بقلم الكاتب والداعية الإسلامى الدكتور : رمضان البيه
عزيزي القارئ لازال الحديث عن معاني وأسرار مناسك وشعائر الحج والعمرة ولازال الحديث مع شيخي وأستاذي العارف بالله تعالى سيدي الشيخ البيه رضوان الله عليه .
وكنا قد توقفنا عند سؤالي لحضرته عن سر بدء الطواف من الجهة اليُسرى من الجسد وسر عدد الأشواط السبعة ؟ .
فأجابني قائلا : الطواف ركن من أركان الحج والعمرة ولا يصحان إلا به وهو عبادة أمر بها الحق عز وجل بقوله ” وليطوفوا بالبيت العتيق ” .
وهو عبادة يظهر من خلالها الحاج أو المٌعتمر الإفتقار إلى الله تعالى والتوجه بالقلب والجوارح إليه سبحانه ، يقوم فيها الحاج أو المعتمر بالطواف حول بيته تعالى الكريم تعبُدا وتقربا إليه جل جلاله بما شرعه سبحانه .
وللطواف فضل عظيم أشار إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله ” من طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين كان كعتق رقبة ” .
أما الحكمة من بدء طواف الحاج من جهة شقه الأيسر ليكون أقرب بقلبه إلى البيت ، وكأنه يتوجه إلى الله سبحانه بقلبه مع قالبه ، ومن المعلوم أن مراد الله تعالى من الإنسان قلبه لا جسده . فالقلب هو محل الإيمان والنية وموطن العقل والتعقل والفكر والتفكر وهو موضع نظر الله تعالى وتجلياته .
هذا وأما عن سر الله تعالى في عدد أشواط الطواف السبعة فهو سر عظيم لا يعلمه إلا أهل السر والبصيرة والفهم الرباني وهذا العدد يتوازي مع صفات النفس البشرية السبعة وهي : النفس الأمارة ، والنفس اللوامة ، والنفس المٌلهمة ، والنفس الراضية ، والنفس المرضية ، والنفس الكاملة التي حقق صاحبها العبودية لله تعالى كما أمر وكما أوجب وأراد . وهي الممنوحة من الله تعالى إذن الدخول في شرف الإنتساب بالعبودية إليه عز وجل والمخاطبة بقوله تعالى ” يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي ” .
فمع كل شوط من أشواط الطواف يخرج الطائف من صفة ويرتقي إلى الصفة التي تليها إن أن يصل إلى صفة النفس الكاملة المؤهلة إلى المقام في مقام الخلة وهو مقام سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعلى آله.
لذا يأتي بعد الطواف صلاة ركعتان عند مقام الخليل عليه السلام. يقوا تعالى ” وإتخذوا من مقام إبراهيم مُصلى ” ، وهي دعوة الله جل جلاله للحاج أو المٌعتمر إلى خلته سبحانه وتعالى .. هنا سألته رضي الله عنه عن سر الاشواط السبعة في السعي بين الصفا والمروة ؟ . عزيزي القارئ إنتظر الإجابة في المقال التالي بمشيئة الله تعالى .