“صحح مفاهيمك”.. حملة وطنية أطلقتها وزارة الأوقاف لتصحيح المفاهيم وبناء وعي المجتمع

بقلم فضيلة الشيخ : حسين السمنودي
إمام وخطيب ومدرس على درجة مدير عام بمديرية أوقاف القاهرة

في ظل التحديات المتعاظمة التي تواجه وطننا العزيز، داخليًا وخارجيًا، أدركت الدولة المصرية أهمية ترسيخ المفاهيم الصحيحة في عقول أبناء المجتمع، كحائط صد متين يحمي الوطن من التيارات الفكرية المنحرفة وحروب الجيل الرابع والخامس التي تستهدف ضرب ثوابت المجتمع وتشويه قيمه.

ومن هذا المنطلق الوطني الرشيد، أطلقت وزارة الأوقاف المصرية حملة كبرى تحت عنوان “صحح مفاهيمك”، لتكون قاطرة توعوية وتنويرية تهدف إلى حماية العقول من الأفكار الهدامة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وبث روح الوعي والفهم السليم في نفوس أبناء الشعب المصري بجميع فئاته.

إن هذه الحملة المباركة لا تقتصر على الجانب الديني فحسب، بل تمتد لتشمل كل جوانب الحياة الفكرية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والتربوية. فهي دعوة صريحة لكل إمام وداعية، وكل معلم ومربي، وكل إعلامي ومسؤول، بل ولكل مواطن غيور على دينه ووطنه، أن يشارك بفاعلية في نشر المفاهيم الصحيحة، وأن يسهم بجهده وفكره وقلمه وصوته في تحصين مجتمعه من مخاطر الفوضى الفكرية والتمييع القيمي.

لقد أدركت وزارة الأوقاف بقيادتها الوطنية الرشيدة، أن بناء الإنسان الواعي هو الركيزة الأساسية لبناء وطن قوي. ولهذا جاءت حملة “صحح مفاهيمك” كمشروع وطني متكامل الأركان، يتفاعل مع جميع شرائح المجتمع. توجهت الحملة إلى المساجد والمنابر، حيث دعا الأئمة والخطباء الناس إلى التمسك بتعاليم الإسلام الصحيحة التي تدعو إلى الرحمة والسلام واحترام الآخر، ونبذ العنف والتطرف. كما وصلت الحملة إلى المدارس والجامعات، حيث جرى توعية الطلاب بأهمية التفكير النقدي، وتحذيرهم من الأفكار المغلوطة التي تبثها بعض الجهات المعادية تحت شعارات خداعة.

وفي الإعلام، كان لحملة “صحح مفاهيمك” حضور لافت من خلال الرسائل الإعلامية المصممة بعناية، لتصحيح المفاهيم، ونشر ثقافة التسامح والاعتدال، والدعوة إلى الحفاظ على القيم الوطنية. وقد دعت الحملة جميع الإعلاميين إلى التفاعل الجاد مع رسائلها، ونشرها على أوسع نطاق، لما للإعلام من تأثير بالغ في تشكيل وعي الشعوب. وتؤكد الحملة أن كل مواطن هو جندي في معركة الوعي. كل معلم في مدرسته، كل إمام في مسجده، كل إعلامي في برنامجه، كل أب وأم في بيتهما، كل شاب وفتاة على منصات التواصل الاجتماعي، جميعهم مدعوون إلى نشر المفاهيم الصحيحة، والتصدي للفكر المنحرف. لقد أصبح الدفاع عن الوطن لا يقتصر على حمل السلاح، بل يشمل أيضًا حمل الكلمة الطيبة، والموقف السليم، والمعلومة الصحيحة.

وفي عالم تتسارع فيه وتيرة التغيير، وتسعى بعض القوى المعادية إلى زعزعة استقرار المجتمعات عبر نشر الشائعات والأفكار المغلوطة، يصبح تصحيح المفاهيم ضرورة وجودية للحفاظ على وحدة الوطن وأمنه القومي. إن المفاهيم المغلوطة قد تؤدي إلى تفكك المجتمعات، وضعف الدول، لذا فإن إعادة ضبط البوصلة الفكرية للأجيال الصاعدة يُعد من أهم إنجازات الحملة. وقد عبّر الأستاذ محمود الجلاد، معاون وزير الأوقاف للشؤون الإعلامية، عن أهمية الحملة قائلاً: “إننا ندعو كل إمام وداعية، وكل إعلامي ومعلم، وكل أب وأم، بل وكل مواطن غيور على دينه ووطنه، إلى التفاعل الجاد مع الحملة، بنشر محتواها، ومشاركة رسائلها، ومساعدة الناس على الوصول إليها، وتعريف بعضنا البعض بها، حتى نسهم جميعًا في بناء مجتمع أكثر وعيًا، وأقدر على مواجهة التحديات بقيمه وثوابته.”

إن حملة “صحح مفاهيمك” ليست مجرد حملة توعوية عابرة، بل هي نداء وطني صادق من أجل إنقاذ العقول قبل أن تضيع، ومن أجل حماية الأجيال قبل أن تنجرف وراء دعاوى باطلة. هي حملة بناء الإنسان قبل بناء العمران. هي صوت الحكمة والعقل في زمن كثرت فيه الأصوات المضللة. لذلك، فالمشاركة في هذه الحملة واجب وطني على كل مصري مخلص، يسعى لحماية بلده، وصون هويته، ودعم مسيرة وطنه نحو مستقبل مشرق وآمن ومستقر.

وختامًا، فإن حملة “صحح مفاهيمك” التي أطلقتها وزارة الأوقاف ليست مجرد نشاط عابر أو جهد وقتي، بل هي معركة وعي حقيقية تخوضها مصر نيابة عن أمتها وعن كل قوى الخير في العالم. إنها معركة بناء العقول وحماية الهوية وصيانة القيم. معركة تثبيت أركان الوعي في مواجهة عواصف التزييف والتيه. إن كل كلمة حق تُقال، وكل مفهوم صحيح يُنشر، وكل جيل واعٍ يُربّى، هو بمثابة طوبة تُرَصُّ في جدار الوطن، ليرتفع عاليًا شامخًا لا تهزه الرياح، ولا تنال منه الأيادي الآثمة. فلنكن جميعًا جنودًا في معركة الوعي، داعمين لهذه الحملة المباركة، ناشرين لنورها في كل مكان، لنرد الجميل لوطننا الغالي مصر، ولنسلم الراية للأجيال القادمة بيضاء نقية كما تسلمناها من آبائنا وأجدادنا، ولتبقى مصر – بإذن الله – كما كانت دائمًا، واحة أمن وأمان، ومنارة علم ووعي، وحصنًا منيعًا في وجه كل معتدٍ أو غادر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *