الكيان ومخططات تدمير الأمة العربية: من قهر الجندي العربيةالمصري له إلى ضرب العقل العربي وتدميره
13 يونيو، 2025
أخبار العالم الإسلامى

بقلم فضيلة الشيخ : حسين السمنودي
إمام وخطيب ومدرس على درجة مدير عام بمديرية أوقاف القاهرة
منذ اللحظة التي سقطت فيها أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” على ضفاف شرق قناة السويس في أكتوبر 1973، والكيان يرتجف في داخله، يعلم أن الخطر الحقيقي ليس فقط في السلاح، بل في الإنسان العربي، والمصري بصفة خاصة وفي الجندي الذي خرج من قلب الفقر والانكسار ليحطم دباباتهم، ويغسل عار النكسة ببطولات لا تنسى.
لقد عرّى انتصار أكتوبر الكيان الغاصب أمام العالم، فكشف زيفه وعجزه، وأسقط القناع عن آلة إعلامه الدعائية التي طالما سوقت وهم التفوق المطلق. وكان لا بد أن يتحرك سريعاً. ولكن المعركة لم تكن لتُخاض مجدداً عبر الدبابات والمدافع، بل من داخل كل بيت عربي، في طعامنا، وعلاجنا، ومدارسنا، وأفكارنا، بل حتى في الطريقة التي نحب بها أو نربي بها أبناءنا.
كانت البداية في الصحة، حيث خطط خبراؤهم لتدمير البنية الجسدية للشعوب العربية، وتحديداً مصر التي أذلتهم على ضفاف شرق القناة بأرض سيناء المباركة. هنا بدأ الكيان الغاصب في ارتكاب واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث بحق العرب والمسلمين عامة، وبحق مصر وشعبها خاصة. جرائم لا تُرى بالدبابات، بل بالجراثيم. لا تُسمع بالرصاص، بل تسري صامتة في طعامنا وشرابنا وهوائنا.
صدّروا لنا مبيدات قاتلة وبذوراً فاسدة، غمرت أراضينا الزراعية بمواد سامة، مشوهة وراثياً، أفسدت الزرع والضرع. غذاء لا لون له ولا طعم، مليء بالمواد المسرطنة والهرمونات القاتلة، التي لا تقتل فقط من يأكلها، بل تقتل الأجنة وهم في بطون أمهاتهم. فكيف تُفسر آلاف الحالات من الأطفال الذين يولدون بأمراض مزمنة، أو تشوهات خلقية، أو أورام سرطانية ؟!
إنها حرب خفية، ممنهجة، مقصودة، تسير بخطة طويلة المدى هدفها: إبادة من الداخل.
أصبحت مصر، قلب العرب النابض، تعاني من أعلى نسب الإصابة بالكبد والفشل الكلوي والسرطان، بل ظهرت أمراض غريبة لم نكن نعرفها من قبل، وكأن أجسادنا تحولت إلى ساحات تجارب لسمومهم. أُجبرنا على استيراد غذائنا ودوائنا منهم، فصار الجسد المصري معلقاً في خيوط مؤامرتهم، تنهشه الأمراض، وتستنزفه المستشفيات، ويُترك ليستسلم للموت البطيء.
ثم كانت الضربة الثانية في التعليم، حيث أدرك الكيان أن المعركة الحقيقية هي مع العقل، مع الوعي، مع الإدراك. فبدأت الحرب على التعليم بشراسة. تم تفريغ المناهج من القيم، ومن التاريخ، ومن الفكر النقدي. شوهوا الحقائق، وطمسوا البطولات، حتى أصبح جيل كامل يجهل ما حدث في أكتوبر، ويشكك في انتصاراته، ويتعامل مع الاحتلال كأمر واقع، بل وأحياناً كصديق!
تم تهميش اللغة العربية، وأُهينت في مناهجها وصار الطالب يتعلمها كواجب ممل لا كهوية. دخلت مصطلحات دخيلة، وتم تشجيع لغة “المسخ” بين اللهجات المحلية واللغات الأجنبية، حتى تاه الطفل العربي بين الحروف.
ثم جاءت الضربة الأخطر: فقدان القدوة. لم يعد المُعلم قائداً ومربياً، بل تحول في نظر الطلاب إلى موظف مرهق، بلا هيبة ولا سلطة. انهارت مكانة المعلم فانهارت معها هيبة العلم. ثم جاءت موجات الغش الإلكتروني، وتسريب الامتحانات، ومناهج الحفظ والتلقين، لتخلق جيلاً يعرف “كيف ينجح” لا “كيف يفهم”.
وما بين ضعف التعليم، وغياب التربية، ظهر جيل مُجهز تماماً للفشل. جيل يستهلك ولا ينتج. جيل لا يربط بين الدين والوطن، ولا بين الماضي والمستقبل، بل يعيش لحظته بين مواقع التواصل وإدمان اللقطة.
ثم جاء الطعن في الوحدة والهوية، فقد زرع الكيان الفتنة بين العرب، وحرّض على المذاهب، وشجع النزعات الطائفية. يريدون عرباً يتقاتلون، لا يتحدون. يريدون شعوباً تُكفر وتُخوّن وتُفتت من الداخل، بينما هم يجلسون في غرف العمليات يرسمون الخرائط ويقطّعون الأوطان.
ولم ينسَ الكيان سلاح المخدرات. فتحوا بوابات التهريب، ورعوا شبكات التوزيع داخل كل حي ومدرسة وجامعة. سلاح أبيض لا يُرى، يستهدف شبابنا الذين هم مفاتيح المستقبل، حوّلوهم إلى كائنات تائهة، محطمة، بلا وعي ولا إرادة ولا طموح.
هكذا ينفذ الكيان مخططه: تفكيك الجسد، تحطيم العقل، تشويه الروح.
مع كل هذا الخراب، لا يزال هناك من يشكك في “نظرية المؤامرة”، رغم أن المؤامرة لم تعد نظرية، بل واقعًا نحياه بكل وجع. واقع يُكتب بالدم، ويُروى بالسرطان، ويُحفظ في دفاتر التعليم المنهار.
إن الكيان لم ينسَ مرارة الهزيمة في أكتوبر ٧٣، ولن يطمئن إلا بعد أن يرى أجيالنا تائهة، عليلة، مستعبدة، لا تعرف معنى الوطن، ولا تفهم معنى النصر.
لكن الحقيقة التي لا يفهمها الكيان، هي أن الأمة التي أنجبت عبد العاطي صائد الدبابات، وعبد المنعم رياض القائد البطل ، وأحمد حمدي الشهيد الحي، ما زالت قادرة على الولادة من جديد. وأن الشعوب التي جُرّعت الموت البطيء، قد تثور في لحظة كرامة.
فالمعركة لم تنتهِ… بل بدأت لتوّها.
والقيادة السياسية تعئ كل ذلك .وتفشل مخططات أعدائها .وصدق الله إذ قال(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )
نسأل الله العفو والعافية .