تفرق اليهود وتفرق السلفية الوهابية

 

بقلم الدكتور : احمد عبد الرحيم
الباحث فى التاريخ الاسلامى

المقال الثالث عشر من سلسلة (زمن الدجال)

يتشابه السلفية الوهابية واليهود فى شئ قميئ وهو التفرق والاختلاف والتكفير وهو الشئ المنافى لتعاليم الاسلام بل وتعاليم كافة الرسالات السماوية التى تأمر بحسن القول وحسن العمل وحسن الطوية والسريرة قال تعالى “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ” سورة البقرة الاية 83. وغير ذلك من محاسن الاخلاق.

ثم اننا الآن ونحن وبصدد السبب الذى ادى بالسلفية الى الحالة التى مزقوا بها المسلمين وجعلوهم فرقاً متبانية مدعين انهم كفروا وضلوا وصاروا يعبدون الاوثان والقبور ، وللأسف ينطق السلفيون باسم الدين الاسلامى فأصدروا أحكاماً على المتصوفة فقالوا عنهم انهم قبوريون يعبدون القبور وأشركوا شركاً يخرج عن الملة ، وأصدروا أحكاماً على الفقهاء وعلى فقهاء المذهبين الشافعية والحنفية فقالوا أنهم يأخذون الفقه بالقياس وبالاتجاهات العقلية ويبتعدون عن سنة النبى صلى الله عليه وسلم ، ثم ترى السلفية يرمون المذاهب جميعها بالضلال فكيف نأخذ عن الامام ابو حنيفة أو مالك أو الشافعى أو احمد بن حنبل أو حتى الامام الظاهرى أو غيرهم ولا نأخذ من القرآن الكريم ولا السنة النبوية رأساً واصطلحوا لذلك اصطلاحاً سموه (فقه الدليل)!!
وقالوا عن الصحابة وائمة المذاهب الفقيه هم رجال ونحن رجال !! ثم ترى السلفية يخالفون المستقر عند علماء الكلام من حيث تنزيه الله تعالى عن صفات الحوادث فتراهم يجسمون الله تعالى ويصفونه بالحد والجهة والمقدار والتشبيه بالادميين وبالنزول والصعود والجلوس والكلام الى غير ذلك !! ليس هذا فقط ثم تراهم يرمون أهل السنة ممن يفوض أو يأول بالكفر والشرك والضلال!! ويا ليتهم تراهم فريقاً واحداً بل تراهم فرقاً وشيعاً كفرت بعضها بعضاً فمنهم السلفية السرورية والسلفية الجامية والسلفية المدخلية والسلفية الألبانية والسلفية الاردنية والسلفية البازية والسلفية العثيمينة والسلفية الكويتية والسلفية النجدية والسلفية الامريكية!! والسلفية الوهابية والسلفية الجهادية والسلفية فى مصر تراهم شيعاً فترى أولهم متماسكون لدى اول غزوهم الفكرى للاراضى المصرية فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وهى الاراضى التى يهيمن عليها الازهر الشريف بتسامحه وورعه وقبوله للاخر فتراهم ينقسمون فيما بينهم عدة انقسامات كان أولها السلفية المصريون المتأثرون بوهابية نجد المنضمين الى جماعة انصار السنة المحمدية والذى اسسها الشيخ محمد حامد الفقىثم جماعة الاخوان المسلمين والذين يطلق عليهم (الخوَّان المسلمين)

ثم تفرق جماعة الاخوان المسلمين الى عدة جماعات جهادية منها جماعة التكفير والهجرة وجماعة الجهاد الاسلامى المصرية وجماعة الناجون من النار ثم الجماعات السلفية والتى انتشرت اواخر القرن الماضى ثم اوائل القرن الواحد والعشرين ثم تنظيم القاعدة فى افغانستان وتنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام (داعش) وجماعة النصرة وجماعة اجناد الشام وجماعة التواحيد والجهاد الخ مما لا يحصى منهم والعجيب أن أكثرهم يكفَّر بعض ويهتمون بعضهم البعض بالخطأ فى بعض الأمور العقائدية التى توجب تكفيرهم وأكثرهم يتبرأ من بعض.

وبالبحث فى أهل الملل الأسبقون عن مثل هذه النفس وهذه العقلية التى تقبل بكل هذا !!، لم نجد ممن تقدم إلا اليهود فلقد تفرقوا شيعاً ومذاهب لم تجتمع بل كفروا بعضهم البعض وخاضوا فى تجسيم الله تعالى وتشبيهه بالادميين وان يعقوب قد صرع الله ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً ـ وأنه محدد المقدار والجهة والحد.

والادهى والامر فى اليهود أنهم تفرقوا الى فرقاً كفرت بعضها بعضاً فترى منهم الفريسيون والصدوقيون والكتبة والأسينيون والهيرديون والليبرتيون والمتعصبون والكتبة والسامريون والسبئية والحسيديم والاصلاحيون والارثوكسيون والعنانيون والعيسوية واليوذاعنية والمشكانية اصحاب موشكان والغيورون (قنائيم) وغيرهم الكثير.

والعجيب أيضاً ان هذه الفرق تكفر بعضها البعض ويتهمون بعضهم بعضاً بالفظائع ويتهمون بعضهم بالخروج عن شريعة موسى ـ يقصدون بذلك الشريعة اليهودية ـ !!

وقد يتسآءل البعض أليس من الطبيعى الاختلاف كما فى المذاهب الفقهية والكلامية وغيرها بل يوجد داخل كل مذهب الراجح والمرجوح والاشهر والمشهور والمدراس المختلفة؟

نقول نعم ان هذه هى طبيعة الحياة وان الزمن والكثرة تحتم التميز والاختلاف ولكن ذلك مشروط بالاحترام المتبادل والمحبة والود فيما بينهم فالجميع أخوة ليس بينهم تحزب او بغض او شحناء فيما بينهم فهذا هو الحنفى أخو المالكى اخو الشافعى اخو الحنبلى اخو الاشعرى اخو الماتريدى وجميعهم واخوة للشاذلية اخوة للبرهامية والرفاعية والجيلانية والاحمدية والتجانية وغيرهم من السادة الصوفية الذين يحبون الجميع على مدار تاريخهم ، ولم يؤثر عن احد من تلك المذاهب او الطرق ان كفر أحداً او حكم بشركه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *