همسة فى أذن أولياء الأمور

بقلم الأستاذة: سيدة حسن

سؤالٌ قد يبدو بسيطًا في ظاهره، لكنّه يحمل في طيّاته همًا كبيرًا : 


هل نحن بالفعل من نشكل عقولَ أبنائنا، ونغرس فيهم القيم والمبادئ أم أن هناك مَن يسبقنا إليهم؟


في زمنٍ تغير فيه كل شيء لم تَعُد الأسرة وحدها هي المصدر الأول للتربية،بل تقاسمتها أطراف كثيرة: الهاتف الذكي، الشاشة، الإنترنت، الأصدقاء، البرامج، الألعاب، بل وحتى الإعلانات.


يستيقظ الطفل اليوم على أصواتٍ لا نعرفها، ويُشاهد من الصور ما لم نره نحن في أعمارهم يتعلّم من “السوشل ميديا أكثر مما يتعلّم من حديث والديه ويسمع من الغرباء أكثر مما يسمع من أقرب الناس إليه.

إنّ كثيرًا من الآباء والأمهات يُؤدّون واجبهم في المأكل والملبس والتعليم
لكنهم يغفلون عن التربية الحقيقة التي تتغلغل في الأعماق

تربية الفكر، وتزكية النفس، وحماية القلب.

أبناؤنا يتعرّضون اليوم لمخاطر لم نكن نعرفها من قبل:

محتوى ظاهره الترفيه وباطنه الفساد. نماذج مزيفة تُقدَّم لهم على أنّها “قدوة”. مفاهيم تُشَوِّه القيم، وتُربّي الخوف بدلًا من الطمأنينة، والجرأة في الباطل بدلًا من الحياء.

فهل سألنا أنفسنا: هل يعرف ابنك مَن أنت؟ أم يعرف أكثر عن مَن يُتابعهم على الإنترنت؟ هل تتحدّث مع ابنتك عن مشاعرها، أم تكتفي بسؤالها عن دروسها؟

إنّ التربية اليوم ليست رفاهية، بل صراعٌ حقيقي على عقول أبنائنا صراع بين أن نكون حاضرين في حياتهم بكل ما نملك وبين أن نُسلِّمهم طوعًا لمجتمعاتٍ افتراضية تسرق منهم الطفولة، وتزرع فيهم ما لا نرضى.

فيا كلّ أُم، ويا كلّ أب:التربيةُ ليست فقط أن نأمر وننهى، بل أن نكون أوّل من يُحتذى، أن نُحبّ، ونُصغي، ونحمي، ونحتوي قبل أن نُحاسَب على ما فعلوه،

سوف نُسأل: هل كنّا نحنُ حقًا مَن ربّاهم؟

وقد قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: 6]

وقال رسول الله ﷺ: “كلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيّته” متفق عليه 

اللهم احفظ أبناءنا من كل فتنة، ظاهرة أو باطنة واجعلهم قرة أعين لنا في الدنيا، وصالحين مباركين في الآخرة اللهم اجعلنا لهم قدوةً، وهداية، وستراً من كل شر، ولا تجعل التربية أمانة ضاعت من بين أيدينا دون أن نشعر.

آمين.