رمضان البيه يكتب ( سألني أحد المحبين )

بقلم / الكاتب والداعية الاسلامى
الاستاذ الدكتور رمضان البيه

لاشك أن لكل رحلة في الحياة ثمرة بل ثمرات ولكل تجربة فوائد وخلاصات تأتي على أثر المعايشة . ومعلوم أن هناك فرق كبير بين من يسمع عن تجربة وبين من عاش وخاض التجربة فهو لا شك أصدق وأعلم وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم وعلى آله ( من ذاق عرف ).

والإنسان منا منذ أن ولد وجاء إلى هذه الحياة وإلى أن ينتهي أجله بوفاته هو في رحلة إرتحال دائم وإقبال على الله تعالى. .يقول سبحانه( ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) .ويتخلل رحلة حياة الإنسان رحلات كثيرة ..

هذا وبالنسبة لي أعظم رحلاتي في رحلة الحياة رحلة إقبالي وإرتحالي وضربي في طريق الله تعالى تلك الرحلة التي قاربت على الخمسين عاما والتي تقلبت فيها ما بين أحوال شتى ..

بين همة في الإقبال وكسل .

وبين طاعة ومعصية وتقصير وسهر وبكاء وجذب وأخذات وذكر وفكر وصيام وقيام وسياحات كثيرة في الله تعالي وبين أنوار وأغيار وأمل ويأس ودعاء وخوف ورجاء وإشياق وحنين وأنين وغير ذلك من الأحوال الكثير والكثير .

وقد تخلل هذه الرحلة لقاءات ومقابلات وجلسات وسهرات مع الكثير من المشايخ وأهل الله والمجاذيب وأرباب الأحوال ممن سلكوا طريق الله تعالى قبلي وإرتحلوا إليه عز وجل .هذا وكم من أهل ولاية وأحوال صادقة لقيتهم في رحلتي ومنهم أصحاب مقامات الآن.وأيضا كم من أهل الدعوى والإدعاء الذين يدعون المشيخة والولاية وهم مرضى القلوب ولم يخلصوا بعد .

المهم تقلبت في رحلتي في كل الأحوال والأوحال وكان من فضل الله تعالى وكرمه أن جمعني على أحد أكابر الورثة المحمديين من المشايخ والرجال الكمل وهو الاب الروحي العارف بالله سيدي الشيخ أحمد يوسف البيه أحد أكابر مشايخ الازهر الشريف في زمن الأعمدة وأخذت عنه الطريق إلى الله تعالى فكان لي بمثابة الخبير والدليل والناصح الأمين وكان نعم الأب الروحي والشيخ المربي صاحب العلم والنور والبصيرة وربيت على يده الشريفة وكنت موضع نظره لما كان يراه بنور قلبه أني له الوارث وكان رحمه الله ورضي عنه ولا زال النور الذي أهتدي به وطوق النجاة عند كل لامة ومهامة .

تعلمت منه الكثير والكثير عن سلوك طريق الله تعالى وكل ما يتعلق بالإرتحال في طريق الله تعالى وكيف تقطع العلائق من القلب وكيف تتزكى النفس وتصل إلى النفس المطمئنة الراضية المرضية الكاملة وبما تسمو الروح ويزكوا العقل وتعرفت منه على العقبات التي تقابل سالك طريق الله تعالى أثناء سلوكه في كل مرحلة ..وكيف يتخطاها وكيف يخرج حب الدنيا من القلب وكان بحق نعم الاستاذ والمربي والمعلم ..المهم بعد أن وفقني الله تعالى وأعانني وخضت بحار الطريق وسلكت مسلك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه والحمد لله تعالى قد أثمرت الرحلة بمعرفتي لنفسي وتحققي بعبودية الله عز وجل وقد أوشكت الرحلة الأولى من رحلات الإقبال على الله على الإنتهاء لكبر السن ودنو الأجل وإن شاء الله تعالى أستكمل الرحلة في عالم البرزخ بعد الخروج من هذه الحياة ..

هذا وفي إحدى جلساتي مع الأحباب سألني احد المحبين عن خلاصة رحلتي في الله تعالى ؟

فأجبته : وجدت الكرامة في الإستقامة ..

والعز في الطاعة

والذل والمهانة في المعصية ..

والسعادة في الرضا ..

والراحة في التسليم..

وراحة القلب والبدن في الزهد ..

وسر القبول في الإخلاص وكمال الإخلاص في عدم رؤية الإخلاص..

والرفعة في التواضع ..

ووجدت أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد حسن الخلق.. جبر الخاطر وإطعام الطعام وكسوة العريان وإغاثة الملهوف وستر الأعراض وقضاء حاجة أخيك المسلم وتبسمك في وجهه وإدخال السرور على قلبه..

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..

ووجدت أفضل الأعمال وأعظمها ذكر الله عز وجل والكرم والجود والسخاء ..

والحياء منه تعالى وخشيته بالغيب والصبر على بلاءه والشكر على نعماءه والرضا بقضائه ..

والأصل في ذلك كله والدافع له محبة الله تعالى ومحبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله ومحبة أهل بيته الأطهار ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *