والله ما ترك الزمانُ لأهل الحق مهنأَ عيشة ، ذاك قتلوه، وآخرَ صلبوه، وغيرُه آذَوه في أهله وولده.
وسل البخاري، ما وجد ما يستر به نفسه ليلحق برفاق العلم والخير؟ وسل سحنون الذي قال: “لا يُستطاع العلم براحة الجسم”، ما الذي حال بينك وبين مالك؟ إنه الفقر، فلولاه لأدركتَ مالكًا.
فلله دَرُّك من إمامٍ، ما توانى عزمُك ، وما اكتفيتَ بالأمنية، بل سعيتَ وكتبتَ المدونة، وكانت أمًّا لغيرها من كتب المذهب.
وسل أحمد، كم عانى من نحلة الباطل، نسجت خيوطها يدُ الاعتزال.
أما سمعتَ قول الحقِّ: ﴿وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد﴾ [البروج: 8]؟
أما سمعتَ قول المصطفى ﷺ: ” ….. إذا رأيتَ شُحًّا مطاعًا وهوًى مُتَّبعًا ودنيا مُؤثِرةً وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيِه فعليك بخاصَّةِ نفسِك”؟ (حديث حسن، أخرجه أبو داود وغيره)
بل قال قومُ الخنا والخلاعة عن لوطٍ عليه السلام: ﴿أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناسٌ يتطهرون﴾ [النمل: 56].
فاثبت، أُخَيَّ، ولا تبتئس وقل: ﴿جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾ [الإسراء: 81]. ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾ [الرعد: 17].
وصلِّ على من قال ﷺ: “لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك” (متفق عليه).