ومضات عن معنى كلمة التصوف

دائماً ما يثور تساؤل، عن معنى كلمة التصوف وفى هذا المقال نحاول ان نقرب الى الاذهان معنى كلمة تصوف.

تنوعت معني كلمة تصوف عند المسلمين، وباجماع علماء التصوف وغيرهم فان كل معني قيل فى وصف التصوف يعبر عن جانب من جوانبه، وكل معنى منها له مذاق جميل عن المعنى الآخر، فهذه المعانى التى قيلت فى التصوف انما هى كطبق اجتمعت فيه كل اصناف الفاكهة، فلكل فاكهة منها لها طعم جميل ورائحة زكية فريدة ولون رائعٌ أخَّاذ.

فالمعني الاول لكلمة تصوف مشتق من الصوفة وهى القطعة من الصوف لان الصوفي مع الله كالصوفة مطروحة وملقاه لاستسلامه لأمر الله تعالي يقلبه كيف يشاء، كما قال رويم عندما سئل عن تعريفه للتصوف؟ فقال: هو الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد يعنى التسليم المطلق لله تعالى.

 والمعني الثاني لكلمة تصوف مشتق من الصفات، اي ان يتصف الصوفى بجميع الصفات الحميدة ومحاسن الصفات والأخلاق الرفيعة.

 والمعني الثالث لكلمة تصوف مشتق من مصطلح اهل الصفة وهم مجموعة من صحابة النبى ﷺ من الزهاد المنقطعين الى الله تعالى بكليتهم، فقد كانوا يقيمون في المسجد النبوى وكان النبي صل الله عليه وآله وسلم يتولى شئونهم ويعطيهم نصيباً من الصدقات والزكاة.

والمعني الرابع لكلمة تصوف جاء من الصوف لانهم كانوا يفضلون لبس الصوف، لتأديب النفس والتقشف، والتذكرة دائما بأن الدنيا زائله وفانية.

 والمعني الخامس لكلمة صوفي أنها لفظ مأخوذ من الصفاء اى من صفاء الروح من الشوائب والامراض الباطنية، وان يكون القلب خالصاً مع الله وان تراقب خواطر فكرك وعقلك وان تسوس نفسك وان تكون موحداً متبرأً مما سوى الله تعالى.

يقول أبو نصر السراج في كتابه ان صوفي في الأصل صفوى يعنى من الاصطفاء واجتباء من الله تعالى لخاصته من خلقه فدابهم كدأب الانبياء فقد أُثر عن سيدنا عيسى انه لبس الصوف تعبداً وان النبى ﷺ لبس الصوف تواضعاً، فقد ورد فى مرثية عمر بن الخطاب لرسول الله ﷺ: ولبست الصوف وركبت الحمار، واردفت خلفك وقد ورد فى الحلية لابى نعيم: ان النبى ﷺ واسى اهل الصفة ولم يكن عندهم الا جلباباً من الصوف.

يقول الشيخ أحمد زروق: التصوف علمٌ قُصِدَ لإصلاح القلوب، وافرادها لله تعالي عما سواه والفقه لإصلاح العمل، وحفظ النظام، وظهور الحكمة بالاحكام.

ويقول الإمام الجنيد: التصوف استعمال كل خلق سني وترك كل خلق دني.

ويقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي: التصوف تدريب النفس علي العبودية، وردها لأحكام الربوبية.

ومن هذا نجد ان كل هذا المعاني تشير الي ان التصوف هو مقام الإحسان وهو ان تكون خالصا لله تعالى، منقاداً لارادته، وتعبد الله تعالى كأنك تراه عن طريق تهذيب النفس ونصحها ورياضتها اي تدريبها لتصل الي اسمي واعلي معاني الصفاء، وذلك بالذكر والطاعة وترك الشهوات لتكون جميع افعالك وعبادتك ومعاملاتك خالصة لله تعالى وحده، فيقبلها الله ويفتح لها ابواب المعارف والقرب والنور.

بقلم الأستاذ : أحمد عبد الحميد العمرانى الشاذلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *