
بقلم الشيخ : عبده الأزهرى – من علماء الأزهر والأوقاف
( استشارى العلاقات الإنسانية والارشاد الأسرى )
في زحمة الحياة اليومية وتحدياتها، تبقى الأسرة هي الملاذ الآمن والدفء الحقيقي الذي نلجأ إليه. فهي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وإذا صلحت صلح المجتمع بأسره. والأسرة المصرية بما تحمله من طابع ديني وعادات أصيلة، تظل قادرة على النجاح إذا توافرت فيها بعض العوامل الجوهرية التي تُحيي البيوت وتُرسي فيها الطمأنينة.
1. النية الصالحة والبداية الصحيحة
يبدأ نجاح الأسرة من النية؛ فالزواج ليس مجرد ارتباط اجتماعي، بل ميثاق غليظ، كما وصفه القرآن. حين يخلص الزوجان النية، ويجعلان بيتهم لله، يصبح كل تعبهم عبادة، وكل تحدٍّ خطوة في طريق الثواب. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات”.
2. الحوار والرحمة أساس التواصل
من أكبر أسباب الخلافات في البيوت هو غياب الحوار الفعّال. حين يتحدث الزوجان ويستمع كل منهما للآخر باحترام وهدوء، تنحل أعقد المشكلات. والرحمة هي مفتاح ذلك الحوار، لقوله تعالى: “وجعل بينكم مودة ورحمة”.
3. توزيع الأدوار وتقدير الجهود
الأسرة الناجحة لا تقوم على طرف يُعطي وآخر يأخذ، بل على شراكة وتكامل. حين يقدّر الزوج تعب زوجته، وتحتفي الزوجة بدور زوجها، يشعر كلاهما بالأمان والاحترام. والتعاون في المسؤوليات، سواء في تربية الأبناء أو إدارة المنزل، يُثمر بيوتًا مستقرة.
4. التربية الإيمانية للأبناء
البيت الناجح لا يغفل عن غرس القيم في أولاده، بالقدوة قبل التوجيه. قراءة القرآن في البيت، الصلاة جماعة، والدعاء المشترك، كلها أفعال بسيطة لكنها تترك أثرًا عميقًا في قلوب الأبناء، وتشحن البيت بطاقة نورانية.
5. الصبر عند الشدائد
البيوت لا تخلو من المشاكل، لكن الفرق بين بيت يهدم وآخر يصمد هو الصبر. فكما قال الإمام الشافعي: “دع الأيام تفعل ما تشاء، وطب نفساً إذا حكم القضاء”. النجاح في البيت لا يعني غياب المشاكل، بل حسن إدارتها بحكمة، وعدم استعجال الفُرقة.
6. الاستعانة بالله واللجوء إليه
من أهم عوامل نجاح الأسرة هو الارتباط بالله، في الرخاء والشدّة. الدعاء للزوج أو الزوجة، والقيام الليل من حين لآخر، ينعكس بشكل مباشر على صفاء النفوس وراحة القلوب. فالقلوب إذا امتلأت بالإيمان، هانت عليها نزغات الشيطان.
ختامًا…
الأسرة المصرية، برغم ما تمر به من تحديات اقتصادية وضغوط اجتماعية، تملك من الأصالة والقيم الدينية ما يؤهلها للنجاح والتميز. فقط إذا أخلصنا النوايا، وتمسّكنا بوصايا ديننا، وحافظنا على دفء المشاعر، فإن بيوتنا ستظل – بإذن الله – عامرة بالمودة، مستقرة بالرحمة، مطمئنة بذكر الله.