بقلم الكاتب والداعية الإسلامى الدكتور : رمضان البيه
عزيزي القارئ لازال الحوار بيني وبين شيخي وأستاذي العارف بالله تعالى سيدي الشيخ البيه رضوان الله عليه ، وكنا قد توقفنا عند سؤالي لحضرته عن المعاني الروحية والأسرار في السعي بين الصفا والمروة ؟
فأجابني قائلا : السعي ركن من أركان الحج والعمرة ، وهو واجب وسنة مؤكدة وهي شعيرة من شعائر الحج والعمرة أشار إليها الحق عز وجل بقوله ” إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ” .
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال ” إسعوا فإن الله كتب عليكم السعي ” هذا بالنسبة للحكم الشرعي .
أما عن المعني الروحي في السعي هو الأخذ بالأسباب مع كمال اليقين والثقة بالله تعالى ..
هنا سألته سيدي : ما علاقة اليقين بالسعي ؟ قال : عندما أمر الحق سبحانه سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يأتي بزوجته السيدة هاجر ورضيعها سيدنا إسماعيل عليهما السلام أن يأتي بزوجته ورضيعها إلي بيته الحرام ويتركهما وكان المكان في ذاك الوقت موحش عبارة عن صحراء لا زرع فيها ولا ماء ولا أنيس ولا ونيس .
سألته السيدة هاجر قائلتا : يا إبراهيم أأمرك الله بهذا ؟ . قال : نعم .
قالت : إذا فلن يضيعنا .. “ ثقة ويقين بالله تعالى ” .وبعد أن نفد ماكان معها من تمر وماء وضعت رضيعها على الأرض وأخذت تهرول بين جبل الصفا وجبل المروة سبعة مرات بدأت بجبل الصفا وإنتهت بجبل المروة ولم تجد شيئا .
هنا أثمر يقينها بتدخل العناية الإلهية لنجدة الأم ورضيعها فإذ بالقدرة الإلهية ينبع ماء زمزم من تحت قدم الطفل الرضيع .
المعني هنا يؤخذ من حال سيدنا إبراهيم والسيدة هاجر وهو حال أهل الإيمان اليقيني بالله تعالى والثقة به سبحانه واليقين الكامل بأنه لا يضيع عباده المؤمنين وأن واهب الحياة قادر أن يأتى بأسباب الحياة ..وبالرغم من هذه الثقة وهذا اليقين إلا أنها تأدبا مع الله تعالى الآمر بالأخذ بالأسباب أخذت بالأسباب وهرولت سبع مرات بين الصفا والمروة بحثا عن الماء .
ولهذا اليقين جعل الله تعالى ما فعلته السيدة هاجر منسكا وشعيرة ولذا شرع الحق سبحانه السعي وجعله منسكا من المناسك وشعيرة من الشعائر وكأن مراد الله عز وجل من ذلك أن نأخذ بالأسباب وأن نسعى ونرتقي بإيماننا من علم اليقين إلى عين اليقين ثم إلى حق اليقين ..