قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل
15 مارس، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالرحمن رضوان
إمام وخطيب ومدرس بالأوقاف
من خاطرة التراويح اليوم. قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل.
ليس بالعجيب أن تكون قصةُ يوسف أحسنَ القصص كما أخبرنا الحكيم في كتابه الحكيم؛ هذا لأنها سدرة المنتهى للقصص القرآني- في تقديري والله أعلم- ولا أبالغ؛ إذ إنها تلمس شغاف قلبك، تمثل صورة منك في إحدى مراحلها، إنها تجسد صورة واضحة لكل معتبر في صراعات الدنيا؛ إنها سلوى لكل محزون، وعزاء لكل مبتلى، وتثبيت لكل صابر أمام فتن الدنيا.
– كما تحكي لنا كتب التاريخ- إن يوسف كان قد فقد أمه راحيل وهي تضع أخاه بنيامين، وكانت له عمة تحبه حبا شديدا؛ كحب الأم الحنون الرؤوم لولدها .
وفي يوم من الأيام ، كان يوسف على موعد مع زيارة لعمته، ووقت الرحيل احتالت حيلة لتستبقيه معها، تُرى ماذا صنعت؟!
دست عمته قميص جده إسحاق تحت ملابسه، وبهذه الحيلة احتال يوسف على إخوته حينما دس الصواع في رحل أخيه بنيامين ؛ كي يستبقيه عنده.
ولما حان الرحيل ظلوا يبحثون عن القميص فوجدوه مع يوسف، صنعت عمته هذا كي تستبقيه معها ؛ إذ إن أعراف الكنعانيين السائدة في هذه الحقبة من الزمن أن من سرق شيئا يصبح عبدا عند من سرقه لمدة عامين، وهذا تفسير قوله تعالى على لسان إخوة يوسف: قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل .
الفكرة الأساسية من هذا الكلام هي :
الناسُ همُ الناسُ في كل زمان ومكان، لا يرون جرائرهم التي يقترفونها وعيوب أنفسهم، وفي المقابل يتذكرون عيوب الناس، الناسُ ذنبهم مهما عظم فهو مغفور، وأما ذنوب غيرهم فهي لا تغتفر.
إخوة يوسف تآمروا على قتله، وتآمروا عليه كي يطرحوه في الجب ، وكذبوا على أبيهم، وحالوا بين يوسف وأبيه وبنيامين من بعده، لقد نسوا كل هذا، وظلوا يتذكرون ليوسف ذنب هو لم يكن له فيه يد، ولكنها عادة الناس .