خرافات أو قصصاً مبالغ فيها.
٥ _ غياب القدوة الروحية
في الماضي، كان هناك العديد من الأولياء والقدوة الروحية الذين يمثلون مثالاً للصفاء والإيمان، ويشهد الناس على كراماتهم. اليوم، نجد أن هذه القدوة قد تراجعت بشكل كبير، وأصبح البحث عن القدوة الروحية النقية أمراً نادراً.
6 _ التفسير المادي للكرامات
بعض الظواهر التي كانت تُعتبر كرامات في الماضي يمكن اليوم تفسيرها بطرق مادية أو علمية. على سبيل المثال، بعض الشفاءات التي كانت تُعتبر معجزات يمكن اليوم تفسيرها بالتدخل الطبي أو النفسي. هذا التفسير المادي جعل الناس يتجاهلون الاحتمالات الروحية وراء هذه الظواهر.
الخاتمة
في النهاية، غياب كرامات الأولياء في هذا العصر يمكن تفسيره بمجموعة متنوعة من العوامل الاجتماعية والثقافية والدينية. قد تكون الكرامات لا تزال موجودة، ولكن العيون التي تراها أصبحت أقل تركيزاً على الروحانيات وأكثر تركيزاً على المادية والعلم. ربما يجب علينا أن نعيد التفكير في قيمنا ومفاهيمنا الروحية لنتمكن من استعادة الإيمان والتواصل الروحي في حياتنا.