شرح المناجاة العطائي [مناجاة و دعاء ]

بقلم الشيخ: عوض مصطفى

إلهي علمني من علمك المخزون ، وصُنَّي بسرّ اسمك المصون

الشرح

أي إلهي أكرمني بعلمك المستور إلا عن أنبيائك وأصفيائك، وهو العلم اللدني المشار إليه بقوله تعالى:{وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً} [الكهف].

وليس المراد به علماً مختلفاً عن العلم المتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، كالذي اختص الله به الخضر عليه السلام، وإنما المراد به ما يلهمه الله إياه دون وساطة تلقّ من معلّم أو كتاب. وإليه الإشارة في قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}  [البقرة]

أي العلم المستور والمحجوز إلا عن المتقين من عباده، فهو العلم الذي طريقه التقوى، ومصدره الفتح، وثمرته الشهود.

أما قوله: ((وصنّي بسرّ اسمك المصون)) فمعناه: احفظني، أي من شر نفسي ومن شر خلقك كلهم، بسرّ اسمك الذي استأثرت به في علم الغيب عندك، فلم تطلع عليه إلا المقربين من عبادك، أو لم تطلع عليه أحداً منهم.

واعلم أن أسماء الله تعالى ليست محصورة في أسمائه الحسنى التي ذكرت في القرآن وأحصيت في الحديث الصحيح، بل إن من أسمائه ما أطلع الله عليه بعضاً من عباده، وفي أسمائه ما استأثر الله به فلم يطلع عليه أحداً، كما ورد في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود:

((اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء غمي وذهاب حزني وهمي))

[أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم من حديث ابن مسعود، وقال: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن عن أبيه، فإنه مختلف في سماعه منه].