الدين الإسلامي وحقيقته الصلبة في مواجهة فشل العلمانيين والملحدين الشرقيين, دراسة من قلب الحوارات
2 يوليو، 2025
العلمانية وغزو بلاد العرب

بقلم الكاتب: محمد نجيب نبهان
لقد قضيتُ سنوات طويلة، في خوض حوارات ونقاشات مع ما يُطلق عليهم “العلمانيون والملحدون الشرقيون”؛ هؤلاء الذين طالما رفعوا شعارات العقل والعلم والحرية، ورغم ذلك، أدهشني حجم الفشل المتمادي الذي يعانونه في شتى مناحي الحياة. فشلهم لا يقتصر فقط على مستوى الفهم الديني أو الفكري، بل يتعداه إلى أوجه حياتية متعددة: العلم، والأخلاق، والعلاقات الاجتماعية، بل وحتى الإنتاج الثقافي والفكري.
في هذا المقال الممتد، أسعى لأن أوضح كيف أن الدين الإسلامي لا يزال يقف شامخًا في وجه حملات التشكيك والسخرية التي يشنها هؤلاء، وكيف أن فشل العلمانيين والملحدين الشرقيين يتجلى في محاولاتهم العبثية للانتصار على دين أثبت على مدى قرون أنه المنبع الأول للعلم والحضارة والقيم الإنسانية.
العلمانيون والملحدون الشرقيون: من هم في واقع الأمر؟
حين نقول “العلمانيون والملحدون الشرقيون”، فنحن نتحدث عن أولئك الذين نشأوا في بيئات تقليدية محافظة، وربما تربيوا على مبادئ دينية، لكنهم اختاروا طُرقًا مغايرة، أُخرى ظنوا أنها سبيل إلى الحرية والعقل. لكن في الحقيقة، لم تكن هذه المسارات سوى هروب من المواجهة مع الذات، وهروب من التزامات الفكر والوعي الحقيقي.
الغالبية العظمى من هؤلاء لا يمتلكون أي إنجازات علمية تُذكر، ولا يعرفون قيمة الاجتهاد والبحث الحقيقي. كما أنهم يعيشون في عزلة اجتماعية، وينعزلون عن محيطهم العائلي والثقافي، وعلاقاتهم الاجتماعية هشّة أو مشوهة. كثير منهم يُعاني من نقص في مهارات التواصل، ويعتمد في نقاشاته على الشتائم والسخرية بدلًا من الحوار العقلاني.
فشل العلمانيين والملحدين في المجال العلمي والفكري
مفارقة لافتة أن من يرفعون راية العلم والمنطق هم أنفسهم أضعف في تحقيق إنجازات علمية أو فكرية. لا أقول هذا من منطلق تهكمي فقط، بل من دراسة حقيقية قمت بها عبر سنوات من النقاشات والحوارات المتعددة التي أجريتها معهم، واطلعت فيها على خلفياتهم العلمية.
وجدت أن كثيرًا منهم لا يتقنون حتى مبادئ المنطق والفلسفة العلمية، بل يقعون في مغالطات متكررة، ويختزلون مفاهيم معقدة في شعارات مبسطة لا تحمل أي وزن علمي. كما أنهم يغفلون أو يتجاهلون الإسهامات الحقيقية للحضارة الإسلامية في بناء المعرفة والعلوم، ويكتفون بترديد أحكام مسبقة لا أساس لها من الصحة.
الإقصاء الاجتماعي: عزلتهم وذهاب تأثيرهم
على الصعيد الاجتماعي، هؤلاء العلمانيون والملحدون غالبًا ما يكونون خارج دوائر التأثير الحقيقية في مجتمعاتهم، فهم يعانون من عزلة أو حتى مقاطعة بسبب مواقفهم الصدامية، وأسلوبهم السلبي الذي يخلق لهم أعداء في كل مكان.
معظمهم لا يُبدي مبادرات إيجابية، ولا يشارك في بناء مجتمعاتهم، بل ينشغلون بتقويض الهوية الدينية والثقافية، ما يجعلهم غير محبوبين ولا محل ثقة حتى بين أقرانهم. أضف إلى ذلك أنهم كثيرًا ما يعجزون عن تحقيق توازن نفسي أو اجتماعي، ويعيشون في حالة مستمرة من التوتر والاغتراب.
الدين الإسلامي: صمود وتوازن بين العقل والروح
في مقابل هذا الفشل الذريع، نجد الدين الإسلامي يقف شامخًا، دين شامل يشمل أركان الإيمان وأحكام الشريعة، لكنه أيضًا ينبع من روحانية عميقة ومنهجية عقلانية تُعطي الإنسان فرصة التأمل والتفكير، وتوفر له أسسًا للتوازن النفسي والاجتماعي.
الإسلام لا يقف عند حدود الموروثات، بل حث على الاجتهاد والتجديد، وفتح أبواب الفكر والبحث العلمي. فالكثير من علماء الإسلام عبر التاريخ كانوا من أعظم المفكرين والعلماء الذين أسهموا في تقدم البشرية.
الفلسفة الإسلامية: تأمل وجودي متقدم
ليس من المنطق أن يُتهم الإسلام بأنه دين جهل وتخلف، في وقت نجد فيه فلاسفة إسلاميين مثل الفارابي، وابن سينا، وابن رشد، والغزالي، قد أرسوا قواعد فلسفية تسبق بفكرها أعظم المدارس الغربية، وناقشوا قضايا الوجود، والمعرفة، والأخلاق، بأسلوب علمي وروحي متوازن.
إن هذه الفلسفة ليست مجرد كلام فارغ، بل هي تجربة وجودية متكاملة تربط الإنسان بالخالق والكون، وتقدم له مناهج للتفكير والتأمل تساعده في فهم ذاته ومحيطه.
التفسير النفسي: أزمة الهوية وراء إنكار الإسلام
علم النفس يكشف لنا أن إنكار الدين الإسلامي والتشكيك فيه لا يكون دائمًا نابعًا من وعي تام، بل في كثير من الأحيان هو تعبير عن أزمة هوية حقيقية. الإنسان بطبعه يحتاج إلى أن ينتمي إلى نظام قيم وروحي يعزز من استقراره النفسي والاجتماعي.
هؤلاء العلمانيون والملحدون الشرقيون، بعد أن انفصلوا عن جذورهم، يجدون أنفسهم في دوامة من الاغتراب الفكري والوجداني، فتتحول محاولاتهم لنقد الدين إلى محاولات يائسة لتعويض الفراغ الذي يشعرون به.
سخرية واستفزاز: أسلحة الفاشلين الفكريين
من خلال تجاربي وحواراتي، لاحظت أن الكثير من هؤلاء يعتمدون على الاستفزاز والسخرية كأداة أساسية، يرمون الشتائم بدلًا من الحجة، ويجترون نفس الألفاظ المستهلكة دون أي إبداع فكري.
هذا الأسلوب ليس إلا تعبيرًا عن ضعفهم الفكري وحجم الفشل الذي يعانونه، فهم في مواجهة دين راسخ، وحضارة عميقة الجذور، لا يملكون سلاحًا إلا السخرية التي سرعان ما تكشفها الأذهان الواعية.
صرخة من تجربة حية
أقول هذا الكلام بناءً على دراسة متواضعة قمت بها عبر سنوات من النقاشات والحوارات، حيث واجهتُ بأم عيني الفشل المتكرر لهؤلاء العلمانيين والملحدين الشرقيين، الذي لا يقتصر على الدين فقط، بل يطال كل جوانب حياتهم.
الدين الإسلامي ليس مجرد عقيدة، بل هو منهج حياة شامل، جمع بين العقل والروح، والتشريع والإنسانية، والحضارة والروحانية. أما أولئك الذين يحاولون هدمه وهم في واقعهم عاجزون عن تحقيق نجاح في العلم أو الحياة، فلا قيمة لهم سوى أن يكونوا دروسًا في فشل الفكر والهوية.
فلتكن هذه الكلمات دعوة لكل من ينتمي إلى تراثنا وحضارتنا، أن يُعيد النظر بوعي، وأن يفتح قلبه وعقله لفهم أعمق للدين الذي شكل هويتنا، وليرفض أن يكون مجرد صدى لصراخ فاشلين لا يملكون من العلم إلا الشعارات، ولا من العقل إلا التعصب.