مفارقات سلفية عقب جنازة الشيخ الحويني 5


بقلم فضيلة الشيخ : أحمد السيد السعيد

(واعظ عام، وعضو لجنة التحكيم والمصالحات بالأزهر الشريف)

 

بسم الله الرحمن الرحيم
على خيرٍ نستأنف معًا سلسلة «مفارقات المتسلفين الوهابية عقب وفاة الشيخ/ الحويني (رحمه الله)

وصلنا اليوم مشهدٌ لا يُنسى من مسرح العبث الفكري:

رجلٌ منكم، تربّى في مدرسة التشنيع على المتوسلين، واشتدّ عوده على فتاوى التبديع والتكفير، بل هو ابن شيخكم، ومن المُقدَّمين فيكم وليس من أفنائكم، يكتب اليوم -دون أن يطرف له جفن-:

ذهبت إلى قبر أبي “لألتمس دعاءه، وكأن بركته لازمةً لطريق السلامة!”

 

أيها المتسلفون:

أين سيوفكم المشهورة في وجه من زار قبرًا؟

أين صرخاتكم بـ”الشرك الأكبر”؟

أين كتبكم التي أُشبعت سبًّا لمن قال: “بركة الصالحين تُرتجى”؟

أم أن التبرك حلال إذا كان بقبوركم، وحرام إذا تعلق بمحبة آل بيت نبيكم؟

أين فتاواكم التي ملأت الأثير تحذيرًا من التوسل بالأموات؟

أين غاراتكم على من قال: بجواز التبرك والتوسل؛ متابعًا جماهير الأمة من العلماء والفقهاء والأصوليين؟

أين دينكم الذي شيّدتموه على تحطيم مشاعر المسلمين وتكفير محبتهم؟

ها أنتم اليوم تتهافتون على قبر شيخكم، تطلبون منه السلامة في الطريق!

فهل هذا شرك كما زعمتم، أم أن عقيدتكم تلين كلما مسّتكم الرحمة؟

أيها المتسلفون:

الناس تحفظ، والذاكرة الرقمية توثق، ولا تُجامل.

كُتب عليكم أن تقولوا اليوم ما كنتم تحذرون منه بالأمس.

فمفارقاتكم تُدوَّن، شاهدةً عليكم، لا لكم.

حسبنا الله ونعم الوكيل.

أقول لإخواني وأحبابي احذروا مَن جعلوا من الدين منصةً للتكفير، ومن التوحيد ذريعةً للتمزيق، فالحق ما كان عليه الأئمة، وعليه مضى الأزهر الشريف -علمًا وعدلًا واعتدالًا-!

ما أكثر من ادّعى الغيرة على التوحيد وهو يُفرِّق الأمة باسم العقيدة، فلا تأمنوا إلا لمن جمع العلم بالرّحمة… وتلك سمة الأزهر ورايته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *