نُبَذَةٌ : فى جُمْلَةٍ مِنْ أَخلاقِهِ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ مَعَ أَصِحَابِه وأزواجه وَغَيْرِهمْ (٣)
22 يناير، 2025
قبس من أنوار النبوة

بقلم فضيلة الشيخ : السيد محمد السيد البلبوشى ( إمام وخطيب بوزارة غرب الإسكندرية )
فيض من سيدى برهان الدين أبو الأخلاص أحمد الزرقانى رضى الله عنه وأرضاه فى ذكر جُمْلَةٍ مِنْ أَخلاقِ جده صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وعلى آله وَسَلّمَ مَعَ أَصِحَابِه وأزواجه وَغَيْرِهمْ
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَبْدَأُ مَنْ لقِيهُ بِالسّلامِ وَمَنْ قَامَ مَعَه لِحــــاجَةٍ سَـــــايَرَهُ حَتَّى يكونَ هُوَ المُنْصَـرِفَ .
وَكَانَ صِلَّي اللهِ عَلَيه وَسَلْمَ إذا لقِى أَحَدَاً مِنْ أَصحَـــــابِهِ صَافَحَهُ ثمَّ أَخَذَ بِيده فَشَـــــابكَهُ ثمَّ شَدَّ قَبْضَتهُ عَلَيهَا .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يَقُومُ وَلَا يجْلِسُ إلّا ذَاكِرَاً للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يجْلِسُ إِلَيه أَحَدٌ وَهُوَ يُصَلّى إلّا خَفَّفَ صَلَاتَهُ وَأَقْبَلَ عَلَيه فَقَالَ أَلَكَ حاجَةٌ فَإذا فَرِغَ مِنْ حاجَتِهِ عَادَ إِلَى صَلَاتِهِ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ أَكْثَرَ جُلُوسِهِ أَنْ يَنْصِبَ سَاقَيْهِ جَمِيعَاً وَيَمْسِكَ بِيَدَيْهِ عَلَيهِمَا شِبْهَ الحَبْوَةَ وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يُعْرَفُ مَجْلِسُهُ مِنْ مَجْلِسِ أَصحَابِهِ، لِأَنَّه كَانَ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ المَجْلِسُ جَلَسَ، وَمَا رُئِىَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ مَادَّاً رِجلَيْهِ يُضَيّقُ بِهمَا عَلَى أَصحَابِه إلّا أَنْ يكُونَ المَكَانُ وَاسِعَا .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ أَكْثَرُ جُلُوسِهِ إِلَى القِبْلَةِ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يُكْرِمُ كُلَّ دَاخِلٍ عَلَيه حَتَّى رُبَّمَا بسطَ ثَوْبَيْه لِمَنْ لَيْسَتْ بَيْنَه وَبَيْنَه قَرَابَةٌ وَلَا رَضَاعٌ يُجْلِسُهُ عَلَيه، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يُؤثِرُ الدَّاخِلَ عَلَيه بِالوِسَادَةِ التى تَكُونُ تَحْتَه فَإِنْ أَبَىٰ أَنْ يَقْبَلَهَا عَزَمَ عَلَيه حَتَّى يَقْبَلَ، وَكَانَ عَلَيه الصَّلَاةُ وَالسّلام يُعْطِى كُلَّ مَنْ جَلَسَ إِلَيه نَصِيبَهُ مِنَ البَشاشَةِ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّه أَكْرَمُ النَّاسِ عَلَيه *
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يُكَنِّى مِنْ أَصحَابِه وَيَدْعُوهُمْ بِالكُنَىٰ إكراماً وَاسْتِمالَةً لِقُلُوبِهِمْ، وَيُكَنِّى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُنْيَةٌ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يُكَنّى النِّساء اللَّاتى لَهُنَّ الأولاد واللّاتى لَمْ يَلِدْنَ يَبْتَدِئُ لَهُنَّ الكُنىٰ وَيُكَنّى الصِّبْيَانَ فيستَلِينُ بِهِ قَلُوبَهُمْ ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ أَبعَدَ النَّاسِ غَضَبَاً وَأَسْرَعَهُمْ رِضَاءً ، وَكَانَ أَرْأَفَ النَّاسِ بِالنَّاسِ ، وَأًنْفَعَ النَّاسِ لِلنَاسِ، وَخَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ إذا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ قَالَ:”سُبْحَانَكِ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشَهْدُ أَنْ لَا إله إلّا أَنْت اسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيكَ”، ثُمَّ يَقُولُ عَلَّمَنِيهُنَّ جِبْريلُ عَلَيه السَّلامُ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ نَزْرَ الكَلامِ سَمْحَ المَقَالَةِ،يُعِيدُ الكَلاَمَ مَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرَ لِيُفْهَمَ،وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ كَلاَمُهُ كَخَرَزَاتِ النَّظْمِ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ، يُعْرِضُ عَنْ كَلاَمٍ قَبِيحٍ وَيُكْنِى عَنْ الأمور المستقبحة فى العُرفِ إذا اضْطَرَّهُ الكَلاَمُ إِلَى ذِكْرِهَا .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ إذا سَلّمَ سَلَّمَ ثَلَاثَاً وَكَانَتْ عَيْنَاهُ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ كَثِيرَةَ الدُّموعِ وَالهَملَانِ، وَكُسِفَتِ الشَّمْسُ مَرَّةً فَجَعَلَ يبْكى فى الصَّلاةِ وَيَنْفُخُ وَيَقُولُ: “يارب أَلَمْ تَعِدْنِى ألَّا تُعَذِّبَهُمْ وَأَنَا فِيهمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ ياربِّ .
وَكَانَ ضحك أَصحَابِه عِنْدَه صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ التَّبَسُّمَ مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ اقْتِداءً بِهِ وَتَوْقِيرَاً لَهُ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ ، وَكَانُوا إذا جَلَسُوا كَأَنَّمَا عَلَى رءوسهم الطَّيْرَ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ أَكْثَرَ النَّاسِ تَبَسُّماً مَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيهِ قرآنٌ أَوْ يَذَّكُرِ السَّاعَةَ أَوْ يَخْطُبُ خُطْبَةَ مَوْعِظَةٍ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ إذا نَزَلَ بِهِ شىءٌ فَوَّضَ الأمر فِيه إِلَى اللهِ عَزّ وَجَلّ وَتَبَرَّأَ مِنَ الحَوْلِ وَالقُوَّةِ، وَسَأَلَهُ الهُدى وأتْبَاعَه وَسَأَلهُ البُعْدَ عَنِ الضّلالِ .
وَكَانَ أَحَبُّ الطّعامُ إِلَيه صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ مَا كَثُرَتْ عَلَيه الأَيْدِى، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ أَكْثَرَ جُلُوسِـــهِ للأكل أَنْ يَجْمَعَ رُكْبَتَيْهِ بَيْنَ قَدَمَيْهِ كَمَا يَجْلِسُ المُصَلِّى إلّا أَنَّ الرُّكْبَة تَكون فَوْقَ الرُّكْبَةِ وَالقَدَم فَوْقَ القَدَمِ ، وَيَقُولُ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ :” إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكَلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ ” .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يَأْكُلُ الطّعامَ الحارّ وَيَقُولُ إِنَّه غَيْرُ ذى بركَةٍ فأبردوه فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُطْعِمْنَا نَارَاً .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ مِمَّا يَلِيهِ وَيَأْكُلُ بأصَابِعِهِ الثَّلاثِ ورُبَّما صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ اسْتَعَانَ بِالرّابعَةِ، وَلَمْ يَأْكُلُ قَطُّ بأصبعَيْنِ وَيُخْبِرُ أَنّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ خُبْزَ الشَّعِيرِ غَيْرَ مَنْخُولٍ ورُبَّما وَقَفَ فى حَلْقِهِ فَلَا يُسِيغُهُ إلّا بِجَرْعَةٍ مِنْ مَــاءٍ ،وكان صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ القِثَّاءَ بِالرُّطَبِ وَبِالمِلْحِ ، وَكَانَ أَحَبُّ الفواكِهِ إِلَيه الرُّطَبَ وَالعِنَبَ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ البطِّيخَ بِالخُبْزِ وَبِالسُّكّرِ ورُبَّما أَكَلَهُ بِالرُّطَبِ وَيَسْتَعِينُ بِاليَدَيْنِ جميعـاً .
وَكَان صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ َ يَأْكُلُ العِنَبَ خَزْفَاً يُرَى رَأْلُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ كَخَرَزِ اللُّؤْلُؤِ وَهُوَ المَاءُ الذى يَتَقَطَّرُ مِنْه وَكَانَ أَكْثَرُ طَعَامِهِ التَّمْر وَالمَاءَ .
وَكَانَ يَجْمَعُ التَّمْرَ بِاللَّبَنِ وَيُسَمِّيهُمَا الأطيَبَيْنِ ، وَكَانَ أَحَبُّ الطّعامِ إِلَى النَّبِىّ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ اللُّحْمَ وَيَقُولُ إِنَّه يَزِيدُ فى السَّمْعِ وَهُوَ سَيِّدُ الطّعامِ فى الدّنيا والآخرة
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يَسْتَكْبِرُ عَنْ إجابةِ الأَمَةِ وَالمِسْكِينَ ، وَكَانَ يغْضَبُ لِرَبِّهِ وَلَا يغْضَبُ لَنَفْسِهِ ، وَكَانَ يُنْفِذُ الحَقَّ وَإِنْ عَادَ ذَلِكَ بِالضَّرَرِ عَلَيه وَعَلَى أَصحَابِهِ
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ الثَّرِيدَ بِاللُّحمِ وَالقَرْعِ ، وَكَانَ يُحِبُّ القَرْعَ وَيَقُولُ إِنَّهَا شَجَرَة يونس عَلَيه السَّلامُ .
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَقُولُ يا عَائِشَة إذا طَبَخْتُم قدرَاً فَأَكْثَرُوا فِيهَا مِنْ الدُّبَّاء فَإِنَّه يشدُّ قلبَ الحَزِينِ
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يعصِبُ الحَجَر عَلَى بطنِه مِنَ الجُوعِ وَيكتُمُ ذَلِكَ عَنْ أَصحَابِهِ حَملَاً لِلمَشَقَّةِ عَلَيهم ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ مَا حضَر وَلَا يَرُدُّ مَا وَجدَ
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ مطْعمٍ حلالٍ إِن وَجدَ تَمرَاً دُونَ خُبْزٍ أَكلَ ، وَإِن وَجد لَحمَاً مشوياً أَكلَ وَإِن وَجد خُبْزَ بُرٍّ أَكلَ أَوْ شَعِيرٍ أَكلَ وَإِن وَجد حَلْوَى أَوْ عَسَلَاً أَكلَ ، وَإِن وَجد لبنَاً دُونَ خُبْزٍ أَكلَ وَاكْتَفَى بِهِ ، وَإِن وَجَدَ بطيخاً أَوْ رُطَبَاً أَكلَه
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ لحَم الدَّجَاجِ وَالطَّيْرِ الذى يُصَادُ وَلَا يَشْتَرِيه وَلَا يَصِيدُهُ وَيحِبُّ أَنْ يُصَادَ فَيُؤْتَى بِهِ فَيَأْكُلُهُ ، وَكَانَ إذا أَكلَ اللَّحْمَ لَمْ يُطَأْطِئْ رَأْسَهُ إِلَيه بَلْ يرفعُهُ إِلَى فِيهِ ، ثم يَنْتَهِشُهُ انتهاشاً
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ الجُبْن وَالسَّمْن، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يحِبُّ مِن الشَّاةِ الذِّراع وَالكتفَ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا كَانَ الذِّراعُ أَحُبَّ اللُّحمِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ ، وَلَكن لَا يَأْكُلُ اللُّحمَ إلّا غبَّاً ، وَكَانَ يعْجلُ إِلَيه لِأَنَّهُ أَعجلُهَا نُضْجَاً وَكَانَ يُحِبُّ مِنْ القِدْرِ الدُّبَّا ، وَمِن التَّمر العَجْوَةَ ، وَدَعَا فى العَجْوَةِ بِالبرَكَةِ
وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ يَقُولُ :” إِنَّهَا مِن الجَنَّةِ ، وَهَى شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ وَالسّحرِ “، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ، يُحِبُّ مِنْ البُقولِ الهِنْدِبَاءِ والشَّمَرَ وَالرِّجْلَةَ ، وَيَكرهُ الكُلْيَتَيْنِ لِمَكَانِهمَا مِن البَوْلِ ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يَأْكُلُ مِن الشَّاةِ سَبعَا الذّكَرَ والأنثيَيْنِ والجباء وَهُوَ الفَرجُ وَالدَّمَ وَالمَثَانَةَ وَالمَرَارَةَ وَالغُدَدَ ، وَيَكرهُ لَغَيْرِهِ أَكْلَهَا ، وَكَانَ صَلّىٰ اللهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ لَا يَأْكُلُ الثّوم وَلَا البَصَلَ ، وَلَا الكُرَّاثَ وَمَا ذَمَّ طعامَاً قَطُّ
يتبع ..