التَّأْييدُ بِمَقَامَاتِ التَّوْحِيدِ

يقدمها لكم : الشيخ السيد محمد البلبوشي
خويدم الطريقة الإخلاصية – خطيب بوزارة الأوقاف

 

قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَاْ إِلَهَ إِلّا اللهُ ﴾.

( حَقِيقَةٌ ) أَحَدِيَّةُ الذَّاتِ غَيْبٌ فِى الأَزَلِ وَوَحْدَانِيَّتُهَا ظُهُورٌ فِى الأَبَدِ . وَالوَاحِدُ القَدِيمُ مَالَا أَوَّلُ لَهُ وَلَاْ آخِرَ .
( دَقِيقَةٌ ) عَمَلُ التَّوْحِيدِ عِلْمُهُ ، وَعِلْمُهُ عَمَلُهُ ، لِذَلِكَ مَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ عَلِمَ .
وَمَا عَمَلُ التَّوْحِيدِ عِنْدَ مُحَقِّقِ سِوَى عِلْمُهُ فَاِفْهَم لِحِكْمَة وَحْدَةِ
تُشَاهِدُ اَنْوَارَاً تَلُوحُ وَتَجْتَلي وَكَثْرَتُهَا تَبْدُو مِنَ الفَرْدِ فَاثْبُتِ

( حَقِيقَةٌ ) تَوْحِيدُ هُوَ تَعْدَادُ ، وَتَوْحِيدُ أَنَا إِفْرَادُ ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَسْتَغْرِقَ فِى بَحْرِ الإِفْرَادِ ، وَتَقِفَ عَلَى السَّاحِلِ مَعَ الأَفْرَادِ ، فَاِجْعَلْ تَوْحِيدَكَ هُوَ بِلَا هُوَ ، فَهُنَاكَ تَذْهَبُ بَيْنُونَةُ البَيْنِ بِرَفْعِ نُقْطَةِ الغَيْنِ عَنِ العَيْنِ بِلَا أَيْنَ فِى حَضْرَةِ الغَيْبِ وَالحُضُورِ وَيُقَابِلُ البُطُونَ وَالظُّهُورَ .
( دَقيقَةٌ ) لَيْسَ بِتَوْحِيدِكَ يَتَوَحَّدُ الوَاحِدُ ، بَلْ هُوَ عَلَى كُلَّ حَالٍ وَاحِدٌ ، كَمَا أَنَّ العَالِمَ عَالَمٌ كَذَلِكَ مَا وَحَّدَ الأَحَدَ أَحَدٌ ، سُبْحَانَكَ مِنْ حَيْثُ أَنْتَ مَا وَحَّدَكَ حَقِيقَةً إِلّا أَنْتَ ، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْكَ وَإِلَيْكَ .
رَاحَ المُوَحِّدُ وَالتَّوْحِيدُ حِينَ فَنِىَ وَصْفُ المُوَحِّدِ وَالتَّوْحِيدِ بِالأَحَدِ

( حَقِيقَةٌ ) تَوْحِيدُ الذَّاتِ فِى الأَزِلِ بِشُهُودِ الأَحَدِيَّةِ .
لَا تَشْهَدُ حَقِيقَةٌ بِمَشَاهِدِ أَبَدِ الوَاحِدِيَّةِ ، لِأَنَّ بِالأَحَدِيَّةِ كَانَ التَّجَلِّى الأَوَّلُ فِى حَضْرَةِ أحَديَّةِ الجَمْعِ ، وَبِالوَاحِدِيَّةِ كَانَ التَّجَلِّى الثَّانِى فِى تَعَيُّنِ فَرْقِهَا ، لِذَلِكَ اِخْتَلَفَ الشُّهُودُ لِتَبَايُنِ المَشْهُودِ .
( دَقيقَةٌ ) التَّجَلِّى الذَّاِتىّ غَيْرُ التَّجَلِّى الصِّفَاتِىّ ، لِهَذَا كَانَ فِى أَحْكَامِ التَّجْرِيدِ لِكُلِ حَقِيقَةٍ مَا يَخُصُّهَا مِنَ التَّوْحِيدِ .

( حَقِيقَةٌ ) وُجُوبُ الذَّاتِ هُوَ وُجُوبُ الصِّفَاتِ ، وَتَعْدَادُهَا لاَيُوجِبُ تَعْدِيدَ الذَّاتِ بِذَوَاتِ نَعَمْ لَا هِى عَيْنُهَا وَلَا هِى غَيْرُهَا ، فَقَدْ اِتَّحَدَ المُسَمَّى وَتَعَدَّدَتِ الأَسْمَاءُ .
مَا فِى التَّكَثُّرِ فِى الأَوْصَافِ مِنْ عَجَبٍ بَلْ كَوْنُهَا عَيْنُهَا مَعَ مَا تَرَى عَجَبُ
( دَقيقَةٌ ) تَعْدَادُ الأَسْمَاءِ يَدُلُّ عَلَى تَنْزِيهِ المُسَمَّى ، حَيْثُ تَكْثُرُ أَسْماؤُهُ فِى حَضَرَاتِ سَبِحَاتِهِ وَهُوَ مُوَحَّدٌ فِى غَيْبِ قُدْسِ ذَاتِهِ .

(حَقِيقَةٌ) تَجَلِّى ذَاتِ الحَقِ تَمْحَقُ الكَائِنَاتِ ، وَتَجَلِّى صِفَاتِهِ تُوجِبُ لَهَا الثَّبَاتَ ، لِذَلِكَ لَمْ تُطَقْ رُؤْيَةُ الذَّاتِ بِالأَبْصَارِ ، وَلَا يُدْرَكُ كُنْهُهَا بِالعُقُولِ وَالأَفْكَارِ ، كَيْفَ وَأَنَّى لِجَائِزٍ حَادِثٍ سَقِيمٍ أَنْ يَثْبُتَ لِوُجُوبِ الوُجُودِ القَدِيمِ .
كُلُّ المَعَارِفِ وَالعَوَارِفِ أُغْرِقَتْ فِى بَحْر إِجْلَالِ الوُجُوبِ الأَوَّلِ
يَا طَالِبَاً لِجَوَازِهِ بِجَوَازِهِ هَذَا الجَوَازُ قَدِ اسْتَحَالَ بِمَعْزِلِ
( دَقيقَةٌ ) القَدِيمُ غَيْرُ الحَادِثِ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الحَقَائِقُ فَقَدْ تَعَسَّرَتِ الطَّرَائِقُ .
كَيْفَ الوُصُولُ إِلَى سُعَادُ وَدُونَهَا قُنَنُ الجِبَالِ وَدُونَهُنَّ حُتُوف
الرِّجْلُ حَافِيَةٌ وَمَالِى مَرْكَبٌ وَالكَفُّ صِفْرٌ وَالطَّرِيق مَخُوفُ
لَكِنْ إِذَا أَرَادَ وُصُوُلَكَ إِلَيْهِ أَفْنَاكَ عَنْكَ فَتَرَاهُ بِهِ كَمَا هُوَ حَقِيقَةً يَرَاكَ .
وَمَخْطُوبَةُ الحُسْنِ مَحْجُوبَةٌ فَلَا تَأْلَفَنَّ سِوي إِلْفِهَا
إِذَا مَا تَجَلَّتْ عَلَى عَاشِقٍ وَأَهْدَتْ إِلَيْهِ شَذَاً عَرِفَهَا
تَغِيبُ الصِّفَاتُ وَتَغْنِى الذَّوَاتُ بِمَا أَبْرَزَ الحُسْنُ مِنْ لُطْفِهَا
فَإِنْ رَامَ عَاشِقُهَا نَظْرَةً وَلَمْ يَسْتَطِعْ إِذْ عَلَا وَصْفُهَا
أَعَارَتْهُ طَرْفَاً رَآهَا بِهِ فَكَانَ البَصيرَ لَهَا طَرْفُهَا

( حَقِيقَةٌ ) لَمَّا تَنَزَّهَ الوَاحِدُ بِكُلِّ وَجْهٍ عَنِ النِّهَاِيَةِ ، انْتَفَى الضِّدُّ وَالنِّدُّ عِنْدَ الغَايَةِ .
لَا تَنْتَهِى فِيهِ النُّهَى لِنِهَايَةٍ مَنْ شَاءَ يُطْنِبُ فِيهِ أَوْ لَا يُطْنِبُ
( دَقيقَةٌ ) نَفْىُ السُّلُوبِ وَإِثْبَاتُ الوُجُوبِ هُمَا حَضْرَةُ التَّنْزِيهِ فِيمَا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ اسْتَحَالَ مِنْ جَائِزَاتِ المُحَالِ .

( حَقِيقَةٌ ) تَوْحِيدُ الهَوِيَّةِ لَا يُدْرِكُ كُنْهَ المَاهِيَّةِ ، فَوَحِّدْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِمَا هُوَ عَلَى مَا هُوَ تَكُن مِمَّنْ وَحَدَّ وَلَا فِى الحَقِيقَةِ أَلْحَدَ .
( دَقيقَةٌ ) إِشَارَةُ هُو فِى التَّوْحِيدِ خَاصُّ لِلخَوَاصِّ ، كَمَا أَنَّ الإثْبَاتَ بَعْدَ النَّفْىِ عَامُّ لِلعَوَامِّ ، لِذَلِكَ كَانَتْ تِلْكَ الإشَارَةُ فِى حَضْرَةِ مُحَاضَرَةِ العَيَانِ ، وَهَذِهِ العِبَارَةُ فِى مَقَامِ الدَّلِيلِ وَالبُرْهَانِ .

( حَقِيقَةٌ ) الوَاقِفُ مَعَ رُتْبَةِ الدَّلِيلِ بِالكَائِنَاتِ مَحْجُوبٌ عَنْ عَيَانِ المُشَاهَدَاتِ ، قَانِعٌ بِالقِشْرِ عَنِ اللُّبَابِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أُوْلِى الأَلْبَابِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ شَتَّانَ بَيْنَ وَاقِفٍ بِالبَابِ وَبَيْنَ مِنْ هُوَ أَهْلُ الكَرَامَةِ فَحَوَى الخِطَابِ .
وَمَا البَحْثُ فِى الآثارِ إِلّا مُبْعِدٌ عَنِ المَقْصِدِ الأَسْنَى مِنَ الغَايَةِ القُصْوَى
فَلَا تَقْنَعْنَ بِالقِشْرِ دُونَ لُبَابِهِ وَلَا تَحْتَجِبْ بِالبَابِ عَنْ حُضْرَةَ النَّجْوَى
( دَقيقَةٌ ) شَقَائِقُ أَبْحَاثِ الجِدَالِ أَوْهَامَ فِى مَهَامِهِ الخَيَالِ لَا تُفِيدُ صَاحِبَهَا غَيْرَ قَعْقَعَةِ اللِّسَانِ مَعَ خُلُوِّ الخُشُوعِ مِنَ الجَنَانِ ، مَنْ قَنِعَ بِهَا زَلَتْ بِهِ القَدَمُ، وَمَنْ وَقَفَ مَعَهَا أَوْرَثَتْهُ النَّدَمُ .
لَعَمْرِى لَقَدْ طُفْتُ المَعَاهِدَ كُلَّهَا وَسَرَحَتْ طَرْفِى بَيْنَ تِلْكَ المَعَالِمِ
فَلَمْ أَرَ إِلّا وَاضِعَاً كَفَّ حَائِرٍ عَلَى ذَقْنِهِ أَوْ قَارِعَاً سِنَّ نَادِمِ

( حَقِيقَةٌ ) كُلُّ حَقِيقَةٍ أَخَدْتَهَا عَنِ الغَيْرِ وَدَلَّتْكَ عَلَى سَواءٍ فِى السَّيْرِ فَهِىَ لَكَ حِجَابٌ فِى الحَالِ وَالمَآلِ ، هَذَا وَإِنْ دَقَّقْتَ أَفْكَارَ الأَنْظَارِ فَطَيْرُ العَنَاءِ فِى جَوِّ الخَيْبَةِ بِكَ قَدْ طَارَ ، فَاتْرُكِ العَقْلَ المَعْقُولَ وَكَثْرَةَ الأَبْحَاثِ وَالفُضُولِ .
عِقَالُ عَقْلِكَ بِالأَوْهَامِ مَعْقُولُ قَدْ قَلَّبَ القَلْبَ مِنْكَ القَالُ وَالقِيلُ
تَهِيْمُ فِى مَهْمَهِ الأَوْهَامِ مِنْ وَلَهٍ أَفَادَهُ فِيكَ مَعْقُولٌ وَ مَنْقُولُ
بُحْتُ بِالفِكْرِ مَعْبُودَاً وَقُلْتُ بِهِ وَذَاكَ عَقْدٌ بِكَفِّ الحَقِّ مَحْلُولُ
قَدْ عَشْتُ مِثْلَكَ دَهْرَاً فِى مُكَابَدَةٍ وَلِى فُؤَادٌ بِهَذَا الدَّاءِ مَعْلُولُ
( دَقيقَةٌ ) مَاشَهِدَ الحَقَّ مَنِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ ، وَمَا وَصَلَ إِلَيْهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَسِيرُ إِلَيْهِ ، إِذْ لَوْ شَهِدَهُ لَكَانَ بِرُؤْيَتِهِ فِى طَرَبٍ ، وَلَوْ وَصَلَ إِلَيْهِ لَزَالَ عَنْهُ التَّعَبُ .

( حَقِيقَةٌ ) المُوَحِّدُ مَنْ فُنِيَتْ رُسُومُهُ فِى حَضَرَاتِ التَّوْحِيدِ ، وَأَنِسَ بِالوَاحِدِ فِى مَقَامَاتِ التَفْرِيدِ، غَلَبَ عَلَيْهِ نُورُ الشُّهُودِ بِمَرَايَا الكَائِنَاتِ ، وَجَلَى مَا تَجَلَّى لَهُ فِيهَا مِنْ حَقَائِقِ الأَسْمَاءِ وَالصَّفَاتِ ، فَأَنْشَأَ لِسَانَ تَحْقِيقِهِ فِى مَسَالِكِ طَرِيقِهِ .
هَذَا الوُجُودُ وَإِنْ تَعَدَّدَ ظَاهِرَاً وَحَيَاتِكُمْ مَافِيهِ إِلَّا أَنْتُمُ
( دَقيقَةٌ ) عَلَامَةُ المُوَحَّدِ يَاقَوْمُ ، وُجْدَانُهُ فِى اليَقَظَةِ وَالنَّوْمِ .
جَمَالُكَ فِى مُخَيِّلَتِى وَ طَرَفِى مُقِيمٌ لَيْسَ يَخْفَى بَعْدَ كَشْفِ
إِذَا اسْتَيْقَظَتُ كَانَ بِكَ ابْتِدَائِى وَإِنْ أَغْفَيْتُ كَانَ عَلَيْكَ وَقْفِى

( حَقِيقَةٌ ) وُجُودُ المَعَارِفِ فِى أَهْلِ العَوَارِفِ تُكْسِبُهُم إِدْرَاكَ الحَقَائِقِ الذَّوْقِيَّةِ ، بَلِ العِنَايَاتِ الكَشْفِيَّةِ ، وَغَيْرُهُمْ لَيْسَ لَهُ هَذَا الاِتِّصَافُ وَلَا خُلُقُ الإِنْصَافِ .
لَوْ شِئْتَ أَنْصَفْتَ وَالإِنْصَافُ مَحْمَدَةٌ عِنْدَ الرِّجَالِ بِنُورِ الحَقِّ كَالقَبَسِ
بَاشِرْ بِعَقْلِكَ هَذَا الأَمْرَ مُجْتَلِيَاً مِنْهُ حَقِيقَةُ حَقٍّ غَيْرِ مُلْتَبِسِ
( دَقيقَةٌ ) شَهِدَتْ شَوَاهِدُ التَّوْحِيدِ لِمَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ ، وَاِنْجَلَتْ حَضَرَاتُ التَّغْرِيدِ لِمَنْ دَعَتْهُ
إِلَيهِ، فَطُوبَى لِمَنْ رَفَعَتْ عَلَيْهِ الأَسْتَار، وَاِسْتَغْنَى عَنِ الجِدَالِ وَالإنْظَارِ .
رَفَعَتْ لَنَا عَنْ وَجْهِهَا طَرْفَ الخِبَا أَهَلَاً وَسَهْلَاً بِالحَبِيبِ وَمَرْحَبَا

( حَقِيقَةٌ ) غَلَبَةُ نُورِ الظُّهُورِ هُوَ الَّذِى أَوْجَدَ السُّتُورَ أَىْ سُتُورَ النُّورِ بِالنُّوَرِ.
وَمَا احْتَجَبَتْ إلّا بِرَفْعِ حِجَابِهَا وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الظُّهُورَ تَسَتُّرَ
( دَقيقَةٌ ) مَا مِنْ شَئٍ إلّا دَلَّكَ عَلَيْهِ ، لَكِنَّكَ لَا تَدْرِى كَيْفَ تَسِيرُ إِلَيْهِ ، دَلَّتْ مَصْنُوعَاتُهُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ ، وَبَرْهَنَتْ آيَاتُهُ عَلَى فَرْدَانِيَّتِهِ .
وَفِى كُلِّ شَئٍ لَهُ آيةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الوَاحِدُ

( حَقِيقَةٌ) قِيَامُ القَيُّومِيَّةِ بِالمَخْلُوقَاتِ هُوَ الَّذِى أَوْجَدَ لَهَا قِيَامَ الصِّفَاتِ فَلَوِ انْمَحَى مِنْ عَيْنِكَ خَبَالُ الخَيَالِ ، شَهِدْت فِى الكَوْنِ مَنْ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ .
أَلَا كُلُّ شَئٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ .
( دَقيقَةٌ ) إِذَاً عَظُمَ نُورُ المَشْهُودِ ، عَزَّ إِدْرَاكُهُ فِى الشُّهُودِ .
أَلَا تَرَى الخُفَّاشَ فِى الحِسِّ لَا يُطِيقُ رُؤْيَةِ الشَّمْسِ
مِثْلَ النَّهَارِ يَزِيدُ أَبْصَارَ الوَرَى نُورَاً وَيُعْمِى أَعْيُنَ الخُفَّاشِ

( حَقِيقَةٌ ) ظُهُورُ تَجَلِّى الحَقِيقَةِ الإِلَهِيَّةِ إِذَا تَجَلَّى لِلْحَقِيقَةِ الإِنْسَانِيَّةِ ، مَحَا مِنْهَا تَنَوِيَةَ النَّاسُوتِ ، وَأَثْبَتَ فِيهَا فَرْدَانِيَّةَ اللّاهُوتِ .
تَجَلَّى لِى الرَّحْمَنِ فِى كُلَّ ذَرَّةً مِنَ العَالَمِ العُلْوِىِّ إِلَى العَالَمِ السُّفْلِىِّ
وَقَالَ كَمَالِى حَيَّرَ النَّاسَ جُمْلَةً وَأَعْجَزَ مَنْ يُنْشِى الكِتَابَةَ أَوْ يُمْلِى
فَإِيَّاكَ لَا تَشْهَدْ لِغَيْرِ جَمَالِهِ وَقَدِّسْهُ إِجْلَالَاً عَنِ البَعْدِ وَ القَبْلِ
( دَقيقَةٌ ) صَنْعَةُ الفَنَا ، هِيَ الَّتِى أَوْجَبَتْ لِبَعْضِهِمْ النُّطْقَ بِأَنَا .

( حَقِيقَةٌ ) تَجَلِّى وَصْفِهِ الباقِى أَوْجَبَ فَنَاءَ العَالَمِ وَالمَعَالِمِ وَلِسَانُ فَرْدَانِيَّتِهِ فِى الإِفْرَادِ حَيَّرَ المُتَعَلِّمِ وَالعَالِمَ .
( دَقيقَةٌ ) مِنَ الفَاعِلِ بِالاِخْتِيَارِ كَانَتِ البِدَايَةُ ، وَبِوَصْفِ قَيُّومِيَّتِهِ قَامَتِ الأَكْوَانُ إِلَى غَايَةٍ لَهَا وَنِهَايَةِ ، فَالْحَظْ بِنَظَرِ بَصِيرَتِكَ أَيُّهَا المَلْحُوظُ ﴿ وَاللهُ مِنْ وَرَائِهِم مُحِيطٌ ، بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾.

( حَقِيقَةٌ ) حِيْطَةُ حَضْرَةِ ذَاتِهِ ، مُحِيطَةٌ بِصِفَاتِهِ ، وَحِيطَةُ صِفَاتِهِ ، مُحِيطَةٌ بِسُبُحَاتِ اسْمَائِهِ ، وَأَسْمَاؤهُ فَعَّالَةٌ فِى الكَائِنَاتِ بِمَا أَوْدَعَهَا مِنْ بَدَائِعِ التَّجَلِّيَّاتِ .
(دَقيقَةٌ ) مِنْ حِكْمَتِهِ سَتْرُ ظُهُورِ الذَّاتِ بِحِجَابِ مَظَاهِرِ الصِّفَاتِ ، وَاخْتَفَى بِمَا بِهِ ظَهَرَ مِنَ الكَائِنَاتِ وَغَابَ بِمَا بِهِ حَضَرَ، وَحَاضِرٌ مِنَ التَّعَرُّفَاتِ .

( حَقِيقَةٌ ) حُضُورُ العَبْدِ حُضُورُ العَجْزِ عَنْ مُحَاضَرَتِهِ فِى حَظِيرَةِ مُشَاهَدَتِهِ وَمُطَالَعَتِهِ هُوَ نِهَاِيَةُ مَنِ اعْتَرَفَ وَذَاقَ الشَرَابَ وَاغْتَرَفَ .
وَالعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الإِدْرَاكِ شَمْسُ ضُحَىً جَرَتْ بِهَا فَوْقَ جَوِّ الشَّكِّ أَفْلاكُ
( دَقيقَةٌ ) العَجْزُ سَلْبٌ وَالإِدْرَاكُ وُجُودٌ ، فَكَيْفَ جَعَلَ الصِّدِّيقُ ذَلِكَ غَايَةَ المَقْصُودِ ، نَعْمَ تَفْهَمْهُ إِذَا أَدْرَكْتَ حَقِيقَةَ الفَنَا ، وَتَتَحَقَّقُ بِهِ إِذَا تَجَلَّتْ لَكَ الحَسْنَا بِأَسْمَائِكَ الحُسْنَى .

( حَقِيقَةٌ ) تَجَلَّى الحَقِيقَةِ الإِلهِيَّةِ لِلاكْوَانِ يَتَفَاوَتُ بِحَسَبَ الاسْتِعْدَادِ والإِمْكَانِ ، لِذَلِكَ مِنَ القَوْمِ مَنْ يَمْلِكُ الحَالَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْلِكُ المَقَامَ ، وَمَنْ يَمْلِكُ المَقَامَ يَثْبُتُ لَهُ التَجَلِّى عَلَى الدَّوَامِ .
( دَقيقَةٌ ) لَمَّا تَجَرَّدَتْ الحَقِيقَةُ الذّاتِيَّةُ عَنِ الاِتِّصَافِ ، تَكُونُ مَعْنَاهَا فِى القَابِلِ لَهَا مِنَ الأَوْصَافِ ” لَوْنُ المَاءِ لَوْنُ إِنَائِهِ “﴿ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِى الأُكُلِ ﴾.
عَلَى قَدْرِكَ الصَّهْبَاءُ تُعْطِيكَ نَشْوَةً وَلَسْتَ عَلَى قَدْرِ السُّلافِ تُصَابُ
وَلَوْ أَنَّهَا تُعْطِيكَ يَوْمَاً بِقَدْرِ مَا لَضَاقَتْ بِكَ الأكْوَانُ وَهِى رِحَابُ

( حَقِيقَةٌ ) تَجَلِّى الجَمَالِ فِى المَشَاهِد بِحَسَبَ مَا أُعْطِىَ المُشَاهِدُ ، فَالعَوَامُّ لَا يَشْهَدُونَ غَيْرَ مَشْهَدِ حُسْنِ الصُّورَةِ الحِسِّيَّةِ ، وَالخَوَاصُّ رُفِعَ لَهُم السَّتْرَ عَنْ صُورَةِ الحِسِّ المَعْنَوِيَّةِ الَّتى تَجَلَّى بِهَا اسْمُهُ تَعَالَى الظَّاهِرُ فِى جَمِيعِ الأَكْوَانِ بِكُلِّ المَظَاهِرِ .
تَرَاهُ إِنْ غَابَ عَنِّى كُلُّ جَارِحَةٍ فِى كُلِّ مَعْنىً لَطِيفٍ رَائِقٍ بَهِجِ
فِى نَغْمَةِ العُودِ وَالنَّاىِ الرَّخِيمِ إِذَا تَاَلَّفَا بَيْنَ أَلْحَانٍ مِنَ الهَزَجِ
وَفِى مَسَارِحِ غُزْلاَنِ الخَمَائِلِ فِى بَرْدِ الأَصَائِلِ وَالإِصْبَاحِ فِى البُلَجِ
( دَقيقَةٌ ) المُزَاحِمُ عَلَى بَرْقَشَةِ الجَمَالِ السُّفْلِىِّ مَحْجُوبٌ عَنْ شُهُودِ الجَمَالِ العُلْوِىّ ، فَاتْرُكِ المُضَايَقَةَ فِى طَرِيقِ المَرَكَزِ الأَدْنَى ، وَارْقَ بِهِمَّتِكَ إِلَى الأَوْجِ الأَعْلَى .
وَمَا نَحْنُ إِلّا خُطُوطٌ وَقَعْنَ عَلَى نُقْطَةِ وَقْعٍ مُسْتَوْفَزِ
مُحِيطُ العَوَالِمِ أَوْلَى بِنَا فَمَاذَا التَّزَاحُمُ فِى المَرْكَزِ

اترك تعليقاً