بقلم الشيخ : محمد رجب أبو تليح الشاذلي الأزهري
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن تبعه ومن والاه
أما بعد
وقفنا في اللقاء السابق عند ذكر نوع ٱخر من رفع الله تعالى لذكر حبيبه ومن مظاهر هذا الرفع لذكره أنه ذكره في الملأ اﻷعلى باسمه ولقبه
أما اسمه اﻷشرف فهو محمد وأما لقبه اﻷكرم فهو أحمد وفرق بين المحمدية واﻷحمدية فمحمد صيغة مبالغة من الحمد ومعناه من كثر حمده وصفاته الحميدة فاجتمعت فيه كل صفات الخير المحمودة وهو كذلك ﷺ
أما أحمد فهو أفعل تفضيل من الحمد أي أنه أحمد عباد الله لله سبحانه وهو كذلك ﷺ
لكن ما السر في أسبقية لقبه على اسمه بذكره في التوراة واﻹنجيل وغيرها من الكتب السماوية ؟ !
قال أهل الله : ﻷنه سبق بأحمديته محمديته فأحمديته كانت للروح ومحمديته للروح والجسد معا أحمديته لعالم الغيب ومحمديته لعالم الشهادة .
قول الإمام السهيلي:
“ثم إنه لم يكن محمدًا حتى كان أحمد، حمد ربه فنبأه وشرفه؛ فلذلك تقدم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد، فذكره عيسى ﷺ وذكره موسى ﷺ حين قال له ربه: تلك أمة أحمد فقال: “اللهم اجعلني من أمة أحمد”[11]، فبأحمد ذُكِر قبل أن يذكر بمحمد؛ لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له، فلما وجد وبعث كان محمدًا بالفعل، وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بالمحامد التي يفتحها عليه، فيكون أحمد الحامدين لربه، ثم يشفع فيحمد على شفاعته .
وهنا دعونا نبحر في بحار ذاكرة التاريخ ونعرف رفع ذكره ﷺ عند إخوانه من ساداتنا الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين . وأول ما نبدأ به سيدنا آدم عليه السلام:
رفع ذكره ﷺ عند آدم عليه السلام :
قال العارفون : لما خلق الله آدم عليه السلام وشرفه بوضع النطفة المحمدية الطاهرة وكانت نورا أمر الملائكة بالسجود له تعظيما واحتراما له ولتشريفه بأبوة محمد ﷺ وكانت الملائكة تكنيه بأبي محمد ﷺ
ولما وقع في المخالفة بقدر الله عليه وحكمته لينزله إلى اﻷرض ﻷنه جرت حكمته أن يستخلفه فيها ويعمرها كما قال سبحانه : ” إني جاعل في اﻷرض خليفة ” اﻵية .
روى الحاكم بسنده عن عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله ﷺ لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله: يا آدم، وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب، لأنك لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك، رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك.فقال الله: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه، فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا . انتهى كلام الحاكم .
غير أننا نجد فئة يحلو لها تضغيف هذا الحديث مع أن معناه لا يتعارض مع العقل ولا اﻹيمان برسول الله ﷺ ومحبته . ويرون قوله : ” ولولا محمد ما خلقتك ” . مخالفا للعقيدة ومعناه ببساطة : أني خلقتك ليكون محمد من ذرينك فيراد خلق اﻷصل والمراد منه الفرع كزرع أصل الشجرة والمراد منها أطايب ثمرتها .