أَحَبُّ الناسِ إلى الله

بقلم فضيلة الشيخ الدكتور : أيمن حمدى الحداد

الدرس الخامس عشر : « أَحَبُّ الناسِ إلى الله»

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد؛ فيا أيها الصائمون: إن قضاء حوائج الناس من أعظم العبادات التى ندب إليها الإسلام، وحث عليها، وجعلها من باب التعاون على البر والتقوي؛ قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾(المائدة: ٢)، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(الحج ٧٧)، وقال تعالى: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾(المزمل:٢٠)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ – يعني مسجدَ المدينةِ – شهرًا ، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه ؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له ؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ» رواه الطبراني في المعجم الأوسط، والمنذرى فى الترغيب والترهيب.

معاشر الصائمين: ما أحوجنا ونحن نعيش في رحاب شهر رمضان أن نتأسى بسيدنا رسول الله ﷺ قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾(الأحزاب: ٢١)، فكان ﷺ أجود الناس بالخير؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وَكانَ أَجْوَدَ ما يَكونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ إنَّ جِبْرِيلَ عليه السَّلَامُ كانَ يَلْقَاهُ، في كُلِّ سَنَةٍ، في رَمَضَانَ حتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عليه رَسولُ اللهِ ﷺ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ أَجْوَدَ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.» متفق عليه.

لقد كان سيدنا رسول الله ﷺ أعظم الناس نفعاً للناس، وأكثرهم قضاءً لحوائجهم؛ فعن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِن إِمَاءِ المَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النبيِّ ﷺ، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيثُ شَاءَتْ». رواه البخاري.

وعن أَبي رِفَاعَةَ تَميم بن أُسَيدٍ قَالَ: «انْتَهَيْتُ إِلى رَسولِ اللَّه ﷺ وَهُوَ يَخْطُبُ، فقلتُ: يَا رسولَ اللَّه، رجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عن دِينِهِ، لا يَدري مَا دِينُهُ؟ فَأَقْبَلَ عَليَّ رسولُ اللَّه ﷺ وتَركَ خُطْبَتهُ حَتَّى انتَهَى إِليَّ، فَأُتِيَ بِكُرسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيهِ، وجَعَلَ يُعَلِّمُني مِمَّا عَلَّمَه اللَّه، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فأَتمَّ آخِرَهَا» رواه مسلم.

وهذه أمنا خديجة رضي الله عنها تقول له ﷺ عندما عاد من غار حراء لأول مرة، فأخبَرَها الخبر وقال: «لقد خشيتُ على نفسي»، فقالت له رضي الله عنها: «كلَّا! والله ما يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق» أخرجه الشيخان، واللفظ لمسلم.

لقد عددت مكارم أخلاقه ﷺ وكلها تدل على قضاء حوائج الناس وإعانتهم والبر بهم فقالت إنك تصل الرحم أي تُحسن إلى أقاربك بالمال، والخدمة، والزيارة، وغير ذلك.

أيها الصائمون: لقد اقتفى الصحابة الكرام أثر سيدنا رسول الله ﷺ فى هذا الميدان فسعد المجتمع وسادت روح المحبة والإخاء حتى أثنى عليهم الله عزّ وجل بقوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(الحشر: ٩)،

* لقد خرج طلحة بن عبيدالله رضى الله عنه ذات ليلة فرأى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل بيتاً، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت، فإذا بعجوز عمياء مقعدة فقال لها: ما بال هذا الرجل يأتيك؟ قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني، ويخرج عني الأذى، فقال طلحة:ثكلتك أُمك يا طلحة، أعَثرات عمر تتبع؟ حلية الأولياء.

* وعثمان رضي الله عنه يشترى البئر ويجعلها صدقة على الفقراء فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: إنَّ رسول الله ﷺ قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال رسول الله ﷺ:
«مَن يشتري بئر رومة، فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟»، فاشتريتها من صلب مالي.. رواه الترمذي.

* وكان علي بن أبي طالب رضى الله عنه لا يمل من قضاء حوائج الناس فعن النَّزَّال بن سَبْرة قال صلى على بن أبي طالب الظهر، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة، حتى حضرت صلاة العصر.. رواه البخاري.

* وطلحة بن عبيدالله رضي الله عنه يكفل الناس من ماله ولقد جُمع له أربعمائة ألف إلى خمسمائة ألف، ،فكان لا يدع أحدًا من بني تيم عائلًا إلا كفاه مؤونته ومؤونة عياله، وزوَّج أَيَامَاهم – أي من لا زوج له – وأخدم عائلهم وقضى دين غارمهم، ولقد كان يرسل إلى عائشة رضي الله عنها إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى طلحة بن عبيدالله عن صبيحة التيمي ثلاثين ألف درهم.. الطبقات الكبرى، لابن سعد.

* والصالحون على الدرب؛ فهذا الحسن بن علي كان يرى أن قضاء حوائج الناس أفضل من الإعتكاف قال أبو جعفر الباقر: جاء رجل إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما، فاستعان به في حاجة، فوجده معتكفاً، فاعتذر إليه، فذهب إلى الحسن رضي الله عنه، فاستعان به فقضى حاجته، وقال الحسن: لقضاء حاجة أخ لي في الله أحب إليَّ مِن اعتكاف شهر.. البداية والنهاية لابن كثير.

* قال مالك بن دينار رحمه الله: بعث الحسن البصري محمد بن نوح، وحميداً الطويل في حاجة لأخٍ له، وقال: مروا بثابت البناني، فأشْخِصانه معكم، فأْتِيَا ثابتاً، فقال لهم ثابت: إني معتكف، فرجع حميد إلى الحسن، فأخبره بالذي قال ثابت، فقال له: ارجعْ إليه، فقل له: يا أعمش، أما تعلم أنَّ مشيك في حاجة أخيك المسلم خيرٌ لك مِن حجة بعد حجة، فقام وذهب معهم، وترك الاعتكاف.. البر والصلة؛ ابن الجوزي.

وهكذا امتثل الصحابة والصالحون من بعدهم أمر سيدنا رسول الله ﷺ حيث قال: « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.

الناس للناس مادام الوفاء بهم
والعسر واليسر أوقات وساعات
وأكرم الناس ما بين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات
لا تقطعن يد المعروف عن أحد
ما دمت تقدر والأيام تارات
واذكر فضيلة صنع الله إذ جُعِلتْ
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات

هذا ولم يكن قضاء حوائج الناس مقصوراً على من أسلم بل امتد ليشمل غير المسلمين ولقد كتب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: إلى عدي بن أرطاة – أمير البصرة – انظر من عندك من أهل الذمة قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وولَّت عنه المكاسب، فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلًا من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه وضعفت قوته، وولَّت عنه المكاسب، كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أو عتق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال: ما أنصفناك، أن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك، ثم ضيعناك في كبرك، قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه.

أيها الصائمون: قد يظن البعض أن العبادة فى الإسلام تقتصر على أداء الشعائر التعبدية فأهلموا السعى على حوائج الناس فضيعوا على أنفسهم الأجور العظيمة، ولقد شارك رسولنا الكريم ﷺ فى حلف الفضول قبل الإسلام وهو مؤسسة إجتماعية خيرية تقوم على العمل التطوعى، وكان من أهم أهدافها إغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم؛ فقال ﷺ مبيناً فضل العمل الإجتماعي النافع: «لو دعيت إلى مثله فى الإسلام لأجبت» لذلك كان لزاماً علينا، ونحن نعيش فى رمضان شهر الخيرات أن نذكر ببعض ثمار قضاء حوائج الناس من ذلك؛

– قَضَاءُ حَوَائِجِ الْناس سبب لدوام النِّعَمِ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ للهِ عِنْدَ أَقْوَامٍ نِعَمًا أَقَرَّهَا عِنْدَهُم -يَعْنِي: جَعَلَهَا ثَابِتَةً عِنْدَهُمْ – مَا كَانُوا فِي حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يَمَلُّوهُمْ، فَإِذَا مَلُّوهُمْ نَقَلَهَا اللهُ إِلَى غَيْرِهِمْ». وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فى الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ.

– قضاء حوائج الناس نجاة من كربات القيامة فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:
«وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً؛ فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم.

وَشَتَّان مَا بَيْنَ كُرْبَةِ الدُّنْيَا وَكُرْبَةِ الْآخِرَةِ، فَهَذَا عَطَاءٌ مِنْ صَاحِبِ الْعَطَاءِ وَالْفَضْلِ.
– قضاء حوائج الناس من صِفَاتِ الْأَبْرَارِ مِنْ عِبَادِ اللهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرً﴾(الإنسان :٨)، وَهُمْ فِي حَالٍ يُحِبُّونَ فِيهَا الْمَالَ وَالطَّعَامَ، لَكِنَّهُمْ قَدَّمُوا مَحَبَّةَ اللَّهِ عَلَى مَحَبَّةِ نُفُوسِهِمْ، وَيَتَحَرَّوْنَ فِي إِطْعَامِهِمْ أَوْلَى النَّاسِ وَأَحْوَجَهَمْ، وَيَقْصِدُونَ بِإِنْفَاقِهِمْ وَإِطْعَامِهِمْ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَقُولُونَ بِلِسَانِ الْحَالِ: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا﴾، فيكون لهم العون من ربهم جل وعلا ففى الحديث «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» رواه مسلم.

– قضاء حوائج الناس دليل على اتباع سنة سيدنا رسول الله ﷺ فقد كان سباقًا لإغاثة الملهوف والسير في قضاء حاجات الناس؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ إذا جاءه السائل أو طُلبت إليه حاجة، قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ﷺ ما شاء».

– قضاء حوائج الناس سبب النجاة من حر القيامة فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ – ذَكَرَ مِنْهُمْ -: «وَرَجَلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ» متفق عليه.

– قضاء حوائج الناس يجعل صاحبه من أهل المعروف؛ قال سلمانُ رضي اللهُ عنه: إنَّ أهلَ المعروفِ في الدنيا هم أهلُ المعروفِ في الآخرةِ، وإنَّ أوَّلَ أهلِ الجنةِ دخولاً أهلُ المعروفِ..

– قضاء حوائج الناس يقى المهالك؛ قال ﷺ: «صَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ..» رواه الطبراني.

– قضاء الحوائج يكون صاحيه من مفاتيح الخير؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من الناسِ مفاتيحُ للخيرِ ، مغاليقُ للشرِ، وإن من الناسِ مفاتيحُ للشرّ، مغاليقُ للخيرِ، فطوبى لمن جعلَ اللهُ مفاتيحَ الخيرِ على يديهِ، وويلٌ لمن جعلَ الله مفاتيحَ الشرِّ على يديهِ» رواه بن ماجه.

قوله: إن من الناس مفاتيح للخير؛ أي: إن الله تعالى أجرى على أيديهم فتح أبواب الخير؛ كالعلم والصلاح على الناس، حتى كأنه ملَّكهم مفاتيح الخير ووضعها في أيديهم؛ حاشية السندي على سنن ابن ماجه.

– قضاء حوائج الناس من ثماره معية الله رب العالمين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله ﷺ: «إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: يا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قالَ: يا رَبِّ، كيفَ أعُودُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ، وكيفَ أُطْعِمُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ، كيفَ أسْقِيكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: اسْتَسْقاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أمَا إنَّكَ لو سَقَيْتَهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي.» رواه مسلم.

– قضاء حوائج الناس من وسائل وَحدة المجتمع؛ فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
«المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه» متفق عليه.

واعلموا أيها الصائمون: أن أولى الناس بقضاء حوائجهم هم الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ ثم الْأَبْعَدِينَ، فَقَدْ أَوْصَى اللهُ بِالْأَقَارِبِ، وَجَعَلَ لَهُمْ حَقًّا عَلَى قَرِيبهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ؛ قال تَعَالَى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ﴾(الإسراء: ٢٦)، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ؛ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.
ولقد تجاوزُ اللهِ تعالى عن عبدِ يومَ القيامةِ: قال ﷺ: «كانَ تاجِرٌ يُدايِنُ النّاسَ، فإذا رَأى مُعْسِرًا قالَ لِفِتْيانِهِ: تَجاوَزُوا عنْه، لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَتَجاوَزَ عَنّا، فَتَجاوَزَ اللَّهُ عنْه» رواه البخاري ومسلم.

فاتقوا الله عباد الله: وأحسنوا إلى إخوانكم بقضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم، لتكونوا من الذين عاشوا حقيقة الصيام فصاموا إيماناً وإحتساباً، اللهمَّ صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

اترك تعليقاً