شاهد قبر علي بندق بمحلة روح فى محافظة الغربية

بقلم الأستاذ : الدسوقى إبراهيم محمد منصور
مدير عام أثار المحلة الكبرى

في ظل نظام الدولة العثمانية منذ دخول العثمانيون مصر سنة 1517م بعد هزيمة طومان باي في موقعة الريدانيه عاشت القرية المصرية فترات سيئة لم يحقق فيها هذا النظام آمال المجتمع المصري فانتشر الجهل والفقر وأنتهج بعض الناس طريق البعد عن ما تبقي من لذات الحياة فقد أذهب الفقر نفوسهم إلي تقواها وقامت حياتهم علي أساس التقشف وارتداء الصوف الخشن فقط أو المرقع منه وعرف هؤلاء باسم المتصوفة وقد أطلقوا علي أنفسهم أسم الفقراء لأنه كان شعار الصالحين وكان لكل واحد من هؤلاء شيخه الذي يرتبط به وبطريقته الصوفية.

من هو علي بندق في ظل هذه الظروف كان يعيش فلاح مصري و هو علي الشناوي الشهير بعلي بندق شيخ مشايخ الطريقة الأحمدية في عصره وأحد أحفاد الشيخ محمد الشناو ي مؤسس الطريقة الصوفية المعروفة باسم الشناويه ا لأحمديه وهي أحد بيوت الطريقة األحمديه والتي أسسها الشيخ السيد البدوي بطنطا محافظة الغربية و قبره بها عامر ويزار حتى اآلن .أما علي بندق كما يقول الجبرتي في كتابه عجائب الآثار في التراجم و ا لأخبار هو علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القدوس بن القطب الصوفي محمد بن أحمد بن عمر الشناوي الأحمدي .

وكان إماما صوفيا معمرا أي عاش كثيرا وعرف ببندق وأخذ عن عميه محمد العالم وعلى المصري وهما عن عمهما محمد بن عبد القدوس الشهير بالدماطي وكان علي بندق شيخ مشايخ ا لأحمديه في عصره وانتهت إليه الرياسة في زمنه وعاش حتى جاوز المائة عام بكامل حواسه .ويقول الجبرتي كانت له خلوه في سطح منزله بها كوة ) فتحه ( مستقبلة طنتدا ) طنطا( بين يديها فضاء واسع يري منها آثار طنتدا وظل طوال حياته مستقبل تلك الكوة حتى توفي في أوائل جمادي ا لأولي سنة 1186 هـ واجتمع بمشهده غالب أهل البالد من المشايخ و ا لأعيان و العلماء ودفن عند أسالفه بمحلة روح .

قرية محلة روح

هي أحد قري مركز طنطا محافظة الغربية يرجع بداية إنشائها إلى الفتح العربي لمصر وردت في قوانين ابن مماتي وفي تحفة اإلرشاد كتاب التحفه السنية أنها من أعمال الغربية مساحتها 991 فدان بها رزق 28 فدان وعمرتها كانت 6000 دينار سنة 764 هـ ،1363 م .وقد اختارها محمد علي باشا الكبير سنة 1253 هـ ، 1837 م من أجل يجعل بها مراحات حظائر لألغنام التي جلبها من بلاد أوربا و المعروفة باسم الميرنوس وهذا النوع يحتاج لجو نقي ومياه صافيه .

وفي عام 1859 م أنشئ بمحلة روح خط سكك حديد بين طنطا ومحلة روح ومحلة روح وسمنود في عهد الخديوي عباس والخديوي سعيد، أما في عهد الخديو ي إسماعيل فتم إنشاء خط سكك حديد من محلة روح إلي دسوق سنة 1865 م .

وذكر علي باشا مبارك أنها قرية من مديرية الغربية مركز محلة منوف قبلي ناحية صفط شرقي ناحية دمشيت بها جامعان كالهما بمنارة و جامع آخر ال يعرف أثره و بها محطة للسكك الحديدية و منزل مشيد لعمدتها و بها أشجار و جملة من السواقي ويتكسب أهلها من الزراعة .

وقد اختارها جد علي بندق محمد الشناوي مؤسس الطريقة الصوفية المعروفة باسم الشناويه أحد الطرق المنبثقة من الطريقة ا لأحمديه المنسوبة للسيد البدو ي مكان يرتب فيه مجالس الذكر وكان شيخا جليال توفي في ربيع األول سنة 932 هـ ودفن بزاويته بمحلة روح وقبره بها ظاهر يزار .

شاهد قبر علي بندق أما شاهد القبر فيرجع تاريخه إلي سنة 1186هـ ،1772م مثبت في الجدار الفاصل بين ضريح محمد الشناوي وأضرحة أحفاده بالمسجد الكبير بقرية محلة روح، ويعتبر عام 1186هـ أحد ا لأعوام الشاهدة على كثرة المنازعات بين علي بك الكبير الذي أستقل عن الدولة العثمانية سنة 1769م ومحمد بك أبو الدهب أحد مماليك علي بك الكبير الذي أنقلب علي سيده بعد ما أغرته الدولة العثمانية بوالية مصر و هزم علي بك الكبير سنة )1773 م ، 1187 هـ .

شاهد القبرعبا ره عن لوحة رخامية مستطيلة الشكل أبعادها 178 سم 33x سم محفور عليها بالحفر البارز أبيات من الشعر الصوفي نصه طف بالرحاب وقل أتيتك زائرا أرجوا المواهب يا بن عم نبي فيد العناية وال و لاية أرخت هذا لمقام لقد يعلي رهي 1186 .

وهذه الكتابات نفذت داخل إطار مستطيل به جامتان مستديرتان با لأولي عبارة لا إله إلا الله  والثانية عبارة محمد رسول الله يحيط باا لطار المستطيل من الخارج شريط زخرفي نباتي قوامه زخارف األرابيسك وهذه الزخارف تمت علي اللوحة بأسلوب الحفر البار ز .

وزخارف ا لأرابيسك أسلوب ابتكره الفنان العربي المسلم منذ تأسيس مدينة سامراء سنة 221هـ حيث يمتاز باستخدام العناصر النباتية المحورة عن الطبيعة تحويرا كبيرا بحيث ال تستطيع معرفة بداية الزخارف من نهايتها أو حتى نوع الورقة النباتية وإن كان نسبتها إلي الفصيلة النباتية واضح .

أما جميع الكتابات بال استثناء مكتوبة بالخط الثلث العثماني المعروف بالجلي وهو أحد أنواع خط الثلث وسمي بالجلي ألن هذا النوع من الكتابات يتميز بارتفاع واستقامة وكبر حجم حروفه ، وتنتهي اسطر أبيات الشعر بالحساب المعروف باسم حساب الجمل بعد عبارة أرخت ثم تنتهي أسطر الكتابة بالتاريخ الرقمي للعام الذي توفي فيه الشيخ علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القدوس بن القطب الصوفي محمد الشناوي ا لأحمدي علي بندق وهو سنة 1186هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *