لماذا قالت الاحاديث بأن الامام المهدى من ولد فاطمة وليس من ولد على؟

بقلم : الاستاذ الدكتور الشيخ محمد عبد الله الاسوانى

سلسلة علوم آخر الزمان :

توجد حكمة لابد ان نأخذ لها موضعها، وهى ان النبى صلى الله عليه وسلم لم يقل ان المهدى من ولد على كرم الله وجهه وانما قال فى حديث ام سلمة ان المهدى من ولد فاطمة ـ وهى حديث مشهور ويكاد ان يكون هذا الحديث هو المتفرد فى هذا الباب

روى عن أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي حدثنا أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “المهدي من عترتى من ولد فاطمة” رواه ابى داوود فى سننه والطبرانى والحاكم.

وذكر النبى صلى الله عليه وسلم بان الامام المهدى عليه السلام من ولد فاطمة مع العلم بانه فى هذا الوقت لم يكن للإمام على رضى الله عنه زوجة اخرى غير السيدة فاطمة! لأن سيدنا على لم يتزوج على السيدة فاطمة فى حياتها او حياة النبى صلى الله عليه وسلم.

وكثير من الناس يعرفون القصة التى حدثت عندما اراد الامام على ان يتزوج بنت ابو جهل فرفض النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال لا تجمع بنت رسول الله وبين بنت عدو الله.

روى في البخاري وغيره، عن المسور بن مخرمة، قال: سمعت رسول الله يقول، وهو على المنبر: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي، وينكح ابنتهم؛ فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها. وفي البخاري وغيره أيضاً.

وروى علي بن الحسين رضى الله عنهما أن المسور بن مخرمة أخبره : أن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل، وعنده فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما سمعت فاطمة ــ رضى الله عنها ــ أتت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقالت: إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك، وهذا عليٌّ ناكح ابنة أبي جهل ، قال المسور: فقام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد فقال : “أَمَا بَعْدُ فَإنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الْرَّبِيْعِ، فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَفْتِنُوهَا، وَإِنَّهُ وَالله لاَ يَجْتَمِعُ ابْنَةُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم وَابْنَةُ عَدُوِّ الله عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ”. فترك علي الخطبة.

فالامام على فى هذا الوقت الذى ذكر فيه الحديث لم يكن للامام على زوجات غير السيدة فاطمة فلماذا ذكر النبى صلى الله عليه وسلم ان الامام المهدى سيكون من ولد فاطمة.

أما الحديث الاخر الذين يحتجون به ان الامام المهدى من ولد الحسن فهو حديث موقوف وهو قول الامام على عن الامام الحسن ان ابنى هذا سيدا وسيخرج من صلبه من يقيم العدل.

روى عن الأعمش عن أبي وائل، قال: نظر علي إلى الحسن رضى الله عنهما ، فقال: إن ابني هذا سيد، كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخرج من صلبه رجل باسم نبيكم، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

وعن أبي إسحاق قال: قال علي رضى الله عنه، ونظر إلى ابنه الحسن، فقال: إن ابني هذا سيد، كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخُلُق ولا يشبهه في الخَلْقِ يملأ الأرض عدلاً ” أخرجه الإمام أبو داود، في سننه ، والإمام أبو عيسى الترمذي، في جامعه ، والإمام أبو عبد الرحمن النسائي في سننه.

فالحديث المرفوع هو حديث ام سلمة وهناك روايتين للحديث رواية ذكرت ان المهدى من عترتى من ولد فاطمة ورواية ذكرت بان المهدى من ولد فاطمة

عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” المهديُّ مِنْ ولدِ فاطمةَ ” . اخرجه ابن عدى فى الكامل ترجمة سويد بن سعيد

ان كلام النبى صلى الله عليه وسلم وأحاديثه فيها علم امثال المكنون ، فالنبى صلى الله عليه وسلم عندما يذكر الامام المهدى وانه من اولاد فاطمة ويأتى فى حديث آخر وهو المروى عن سيدنا عثمان ويقول أن المهدى من ولد عمى العباس.

عن عثمان بن عفان رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “المَهديُّ من ولدِ العبَّاسِ عمِّي” ، وفى رواية ” المهدِيُّ رجلٌ من ولَدِ العباسِ عَمِّي” أخرجه الدار قطنى فى الافراد ، والديلمي في الفردوس (6666) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1431).

فهذا حديث مرفوع وهذا حديث مرفوع، فالحديث الاول عن ام سلمة رضى الله عنها والثانى عن عثمان بن عفان رضى الله عنه، فلو تدبرنا نرى أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر العباس فى هذا الحديث، وهناك ذكر فاطمة فى الحديث الاول وفيه اتصر على أن الامام المهدى عليه السلام من ولد فاطمة ولم يذكر سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه، وهذا يعطينا مدلول اذا تفكرنا فى الحديث وعلمنا ان النبى صلى الله عليه وسلم لا يقول اى شئ الا بوحى سماوى قال تعالى: ” َمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ” [سورة النجم : 3 ، 4].
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *