خطر شيوع الفاحشة وأثره في تطبيع الشر
13 مايو، 2025
منبر الدعاة

بقلم الأستاذ : حامد عمر
إن للكلمة أثرا عظيما، فهي إما أن تكون نورا يهدي القلوب، أو نارا تشعل الشر في النفوس. في القرآن الكريم، نجد أن القصص الإلهية تختصر مشاهد الفساد والشر، بينما تتوسع في تصوير الخير، لأن تفصيل مشاهد الفاحشة الإجرام لا يفيد الجميع، بل قد يصبح دليلا لمن كان في قلبه ميلا للشر.
على العكس من ذلك، نجد أن القصص الأرضية، كالأفلام والمسلسلات، تمعن في تصوير مشاهد الفساد، وتقضي أغلب وقتها في عرض الشر بحجة الواقعية، بينما تترك للحلقة الأخيرة درسا أخلاقيًا لا ينتفع به إلا القليل، بعد أن يكون الشر قد تغلغل في النفوس. وهذا ما نراه في الواقع، حيث تنتشر الجرائم بأساليب مستوحاة من تلك الأعمال، فيقتل الزوج زوجته كما رأى في المسلسل، ويسرق الشاب البنك كما تعلّم من الفيلم، بل حتى حالات الانتحار وقعت بسبب معرفة الناس أساليبها من خلال المشاهد الدرامية.
ولذلك، نهى الله تعالى عن إشاعة الفاحشة، حتى لمن لم يرتكبها، فقال: “إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ” (النور: 19). فإن كان مجرد حب إشاعتها يستوجب العذاب الأليم،
فكيف بمن ينشرها ويجعلها مألوفة للناس؟ وكيف بمن يفعلها ويرتكبها؟
إن كثرة الحديث عن الفواحش، سواء في الإعلام أو في المجالس، يهوّن من وقعها في القلوب، ويجعلها مألوفة ومقبولة، حتى تصبح النفوس مهيأة لفعلها. لذا، علينا أن ننتقي كلماتنا، ونتجنب الحديث عن الشر، ونغرس الإيجابية في ألسنتنا وعقولنا، حتى يكون حديثنا سببًا في نشر الخير، لا أداةً لنقل الشر وتعليمه.
الكلمة الطيبة والتفاؤل.. درع في مواجهة السلبية والقسوة
أصبحت السلبية اليوم عنوانًا للتفكير، وأضحى التشاؤم والانتقاد المفرط من مظاهر “الوعي الزائف”، حيث يتنافس البعض في الحديث عن الظلام واليأس وكأنها علامة على الذكاء والواقعية. لكن رسول الله ﷺ نبّهنا إلى خطر هذا السلوك فقال: “من قال هلك الناس فهو أهلكهم”، أي أنه إما كان سببًا في هلاكهم، أو كان هو الأكثر فسادًا بينهم بنشره لهذا الفكر.
الكلمة الإيجابية لا تغير الواقع فقط، بل تصنعه.