التصوف الاسلامى الحق هو أمل الأمة

بقلم الأستاذ : أحمد سعيد قحيف

الكثير من المسلمين يعتقدون أن التصوف عبارة عن موالد ودروشة ولا يعرفون حقيقة التصوف الذي كان عليه علماء وعباد وأولياء الأمة.

التصوف الصحيح هو علم التزكية أو علم الباطن وإصلاح أمراض القلب هو درجة الإحسان وغاية الدين قال الباري عز وجل: ” قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۝ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ”
ويقول جلا وعلا ” إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ “

ويعتقد بعض أعداء التصوف أن المنهج الصوفي منهج مبتدع ولم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ في معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي معرفة حقيقية التصوف رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد، ثم يذهب إلى أهله يبيع ويشتري ويجاهد ويتزوج فالإسلام دعوة لحياة مادية وروحية معاً حياة تشمل العالمين عالم المادة وعالم الروح.

إن أمتنا في أمس الحاجة اليوم إلى هذا التصوف، لأن مشكلتنا الأساسية مشكلة تربية، والمنهج الصوفي الصحيح يهتم ويركز على إصلاح النفس فإذا صلح الفرد صلح المجتمع.. فبداية الإصلاح تبدأ من إصلاح النفس “غير نفسك تغير التاريخ “

ومن هذه الحقيقة نرجع إلى حجة الإسلام الغزالي وإلى منهجه والغزالي يمثل التصوف السني المنضبط بالقرآن والسنة تم اتهامه بأنه ترك أحوال الأمة في الوقت الذي تكالب عليها الأعداء، واعتزل في خلوته!
والحقيقة أن سبب عودة القدس وانتصار صلاح الدين يعود إلى تربية جموع الشعوب المسلمة على يدي الغزالي بعد خروجه من خلوته بكتاب إحياء علوم الدين.

والغزالي هو الذي ربى أمة الإسلام وتتلمذ عليه عبدالقادر الجيلاني الذي أسسَ المدرسة القادرية وكان لها إسهامات جليلة ظهرت آثارها في جيل عماد الدين زنكي، كما ظهرت آثارها على نساء ذلك العصر حيث شاركن في التدريس، وأنفقن الأموال الكثيرة لبناء الأوقاف.. وتحسين الأحوال الاجتماعية.. وبناء المدارس التي كانت مناراتٍ للفكرِ في ذاكَ الوقت.

والتصوف كان الباب إلى الإسلام لأغلب مفكري الغرب وقد شهدوا بسلامة منهجه، ومن هؤلاء الدكتور مراد هوفمان، والذي أسلم عام 1980م حيث أكد في كتابه الإسلام كبديل تلك الحقيقة الناصعة فقال: “إن التصوف الإسلامي كانت له أيادي بيضاء في نشر التقوى بين طبقات الشعب نظرا لتعمق الصوفية في الإسلام القائم على التقوى إيمانا وتوكلا على الله لا الإسلام المستند إلى القوانين العقلية”، وقال أيضا في كتابه: “يجب أن يعترف بالفضل للطرق التي مكنت للإسلام أن يستمر بقاؤه تحت أقصى الظروف المعروفة كما في الاتحاد السوفياتي سابقا”.

ثم يؤكد الدكتور مراد هوفمان أهمية الحل الصوفي في عالم اليوم فيقول: “إنه لمن سفه الرأي أن يظن بعض الناس اليوم أن التصوف في عصر العقلانية لا دور له، فالعكس هو الصحيح”.

ثم يختم الدكتور مراد هوفمان كلامه بما يؤكد حتمية الحل الصوفي وأهميته في مجتمع الشرق والغرب على السواء فيقول: “إن الإسلام يشهد موجة متحولة إلى شواطئ الصوفية، والخلفية الكامنة وراء هذا الاتجاه، تتمثل في عقلانية العلوم الغربية وأنظمة المجتمع الغربي التي أنتجت شؤم الإستراتيجية النووية وتخريب الطبيعة وتخلف الشعوب الضعيفة”.

أما الدكتورة “أنا ماري شمل” أستاذة التصوف، والأديبة الألمانية المسلمة، فترى أن التصوف أقرب إلى نفسية الغرب وأنه سيكون الباب لدخول الإسلام.

وأما المفكر الفرنسي المسلم روجي جارودي، فإنه قد أعلن في كتابه الإسلام دين المستقبل انبهاره بالتصوف، وأعلن تأييده لمحمد إقبال في تعقيبه على الديوان الشرقي حين قال: “يشهد الديوان أن الغرب بعد أن قرف من روحانياته الضعيفة والباردة، أخد يبحث على حرارة صوفية الشرق”.

والتصوف كان سببًا في إسلام الفيلسوف الفرنسي العظيم “رينيه غينون”.. الذي كان إسلامه ثورة هزت الضمائر في أوروبا وأمريكا فاقتدى به الكثير من ذوي البصائر الطاهرة واعتنقوا الإسلام هناك إذ قدم نهجاً للعلم والمعرفة يقوم علي حقائق الغيب الذي تهافتت أمامه فلسفات الغرب الحديث..

يقول بيجوفيتش أن صحة الإسلام تكمن في قدرته على تفهم ثنائية الإنسان (جسد وروح)، فالإسلام مثل -الإنسان- له جانب روحي “جواني صوفي” وجانب مادي “واقعي عقلاني”.. فالإسلام لا يكتمل بدون “الصوفية”.. و”علم الكلام”.. “يمكن تعريف الإسلام بأنه دعوة لحياة مادية وروحية معاً، حياة تشمل العالمين الجواني والبراني، أو كما يقرر القرآن: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)، انطلاقاً من هذا التعريف نستطيع القول: إن جميع الناس، أو أغلبهم، مسلمون بالإمكانية.

ومن هنا جائت أهميه الإسلام باعتباره الحل الأمثل للإنسان، لأنه يعترف بالثنائية في طبيعته وأي حل مختلف يُغَلِّب جانباً من طبيعة الإنسان على حساب جانبه الآخر من شأنه أن يعوق انطلاق القوى الإنسانيه أو يؤدي إلى الصراع الداخلي‏ إن الإنسان “بطبيعته الثنائية” أكبر حجة للإسلام..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *