هل السبحة بدعة؟ حوار صريح وهادئ مع باحث عن الحق
19 يونيو، 2025
شبهات حول قضايا التصوف

بقلم الشيخ : عبدالله قدرى
هل السبحة بدعة؟ حوار صريح وهادئ مع باحث عن الحق
– ممكن أسألك سؤال؟
– اتفضل يا حبيبي.
– أنا شوفتك ماسك السبحة، وكنت سمعت إنها بدعة!
– طيب، يا سيدي… انت تعرف يعني إيه بدعة؟
– آه، طبعًا. هو أي شيء محدث في الدين.
– جميل. وعارف يعني إيه “محدث في الدين”؟
– هو أي شيء حصل بعد زمن النبي ومكانش ليه مثال سابق.
– ممتاز، بس قبل ما نكمّل
سؤال:
انت داخل تتعلّم ولا تجادل؟
– لا والله، عاوز أتعلم.
– طيب اسمعني بهدوء، وربنا يشرح صدرك للحق.
أولاً: ماهي البدعة؟
البدعة شرعًا هي: “كل ما أُحدث في الدين مما ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة، وكان يُقصد به التعبد.”
واستدل العلماء بحديث رسول الله ﷺ: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رَدّ.” (رواه البخاري ومسلم)
طيب هل كل بدعة ضلالة؟
هنا بقي وقع الخلاف: فبعض العلماء قال: كل بدعة ضلالة مطلقًا.
وأكثر الفقهاء قالوا: البدعة تنقسم بحسب الأحكام الشرعية الخمسة.
والذين قالوا بالتقسيم هم كبار أهل العلم والفقه، مثل:
1. الإمام العز بن عبد السلام – سلطان العلماء
2. الإمام النووي – شارح صحيح مسلم
3. الإمام الشافعي – إمام المذهب
4. ابن حجر العسقلاني – شارح صحيح البخاري
5. الإمام الجويني – إمام الحرمين
فجميعهم قالوا: البدعة قد تكون: واجبة، مندوبة، مباحة، مكروهة، محرمة.
فالخلاف في البدعة لا يمكن أن ينحسم إلا إذا عرفنا القاعدة الأصولية التي تقول :
“إن التفرع في الأصل يقتضي التفرع في الفرع”
بمعني:إذا كان الأصل الذي نقيس عليه فيه تفصيل (زي السنة)، فلازم يكون الفرع فيه نفس التفصيل.
فزي ما السنة لها أكثر من تعريف، كذلك البدعة ليست على معنى واحد.
طيب اذا اردنا تعريف السنة.
السنة لغة : هي الطريقة، سواء كانت حسنة أو سيئة.
واصطلاحًا: هي أقوال وأفعال وتقريرات النبي ﷺ
فإذا كانت البدعة تخالف سنته ﷺ، فهي بدعة ضلالة.
أما إن كانت طريقة حسنة لا تخالف نصًا، فهي في محل النظر.
أمثلة على البدع الحسنة:
1. جمع القرآن الكريم – لم يكن في عهد النبي ﷺ
2. صلاة التراويح جماعة – وقال عنها سيدنا عمر: “نِعْمَ البدعةُ هذه”
3. ركعتا الوضوء – كما ورد عن سيدنا بلال: “ما تطهّرتُ إلا صليتُ ما كُتب لي أن أُصلي” (رواه البخاري ومسلم).
4. سبحة أم سليم وأبي بكر كانت تسبّح بحصى مربوط بخيط
وكان لأبي بكر خيط فيه عُقد يسبّح به (ابن أبي شيبة، الطبراني، ابن سعد)
5. رجل زاد ذكرًا في صلاته قال: “اللهم لك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه”
فرد النبي ﷺ: “لقد رأيتُ بضعةً وثلاثين ملكًا يبتدرونها، أيهم يكتبها أول” (رواه مسلم).
واختتم بقول سيدنا الإمام الشافعي تعليقاً على حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
“من سنَّ في الإسلام سُنّةً حسنةً، فله أجرها وأجر من عمل بها…” رواه مسلم.
قال الإمام الشافعي في المسألة:
“المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما خالف نصًا، فهذه بدعة ضلالة،
والثانية ما أُحدث من الخير لا يُخالف، فهذه بدعة غير مذمومة.”
الخلاصة: البدعة لا تُذم مطلقًا، بل يُنظر في حقيقتها:
هل فيها مخالفة؟
هل لها أصل عام؟
هل مقصود بها التعبد أو تنظيم أمر مشروع؟
وليست كل محدثة في الدين ضلالة، وإنما الضلالة ما خالف الأصل.