أكل حقوق العباد

بقلم الشيخ : سعد طه

في هذا الزمان، كثيرٌ من الناس يقفون إلى جانب القوي، ولو كان ظالمًا، ولو كان آكلًا لحقوق غيره، ولا يلتفتون إلى المظلوم، أو إلى من سُلب حقه. ولذلك، فإن العيب لا يقع فقط على الظالم، بل الأعظم منه هو العيب على من ساند الظالم ووقف في صفه.

فرعون – عليه لعائن الله – كان يأمر جنوده بسرقة أموال الناس، وانتهاك أعراض النساء، وقتل الرجال والأطفال، ومع ذلك، لم يخصّه الله تعالى وحده بالعذاب، بل جعله له ولجنوده جميعًا، فقال سبحانه: “إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين”، وقال كذلك: “فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليمّ”. فالعقاب لم يكن لفرعون وحده، بل لكل من عاونه وسايره.

وقد قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله: “الكلمة الخبيثة أن تقول كلمة ظلم كي تنصر بها الظالم”. فالظالم لا يستطيع الاستمرار في ظلمه إلا بتأييد الظالمين من حوله.

وأما المظلوم في زماننا، فقد بات الناس يسبّونه، ويصفونه بسوء الادب لأنه يطالب بحقه، لكنه يجب أن يعلم يقينًا أن الناس لا قيمة لهم إن خذلوه، وأن الله تعالى لا يُضيع حقًّا، وسيعيد إليه مظلمته، وسينتقم من ظالمه.

واحفظوا هذه الكلمة جيدًا كما قال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله: “من أخذ أموال الناس بغير حق، جاع بحق”.

والظالم اليوم لا يحترف الظلم إلا بعد أن يتعلم كيف يخدع الناس باسم القانون، أو أن يتزيّا بزيّ التقوى، فيرتدي ثوب العفة وكأنه شيخ فاضل، فتُفتن الناس بكلامه، وتُخدع بمظهره.

ينام الظالم مطمئنًا، بينما يظل المظلوم ساهرًا يدعو عليه، وعين الله لا تنام. قال الله تعالى: “ولا تحسبن الله غافلًا عمّا يعمل الظالمون، إنما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار”.

ومن الناس من يطالب بحقه بسوء أدبه، ومنهم من يطالب به بالدين والشرع، ولكن في النهاية، المطالبة بالحق لا تفسد المظلومية، والسكوت عن الحق لا يبرر ظلم الظالم.

ومن غرته قوته لظلم الناس فهناك محكمة عدل إلهية لا تغفل ولا تنام.قال تعالى: “وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *