إعداد فضيلة الشيخ : أحمد أبو اسلام
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
لتحميل الخطبة pdf اضغط على الرابط أدناه
famaa alyatim fala taqharahmeaboeslam
من القيم الجليلة لديننا رعاية اليتيم
ولقد جاء الإسلام واليتيم ليس له حظ في الحياة فأمر بإكرامه والإحسان إليه ,حينما هاجر المسلمون إلى الحبشة وأرادت قريش إرجاعهم , وقف جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أمام النجاشي ملك الحبشة يشرح له محاسن الإسلام وأخلاقياته السامية فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَحْنُ نَعْبُدُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ ، لاَ نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصِّيَامِ . أخرجه أحمد .
عِبَادَ اللَّهِ… مِنَ الْقِيَمِ الْجَلِيلَةِ لِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ: رِعايَتُهُ لِلْيَتِيمِ وَحَثُّهُ الشَّدِيدُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ دِينٌ وَلَا مَنْهَجٌ وَلَا دُسْتُورٌ، يَدْعُو وَيَحُثُّ عَلَى رِعَايَةِ الْيَتِيمِ مِثْلُ هَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ. فَلَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ عَلَى إكْرَامِ الْيَتِيمِ وَرِعايَتِهِ وَالْعِنَايَةِ بِهِ، وَرَتَّبَ أَعْظَمَ الْجَزَاءِ وَأَوْفَرَهُ لِمَنْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، نَعَمْ جَعَلَ مِنْ وَراءِ ذَلِكَ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ. الْجَنَّةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي طَالَمَا كَانَتْ حَافِزَةً لِكُلِّ عَمَلٍ صَعْبٍ وَشَاقٍّ. تَأَمَّلُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8] فَكَانَ الْجَزَاءُ الْعَظِيمُ ﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 11، 12].
حق اليتيم
وَلِحَقِّ الْيَتِيمِ وَأَهَمِّيَّتِهِ تَنَزَّلَتِ الآيَاتُ فِي حَقِّهِ فِي أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي مَكَّةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾ [الضحى: 9] وكَقَوْلِهِ: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ [الماعون: 1، 2] وكَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴾ [الفجر: 17]
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وابْنُ مَاجَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ”. أي: أُضَيِّقُ على النَّاسِ في تَضييعِ حَقِّهم، وأشَدِّدُ عليهم في ذلك، وأحَذِّرُهم من الوُقوعِ في ظُلمِهم، «الضَّعيفَينِ» وهما اللَّذان لا حَولَ لهما ولا قُوَّةَ، ولا ينْتَصِرانِ لأنْفُسِهما، وقد وَصَفَهُما بالضَّعفِ اسْتِعْطافًا وزيادةً في التَّحذيرِ؛ فإنَّ الإنْسانَ كُلَّما كان أضْعَف كانتْ عِنايةُ اللهِ به أَتَمَّ، وانتِقامُه من ظالِمِه أشَدَّ، وأوَّل الضَّعيفَينِ «اليَتيم» وهو الذي فَقَدَ أباهُ صَغيرًا، وفَقَدَ حِمايَتَه ورِعايَته. «والمَرأة» ووَجْهُ ضَعْفِ المَرأةِ ظَاهر بل محسوس، وقد جعَلَ الشَّرعُ للرَّجُلِ الولايةَ عَليها لرِعايتِها وحِفظِ حُقوقِها لا لَهضَمْهِا؛ فلا يُزادُ في ضَعفِها بضَربِها ومطالبتِها بأكثرَ مِمَّا أقرَّه وسمحَ بِه الشرعُ تُجاهَ الزَّوجِ، والخِطابُ هنا لأوْلياءِ المرأةِ والأزْواجِ.
وفي الحديث: عِنايةُ الإسلامِ بِحُقوقِ الضُّعفاءِ عُمومًا، واعتناؤُه بحُقوقِ اليَتيمِ والمَرأةِ خصوصًا.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا” وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ الْإمَامُ ابْنُ بَطَّالٍ: “حَقُّ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ يَسْمَعُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَرْغَبَ فِي العَمَلِ بِهِ؛ لِيَكُونَ فِي الْجَنَّةِ رَفِيقًا لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِجَمَاعَةِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمِ أَجْمَعِينَ، وَلَا مَنْزِلَةَ عِنْدَ اللهِ فِي الآخِرَةِ أَفْضَلُ مِنْ مُرَافَقَةِ الأَنْبِيَاءِ”. انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ وفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ – كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ – أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ” أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ بَابُ الْجَنَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ تَأْتِي امْرَأَةٌ تُبَادِرُنِي – أَيْ تُسَابِقُنِي – فَأَقُولُ لَهَا: مَا لَكِ؟ وَمَا أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا امْرَأَةٌ قَعَدْتُ عَلَى أَيْتَامٍ لِي”، وفي لفظ: “فَتَقُولُ: أَنَا امْرَأَةٌ مَاتَ زَوْجِي وَتَرَكَ عَلَيَّ أَوْلَادًا فَقَعَدْتُ أُرَبِّيهِمْ”… امْرَأَةٌ مَاتَ زَوْجُهَا وَتَرَكَ لَهَا أَطْفَالًا فَقَامَتْ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ بِعِفَّةٍ، وَطَهَارَةٍ وَصِدْقٍ، فَنَالَت هَذَا الشَّرَفَ الْعَظِيمَ.
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إلى رعاية اليتيم فإنه لما اسْتُشْهِدَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ وَتَرَكَ أَطْفَالًا أَيْتَامًا فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَاهَدُهُمْ وَيَمْسَحُ رُؤوسَهُمْ وَيَدْعُو لَهُمْ؛ شَفَقَةً بِالْيَتِيمِ وَرَحْمَةً بِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، قَالَ: مَرَّ بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دَابَّةٍ وَنَحْنُ صِبْيَانٌ نَلْعَبُ، فَقَالَ: “ارْفَعُوا هَذَا إِلَيَّ” قَالَ: فَحَمَلَنِي أَمَامَهُ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى رَأْسِي ثَلاثًا، وَقَالَ كُلَّمَا مَسَحَ: “اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي وَلَدِهِ”.
ومما يدل أيضاً على رعاية النبي – صلى الله عليه وسلم ـ ما ورد عن كعب بن مالك أنه قال : أول أمر عتب على أبي لبابة أنه كان بينه و بين يتيم عذق ، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم لأبي لبابة ، فبكى اليتيم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” دعه له ” ، فأبى ، قال : ” فأعطه إياه و لك مثله في الجنة ” ، فأبى فانطلق ابن الدحداحة فقال لأبي لبابة : بعني العذق بحديقتين . قال : نعم . ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن أعطيت هذا اليتيم هذا العذق ، ألي مثله في الجنة ؟ قال : نعم ، فأعطاه إياه ، قال : فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : كم من عذق دواح لأبي الدحداح في الجنة – مرارا ” .أخرجه أحمد
مَعْشَرَ الْكِرَام... الْيَتِيمُ مَشْرُوعُ حَسَنَاتٍ، وَبَابُ خَيْرَاتٍ، فَمَنْ يَنْهَلُ وَمَنْ يُرَابِحُ مَعَ اللهِ فِي الْأَيْتَامِ؟! وَكَمْ مِنْ أَقْوَامٍ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الْجَنَّاتِ لأَجْلِ يَتِيمٍ أَوْ يَتِيمَةٍ، فإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكْفُلَ يَتِيمًا بِمَالِكَ فِي الدَّاخِلِ أَوِ الْخَارِجِ عَبْرِ جِهَةٍ مَوْثُوقَةٍ فَلَا تَتَوَانَ وَلا تَحْرِمْ نَفْسَكَ الْخَيْرَ.
فلا تحرم نفسك من الإحسان إلى اليتيم بما تستطيع حتى ولو كان قليلاً فقد جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مسح رأس اليتيم عطفا وحنوا عليه سبباً لجلاء ومعالجة قسوة القلب , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسْوَةَ قَلْبِهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ. أخرجه أحمد
وعَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلاَّ لِلَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِى الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. أخرجه أحمد .
وكذا جعل صلى الله عليه وسلم خير البيوت البيت الذي فيه يتيم يكرم وشرها البيت الذي فيه يتيم يهان , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ بِإِصْبَعَيْهُ : أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا ، وَهُوَ يُشِيرُ بِإِصْبُعَيْهِ. أخرجه “البُخاري في الأدب المفرد”
قصة في فضل الإحسان إلى الأرملة واليتيم
ولقد جاء في فضل الإحسان إلى الأرملة واليتيم عن بعض العلويين وكان نازلا ببلخ من بلاد العجم وله زوجة علوية وله منها بنات وكانوا في سعة ونعمة فمات الزوج وأصاب المرأة وبناتها بعده الفقر والقلة فخرجت ببناتها إلى بلدة أخرى خوف شماتة الأعداء واتفق خروجها في شدة البرد فلما دخلت ذلك البلد أدخلت بناتها في بعض المساجد المهجورة ومضت تحتال لهم في القوت فمرت بجمعين جمع على رجل مسلم وهو شيخ البلد وجمع على رجل مجوسي وهو ضامن البلد فبدأت بالمسلم وشرحت حالها له وقالت أنا امرأة علوية ومعي بنات أيتام أدخلتهم بعض المساجد المهجورة وأريد الليلة قوتهم فقال لها أقيمي عندي البينة إنك علوية شريفة فقالت أنا امرأة غريبة ما في البلد من يعرفني فأعرض عنها فمضت من عنده منكسرة القلب فجاءت إلى ذلك الرجل المجوسي فشرحت له حالها وأخبرته أن معها بنات أيتام وهي امرأة شريفة غريبة وقصت عليه ما جرى لها مع الشيخ المسلم فقام وأرسل بعض نسائه وأتوا بها وبناتها إلى داره فأطعمهن أطيب الطعام وألبسهن أفخر اللباس وباتوا عنده في نعمة وكرامة قال فلما انتصف الليل رأى ذلك الشيخ المسلم في منامه كأن القيامة قد قامت وقد عقد اللواء على رأس النبي وإذا القصر من الزمرد الأخضر شرفاته من اللؤلؤ والياقوت وفيه قباب اللؤلؤ والمرجان فقال يا رسول الله لمن هذا القصر قال لرجل مسلم موحد فقال يا رسول الله أنا رجل مسلم موحد فقال رسول الله أقم عندي البينة أنك مسلم موحد قال فبقي متحيرا فقال له لما قصدتك المرأة العلوية قلت أقيمي عندي البينة إنك علوية فكذا أنت أقم عندي البينة إنك مسلم فانتبه الرجل حزينا على رده المرأة خائبة ثم جعل يطوف بالبلد ويسأل عنها حتى دل عليها أنها عند المجوسي فأرسل إليه فأتاه فقال له أريد منك المرأة الشريفة العلوية وبناتها فقال ما إلى هذا من سبيل وقد لحقني من بركاتهم ما لحقني قال خذ مني ألف دينار وسلمهن إلي فقال لا أفعل فقال لا بد منهن فقال الذي تريده أنت أنا أحق به والقصر الذي رأيته في منامك خلق لي أتدل علي بالإسلام فوالله ما نمت البارحة أنا وأهل داري حتى أسلمنا كلنا على يد العلوية ورأيت مثل الذي رأيت في منامك وقال لي رسول الله العلوية وبناتها عندك قلت نعم يا رسول الله قال القصر لك ولأهل دارك وأنت وأهل دارك من أهل الجنة خلقك الله مؤمنا في الأزل قال فانصرف المسلم وبه من الحزن والكآبة ما لا يعلمه إلا الله فانظر رحمك الله إلى بركة الإحسان إلى الأرملة والأيتام ما أعقب صاحبه من الكرامة في الدنيا. الذهبي : الكبائر 42 .
عَبْرَ التَّارِيخِ بَرَزَ أَيْتَامٌ كَانَ لَهُمْ شَأْنٌ عَظِيمٌ