مظاهر الإحتفال بمولد الرحمة صلى الله عليه وسلم

بقلم : الداعية الأزهري ومعلم القرآن الكريم الشيخ أحمد صقر

يلوم علينا بعض السفاسطة اظهار الحب المحمدي وتعظيمه في قلوبنا  ليس الا لانهم جهلوا دروباً من المعرفة او لربما لحقدهم انكروها ، ومن هذه الدروب:

اولا : معرفة حقيقة مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومكانه الذي يليق به حيث وقد التبس عليهم الامر بجهلهم المركب ان اختيار المتكلم عن الله والمبلغ عنه ، حامل رسالته ، يستحيل ان يكون بالأمر الهين او العادي ، ففي دستور الدنيا والدول ، ان رسول الدولة مكانته من مكانتها ومقامه من مقامها ، ويتحدث بلسانها ، واحترامه واجب محتم ، فهكذا هو الحال مع سفراء الدول ، فكيف بالنبي ﷺ وهو رسول الله المبلغ عنه {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ …} [المائدة:67].

وقال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [الأعراف:158].

لذا فُهِم أن التعامل مع شخص حضرة النبي صلى الله عليه ، وتعظيمه هو من تعظيم لله تعالى.

السؤال هنا ألا يتعلم هؤلاء تعظيم ملوكهم وأمراءهم ؟!! ، وأين هم من عقيدة الولاء التى صدعونا بها ؟ فهل يكون الولاء الحقيقي بمعناه ، لغير عظيم ؟!! ، أم أنها عقيدة ما وضعت الا لتعظيم السلاطين؟ !!!

فقد روى أحمد وأبو داوود وبن ماجه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوآئي وانا أول شافع وأول مشفع ولا فخر” فهذه مكانته الحقيقية التى يجهلها هؤلاء ، بل ويعجز القلم عن وصف حقيقة عظمته ﷺ.

ثانياً: الحب في الاسلام من أهم أعمال القلب واعظمها ، ولولا الحب ما بقى الايمان في قلوب المؤمنين ، فبالحب يغار المؤمن إذا ما انتهكت حرمات الله ، ويخاف أن يقع المحب في محظور يلقى به حبيبه .

وقد ذكر الحب في القران أكثر من 70 مرة وما كان هذا إلا لأهميته وتأثيره في قلوب أصحابها ، ومن هذه الآيات التى تطرب مسامعنا قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} البقرة:165 ، وقوله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } آل عمران:31 ، لذلك كان حب النبي صلى الله عليه وسلم فرض واجب ، لأن من نتائج الحب الامتثال والطاعة بل وأكثر منه حين تقرأه في سير الصحابة رضي الله عنهم ، فترى العجب الذي لا تجده حتى في قصص الاساطير التى تتغنى بها الحضارات البائدة والباقية ، فبالحب يقدم العاشقين أرواحهم فداء لحبيبهم بل يهيمون فيه عشقا كالسكارى فتنتابهم حالات من الهيام فيبحرون به مع امواج محيطات العشق المحمدي ، فيحبون ما يحب ويكرهون ما يكره ، وبهذا الحب وبهذا التعظيم أُقيم هذا الدين العظيم وانتشر في كل الدنيا.

ولم تجد في التاريخ أحدا يلوم أحدا على إظهار حبه كما يلوم علينا هؤلاء مظاهر حب المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج علينا بعضا من المهاطيل العوازل بقبحهم وحقدهم بأنياب بادية وأوجه شاحبة كالحة شمطاء لينكروا علينا شرف اظهار الحب المقدس الشريف لخير من وطأت قدماه الثرى ، بل لم يخلع نعليه الشريفين عند شرف المقام الأسمى والجلال الأبهى والنور الأقدس الإله الأعز الأكرم ، جل جلال الله وعَظُم جاه الله ، بل اعتبروا مقام النبوة كساعي البريد ليس أكثر ، كأنه لم يرد على مسامعهم بل ورد لكنها صماء ، أن المرء على دين خليله وحديث انس بن مالك رضي الله عنه “لا يؤمن احدكم حتى اكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين”.

أما عن مظاهر الحب فقد تختلف من زمن إلى زمن ومن مكان لمكان ومن أمة لأخرى ، فقد يبتدع الناس ويتفنون فنونا وابداعات بحسب ثقافاتهم المختلفة والتى تتماشى مع حدثيات العصر وعاداتهم ، ومعلوم عند أهل العلم والصنعة قديما وحديثاً أن الترك ليس حجة على النهي ما لم يورد نص بالتحريم ، فأصل الاشياء الحل حتى يأتي نصاً بتحريمه، ومن هنا ومن خلال تلك القاعدة ، ندرك أن أصل الاحتفال مشروع بعيدا عن ارتكاب الفواحش أو إتيان منهي عنه .

لا تلومني يا عزولي بالحب مالم

 تذق شراب كأسِ الخمر من حاني

فليت لي بتراب لامس نعل الحبيب

فيهمُ أمَرِّغ خدي فيطيب فؤادي

هلموا اهل الغرام هيا تراشفوا

 شراب خمر الحب وزاحموا حاني

فاغرفوا واغبقوا والسكر لا تبالوا

فشراب خمر الحب حِلٌّ قاسمونى شرابي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *