الرباط في سبيل الله وحراسة البلاد والعباد من أعظم مراتب الجهاد

بقلم : الأستاذ مازن أبو الفضل مدرب تنمية ذاتية وتنمية مهارات

عن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ لِلرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُقَاتِلَ مَعِي؟ فَقَالَ الرَّبِيعُ: مَا كُنْتُ لِأُقَاتِلَكَ وَلَا أُقَاتِلَ مَعَكَ، فَدُلَّنِي عَلَى رِبَاطٍ أَوْ جِهَادٍ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَقَزْوِينَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنَّهُمَا سَيُفْتَحَانِ عَلَى أُمَّتِي، وَإِنَّهُمَا بَابَانِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، مَنْ رَابَطَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا لَيْلَةً وَاحِدَةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَخَطَايَاهُ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»

كثير من الروايات تتكلم عن فضل الرباط في سبيل الله ودفع ضرر الأعداء عن عوام الناس فليس الجهاد قاصر على المجندين داخل الجيوش ، وانما للعامة من الناس نيل هذا الشرف فهو بهذه المثابة “خدمة مجتمعية” ان صح التعبير.

ولعل كلمة “خدمة” هنا هي الي دفعت كثيراً العلماء والصوفية للتطوع لنيل بركات فضيلة الرباط ـ والرباط هو حراسة الثغور التى من الممكن أن يأتى منها العدو كالموانئ على البحر المتوسط فى سواحل الشام ومصر على سبيل المثال.

ولعل هذا هو اجابة السؤال الذى يدور في عقلنا عندما نزور مسجد سيدى المرسي أبو العباس، سؤال عن سبب وجود هؤلاء المشايخ ودفنهم في هذه البقعة تحديداً، فان الإجابه تكون “أنهم كانوا مرابطين”
ما معنى ذلك ؟

يعني انهم كانوا كانوا يقيمون على ساحل البحر للحراسة ولانتظار وترقب لأي غزو يهدد بلاد المسلمين.
فمنطقة ” بحري ” في الإسكندرية على سبيل المثال كانت خارج سور الاسكندرية فكان المشايخ وطلاب العلم يقيمون هناك متفرغين للعبادة وطلب العلم وأعينهم ترقب البر والبحر استعدادا لهجمات الصليبين.

لذلك اصبحت منطقة “بحري” تحوى الكثير من القبور لكثير من طلاب الشريعة والحقيقه وأهل الطريق.
وكان من المشايخ سيدنا أبو العباس المرسي تلميذ الإمام الشاذلي هو احد العلماء والاولياء الذين مكثوا بمدينة الاسكندرية للرباط وحراسة هذا الثغر فضلاً عن تعليم الناس امور دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
الى ان دفن رضى الله عنه وارضاه بضريحه بمنطقة “بحرى” ويوجد بجوار مقام الشيخ أبو العباس المرسي عدة مقامات واضرحة لتلاميذه.

فيوجد هناك حوالى 14 ضريح ومقام للشيوخ من تلاميذ الامام رضى الله عنهم اجمعين ويقال ان هناك أضرحة لثلاثة من أبناء الامام زين العابدين، وكذلك ضريح الامام البوصيري صاحب قصيدة البرده ، وكذلك ضريح الامام ياقوت العرش تلميذ وصهر الإمام أبو العباس المرسي فكل هؤلاء وأكثر من تلاميذ الامام ومريديه، تعلموا وعلموا ورابطوا فنالوا مرضاة الله بالعلم والجهاد وخدمة العباد.

نتعلم من كل هذا ان السالك الى الله خادم للناس، فلا يمكن تحصيل المقامات العالية الا من خلال المرور من باب الله الأعظم وهو باب خدمة خلق الله، لذلك يقول الله تعالى ” لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” سورة البقرة الاية 177 .

وقال أيضاً عز وجل ” وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ” سورة البقرة الاية 189.

فلا يجوز أن ننفصل عن قضايا الأمه وهمها بداعي الإنشغال بالعبادة والذكر، بل الإنغماس في هموم الناس هو عين العرفان وعين السلوك الى الله وعين الشهادة والرقي والمعنوى، فالعلم والعبادة والرباط هم ثلاثية أمان المجتمع من المخاطر الداخلية والخارجيه.

والله تعالى أعلى وأعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *