فوائد وحكمة الصوم

بقلم فضيلة الشيخ : أحمد عزت حسن
الباحث فى الشريعة الإسلامية

 

▪︎ الصوم سمو بالروح وارتقاء بالنفس وعلو بالانسانية إلى مقام الملائكة الأبرار؛ فهو يُقوّي جانب الروح في الإنسان الذي قد ينحط إلى مرتبة الحيوان الأعجم إذا ما استجاب لنداءات جسده وانغمس في شهواته وصار ينفذ ما تُمليه عليه غرائزه وأهمل جانب الروح.

فالحيوان ليس لديه وازع من عقلٍ يمنعه أو دينٍ يُردعه أو ضميرٍ يحجزه، فكل ما يأكله مثله حلال أما الإنسان فهو مُكرّم يدع كل ذلك طوعًا واختيارًا مبتغيًا المثوبة من الله مترفعًا عن حياة الذين عاشوا لأجسادهم غرائزهم وأسارى شهواتهم، وتظهر آثاره في الأخلاق وفي النفس، فهو سلاح عجيب وضعه الله عز وجل بيد القوة الإنسانية لتقهر به الطبيعة الحيوانية؛ ما يدفع عن الإنسان غوائل العدوان على الدماء والأراضي والأموال؛ لأن هذا العدوان إنما يكون من تمرد الصفات الحيوانية.

▪︎ فالصيام يكسر الشهوات؛ إذ لا تكسر النفس بشيء كالجوع، ويذكر الصيام بحال الأكباد الجائعة والأجسام العارية والنساء المشردة، فيرق القلب وتلين النفس. فهو -الصوم- كفيلٌ بكل ذلك ففيه انتصارٌ للروح على المادة؛ بإضعاف الشهوات والرغبات المادية؛ فهو انتصارٌ للعقل على الشهوة بالتحكم في العواطف وقهر سلطان الجسد أمام سلطان العقل وروحه، فهو بذلك أقرب إلى مصاف الملائكة الأطهار

▪︎ الصيام يدعو إلى التحلي بمكارم الأخلاق؛ إذ يكلف فيه الإنسان أن يحفظ لسانه عن الغيبة ويغض عينيه عن النظر إلى الأجنبيات ويصون قلبه الرقيق من وساوس الشياطين، ويحلي الصائم نفسه بالصدق والإخلاص، ويتجنب الشح المذموم والبخل الممقوت. عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسًا لم يعطهن نبي قبلي:

أما الأولى: فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ينظر الله إليهم، ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبداً.،

وأما الثانية: فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك،

وأما الثالثة: فإن الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة.

وأما الرابعة: فإن الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي.

وأما الخامسة: فإنه إذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعًا”

▪︎ الصوم يُعلم الأمانة ويُعلم الصدق في المعاملة ويُعلم النصح لكل مسلم ويُعلم مراقبة النفس ويُعلم مراقبة الله عز وجل. فالصوم سرّ بين العبد وربه، الصوم يحرك الشفقة في القلب ويحض على الصدقة؛ فهو يُعلم العطف، ويحث على البر. فهو شهر الجود والكرم، وشهر البر والإحسان، فالصائم في جهادٍ صامت يجعله رؤفًا بالفقراء رحيمًا بهم مؤديًا للزكوات سخيًا بالصدقات، فيمد يده بالعون، يقول أحمد شوقي: “الصوم حرمانٌ مشروع، وتأديبٌ بالجوع، وخشوعٌ لله وخضوع. لكل فريضةٍ حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمه، يعوّد الناس البر، ويعلّمهم خِلال الخير؛ فإذا جاع من ألِف الشِبع عرف الحرمان كيف يقع وألم الجوع إذا لدغ” إنه لا ينس أهل البلاء، فالشبعان ينس الجائع ويظن أن الناس كلهم شباع فتتحرك الرحمة في قلبه لاطعامهم والاشفاق عليهم. رُوي في الآثار أن يوسف عليه السلام سُئل: لِمَ تجوع وأنت على خزائن الأرض؟
قال عليه السلام أخاف إن شبعت أن أنسى الجائع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *