مشروع قيام الليل كله
6 مارس، 2025
منهج الصوفية

بقلم فضيلة الشيخ : أحمد عزت حسن
الباحث فى الشريعة الإسلامية
روى الإمام الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ –يعني في صلاة التراويح- حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ) [رواه النسائي (١٣٦٤)، والترمذي (٨٠٦)، وأبو داود (١٣٧٥)، وابن ماجه (١٣٢٧).]
وكان ﷺ يتهجد في ليالي رمضان ويقوم العشر الأخيرة من رمضان قيامًا عظيمًا ويحيي الليل فيها،
وقالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي ﷺ لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا» فهذا يدل على شرعية قيام رمضان مع صيامه، فصيامه مفترض وأحد أركان الإسلام الخمسة، أما قيامه فهو مستحب وقربة وطاعة، ولهذا جاء في الحديث عنه ﷺ أنه قال: “إن الله فرض عليكم صيامه، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه”،
وقيام الليل موسع فيه فقد كان عليه الصلاة والسلام في الغالب يصلي إحدى عشرة ركعة في رمضان وفي غيره، وربما صلى ثلاث عشرة وربما نقص عن ذلك وصلى تسعًا، وربما صلى سبعًا، وربما صلى خمسًا، وربما أوتر بثلاث ﷺ، فالأمر في هذا واسع ولم يحدد في رمضان ركعات محدودة لا يزاد عليها ولا ينقص، بل وسع للأمة في ذلك لأن الصلاة النافلة موسع فيها ولاسيما في هذا الشهر العظيم، فقال ﷺ: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى”.
فبين ﷺ أن الصلاة بالليل مثنى مثنى ولم يحدد ركعات محدودة، لا إحدى عشرة ولا أكثر من ذلك، فمن صلى إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو عشرين ركعة أو أكثر من ذلك وختم صلاته بالوتر فقد وافق السنة، ولكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة تأسيًا بالنبي ﷺ، مع العناية بالطمأنينة في الركوع والسجود وترتيل القراءة والحرص على الخشوع في الصلاة وإحضار القلب فيها تأسيا برسول الله ﷺ، هكذا ينبغي.
وبعض الناس يصلي صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها في صلاة التراويح، وهذا لا يجوز بل ذلك يبطل الصلاة، فكل صلاة ليس فيها طمأنينة فهي باطلة سواء كانت نافلة أو فريضة، فالمشروع لنا العناية بالتأسي برسول الله ﷺ في الخشوع في الصلاة والطمأنينة فيها والإقبال عليها والحذر من كل ما نهى الله عنه فيها، ومن ذلك العجلة والنقر، فإن ذلك محرم ويبطل الصلاة،
فعلينا معشر المسلمين أن نعنى بصيامنا وأن نجتهد في إكماله وإتمامه والحذر مما حرم الله علينا فيه، وأن نعلم أن المطلوب هو صيانة النفوس عن محارم الله والامتثال بطاعة الله والإقبال عليها بالقلب والقالب رجاء ما عند الله من المثوبة وحذر عقابه سبحانه وتعالى، ولهذا قال ﷺ: “من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”
فالمقصود هو الإقبال على الله وصيانة النفوس عن محارم الله والتقرب إليه بما شرع سبحانه وتعالى بترك الطعام والشراب والجماع وغيرها من المفطرات في نهار الصوم، وليس المقصود ترك الطعام والشراب لا، فعلينا معشر المسلمين أن نعنى بما شرع الله لنا وأن نعظم هذا الشهر الكريم وأن نصون صيامنا وقيامنا عما حرم الله،
فعليك يا عبد الله أن تستكثر من الطاعات والعبادات في هذا الشهر الكريم، وأن تصون صيامك عما حرم الله عليك، وأن تجتهد في قيام هذا الشهر الكريم بما يسر الله لك، والأفضل أن تقوم مع الإمام حتى ينصرف سواء صلى إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو عشرين ركعة أو أكثر من ذلك، لأنه صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: “من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلته” وهذا فضل عظيم، فإذا قمت مع الإمام حتى ينصرف كتب الله لك قيام الليلة كلها، هذا الخير العظيم ينبغي الحفاظ عليه والحرص عليه، وأن تقوم مع الإمام من أول الصلاة، وأن تبقى معه حتى تختمها معه بالوتر، هذا هو الأفضل لك كما جاء في الحديث الذي سمعت.